الملل نعمة للصحة العقلية!

دراسة فرسية وجدت ان الإحساس بالملل ينطوي على عديد من الفوائد مثل تعزيز الابداع واعطاء فرصة لانفسنا للراحة واستعاب الماضي.

باريس – هل تسرب الملل لحياتك حتى بات يلون كافة جوانيها بالكامل باللون الرمادي الباهت؟ ربما تعتقد ان الملل على الاحسن غير مؤذ بجرعات معينة، لكن دراسة جديدة وجدت انه ضروري بل مفيدا للصحة العقلية.

الملل هو شعور عاطفي يتيح لك معرفة أنك تفعل شيئا لا يمتعك عقليا ولا يمنحك إحساسا بالرضا والتحدي. وعادة يمكن أن يخبرك الملل بأمرين: أولا، أنك لست حاضرا تماما في النشاط الذي تمارسه، وثانيا أن النشاط لا يحمل معنى أو أهمية بالنسبة لك.

ويمكن أن يظهر الملل بطريقتين، إما من خلال إحساس شديد بالخمول والتعب واللامبالاة، وإما بالانفعال والشعور بالعصبية والغضب.

لكن دراسة نشرتها صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية وجدت ان هذا الإحساس ينطوي على عديد من الفوائد لا سيما على الصحة العقلية للإنسان.

واستندت الدراسة الطبية النفسية التي أجريت في فرنسا، إلى ما عاشه الفرنسيون خلال فترة العزل الصحي، عقب تفشي فيروس كورونا المستجد، حيث لازم الجميع بيوتهم وسط اعتقاد سائد بأن القلق سيتمكن منهم ويدمر الصحة النفسية للغالبية منهم.

وقالت الصحيفة إنه "منذ تصاعد موجة كورونا الأولى في أواخر الثلاثية الأولى من العام 2020، بدأ الفرنسيون يديرون عملهم من خلال اجتماعات بالفيديو، معلنين على شبكات التواصل الاجتماعي أنهم سيعيدون قراءة كتبهم المفضلة، ويشرعون في التدريب عبرالإنترنت، وحتى تعلم لغة أجنبية". 

أضافت أنه "في حين كان الاعتقاد أن فترة العزل الصحي المسببة لكثرة الكسل والملل والفراغ، ستكون عواقبها الصحية وخيمة بما يعطي الانطباع بأن الدقائق تمر متشابهة إلى ما لا نهاية له، كان رأي الطبيب النفسي باتريك ليموين، مخالفا تماما لتلك المقاربة".

يمكن أن يظهر وميض العبقرية

وذكر ليموين في تقريرنشره مؤخرا أنّه "لم تكن مكافحة الملل مجدية بمثل الفعالية التي توقعها الكثيرون، بل تواصل القلق حتى حين استعمال الهواتف المحمولة والتزود بالمعلومات أو الترفيه أو تمضية الوقت، ومع ذلك، فقد أثبتت تلك التجارب أن الملل له جوانب جيدة". 

وأضاف: "ما الذي يدور في أذهاننا عندما نشعر بالملل؟ لا شك أن العقل سيظهر وكأنه يطير، وتنفتح بذلك الفجوات بين الدماغ الأيمن والأيسر.. ويمكن أن يظهر وميض العبقرية".

وتابع التقرير في هذا الباب أنّه "عندما تسلك طريقًا مألوفًا، أو تؤدي مهمة متكررة، أو تغرق في التفكير أثناء الانتظار في محطّة قطار، يمكن للدماغ أن يبطئ ويستوعب اللحظات الماضية".

من جهته، المعالج النفسي أوديل شابرلايك قائلا: "نحن لسنا آلات! إذا لم نمنح أنفسنا وقتًا لقضاء الإجازة فسينتهي الأمر بجسمنا إلى فرض ذلك علينا، وهذا يمكن أن يؤدي إلى الإرهاق".

ووفقا لأغلب الباحثين في علم النفس وعلم الاجتماع في فرنسا والولايات المتحدة، فإن الملل يعزز الإبداع.

وفي دراسة طبية نفسية أميركية نشرت في عام 2014 أظهرت اختبارات نفسية أجريت على مجموعة من 40 شخصا تم سؤالهم قبل القيام بمهمة مملة، إبداعا أكبر من مجموعة أخرى لم تخضع لأي شكل من أشكال المهام المملة وفقا لما أوردته "لوفيغارو".

وتؤكّد عالمة الأعصاب أليسيا والف من جانبها "أهمية أن نشعر بالملل من وقت لآخر لصحتنا العقلية".

ويقول الكتاب المشهورون إنهم استخرجوا أفضل أفكارهم أثناء البستنة أو الاستحمام، بحسب التقرير الفرنسي.