المغرب يقطع خطوة هامة على طريق تأسيس صناعة دفاعية

المنطقة الصناعية 'ميدبارك' بالنواصر ستحتضن مصنعا سيتولي تجميع هياكل طائرات أف - 16، في خطوة من شأنها أن تعطي دفعة قوية لجهود توطين الصناعة الدفاعية.

الرباط - يشكّل انضمام المغرب إلى عدة دول ستصنع أجزاء من مقاتلات أف 16 الأميكرية خطوة هامة على طريق إرساء صناعة دفاعية محلية، في إطار إستراتيجية طموحة تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال تسليح قواته وتجيهزها بأحدث الأسلحة بعد أن رسخت المملكة مكانتها كقوة عسكرية صاعدة، فيما ينظر إليها كشريك حيوي تعوّل عليه الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية في مكافحة الإرهاب والتصدي لكافة أشكال الجريمة العابرة للحدود وبسط الأمن في منطقة شديدة الاضطراب.

وستحتضن المنطقة الصناعية 'ميدبارك' بالنواصر المصنع الذي سيتولي تجميع هياكل طائرات أف - 16 الأكثر تطورات في العالم، وفق موقع الدفاع العربي المختص في الأخبار العسكرية لدول المنطقة.

وبحسب المصدر نفسه يتوقع أن يضمّ المشروع خطوط إنتاج بمعايير عالية الدقة بما يشمل توظف أنظمة تصنيع متقدمة، مع مشاركة كفاءات مغربية مكونة في هندسة وصيانة الطيران.

ولم يأت حصول المملكة على ترخيص أميركي لتنصيع مكونات أف - 16 من فراغ بل هو ثمرة جهود مغربية أفضت إلى توفير الظروف الملائمة لتوطين الصناعة الدفاعية بما يشمل إقرار قانون لتصنيع السلاح وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة.

ودشن المغرب خلال الآونة الأخيرة منطقتين صناعيتين، فيما أبدى مستثمرون أجانب رغبتهم في بعث مشاريع في المملكة، للاستفادة من التسهيلات والحوافز، فضلا عن الاستقرار السياسي والأمني الذي يتمتع به البلد.

ويراهن البلد على خبرته التي راكمها في توطين عدة صناعات يتصدرها تصنيع وتركيب السيارات لكسب هذا التحدي، في وقت تشير فيه تقارير إلى أن المملكة تحولت إلى منافس جدي للدول المهيمنة على السوق العالمية.

ويتوقع أن يقلل تصنيع المغرب أجزاء من أف 16 من اعتماد البلد على الاستيراد للحصول على هياكل الطائرات، ويمنحه مرونة أكبر في إدارة أسطوله من المقاتلات الأشد فتكا، كما يمهد له الطريق لتأسيس قاعدة صناعية عسكرية مغربية، وهو هدف استراتيجي للمملكة لتعزيز استقلالها في مجال الدفاع.
وينتظر أن يفتح المشروع الجديد العديد من الآفاق أمام المملكة من بينها التحول إلى مركز إقليمي لصيانة وتحديث وتصنيع مكونات أف 16 لدول أخرى في المنطقة التي تستخدم نفس المقاتلة.

وستساهم هذه الصناعة في الرفع في القدرات الدفاعية للقوات المسلحة الملكية، فيما يتوقع أن ينظر إلى هذه الخطوة في بعض الأوساط الإقليمية على أنها تعزيز لقوة المغرب العسكرية، مما قد يؤثر على توازن القوى في منطقة شمال أفريقيا.

ويرى متابعون أن المشروع الجديد سيؤدي إلى نقل التكنولوجيا وتوطين المعرفة من خلال الاستفادة من الشركات المصنعة الأصلية مثل ''لوكهيد مارتن'، مما يساهم في تطوير الكفاءات الهندسية والصناعية في المغرب.
كما سيخلق إنشاء مصانع وورش عمل لتصنيع هياكل الطائرات المئات من فرص العمل الجديدة للمغاربة في قطاعات التكنولوجيا والهندسة والتصنيع المتقدم، فضلا عن انعكاساته الإيجابية على قطاع الطيران الذي يشهد بالفعل تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة.
ويقيم هذا التعاون في مجال تصنيع الطائرات الدليل على عمق وقوة الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة، خاصة في المجال العسكري، فيما يعكس اختيار الرباط كشريك في برنامج تصنيع أف 16 اعتراف واشنطن بقدرات المملك الصناعية والتكنولوجية.
وتبعث هذه الخطوة برسالة واضحة من المغرب تؤكد سعيه لتعزيز قدراته الدفاعية بشكل مستقل، ما من شأنه يرسخ مكانته كشريك حيوي في بسط الأمن وحفظ الاستقرار في المنطقة. 

وحلّ المغرب في المرتبة السادسة في مؤشر القوة النارية، وفق موقع 'غولوبال فاير باور' الدولي الذي يتابع أخبار جيوش العالم، بينما أصحبت القوات المسلحة الملكية محل اهتمام الصحافة الدولية والمواقع المختصة التي باتت تتابع بدقة التحولات الضخمة في مختلف القطاعات.

وتأتي هذه التحولات تنفيذا لتوجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي يولي أهمية كبيرة لتسليح الجيش وتجهيزه بأحدث العتاد وتكوين عناصر قواته، بهدف تعزيز أمن بلاده ودعم الأمن الإقليمي والرفع في قدرات المملكة على مواجهة التحديات في محيط مضطرب .