الناتو يتضامن مع تركيا دون تعهد بدعمها في سوريا
بروكسل - أعرب حلف شمال الأطلسي (الناتو) الجمعة عن تضامنه مع أنقرة ودعمه لها بعد مقتل 33 جنديا تركيا على الأقل في سوريا، لكن دون أن يقدّم تعهّدات بأي إجراءات جديدة ملموسة للدفاع عن القوات التركية.
وعقد مجلس الحلف محادثات طارئة بطلب من تركيا بعدما تسببت غارة جوية في إدلب نُسبت إلى دمشق برفع منسوب التوتر.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ إن الحلفاء وافقوا على المحافظة على الإجراءات القائمة حاليا لتعزيز قدرات تركيا الدفاعية الجوية، لكنه لم يلمّح إلى أي خطوات جديدة تتجاوز التعهّد بشكل عام بالبحث في ما يمكن القيام به أكثر من ذلك.
وقال "يقدّم أعضاء حلف شمال الأطلسي الدعم لتركيا اليوم. نعزز دفاعاتهم الجوية ولدينا طائرة ضمن نظام الإنذار المبكر والتحكم جوا تساعد في مراقبة الأجواء وهناك كذلك زيارات للموانئ ونقدم أشكالا أخرى من الدعم"، مضيفا "لكن الحلفاء يبحثون على الدوام عن ما يمكنهم القيام به أكثر من ذلك لتقديم المزيد من الدعم لتركيا".
وأدان ستولتنبرغ دمشق وموسكو وحضّهما على وضع حد للعنف في إدلب. وقال "ندعو روسيا ونظام الأسد لوقف الهجمات ووقف الهجمات الجوية العشوائية والانخراط في دعم الجهود التي تقودها الأمم المتحدة لإيجاد حل دائم سياسي وسلمي للأزمة في سوريا".
ودعا حلف شمال الأطلسي إلى الاجتماع الجمعة بموجب المادة الرابعة من ميثاق الحلف الذي يتيح لأي دولة عضو طلب عقد محادثات إذا اعتقدت بوجود تهديد لـ"وحدة وسلامة أراضيها واستقلالها السياسي أو أمنها".
والمادة منفصلة عن المادة الخامسة المرتبطة بميثاق الدفاع المتبادل عن النفس التي تتحدّث عن الهجوم على أراضي أي بلد عضو.
ودعا متحدث باسم الرئاسة التركية في وقت سابق إلى إقامة منطقة حظر جوّي لحماية المدنيين في إدلب، حيث تحاول قوات الرئيس السوري بشار الأسد استعادة آخر معقل لفصائل المعارضة.
واستعادت قوات الأسد مدعومة بضربات جوية روسية منذ ديسمبر/كانون الأول أجزاء من منطقة إدلب في هجوم دفع مليون شخص للنزوح.
وتأتي آخر الخسائر التركية في إدلب بعد أسابيع على التوتر المتزايد بين أنقرة وموسكو. وترفع حصيلة العسكريين الأتراك الذين قتلوا في المحافظة السورية هذا الشهر إلى 53.
ودعت أنقرة لعقد المحادثات بموجب المادة الرابعة عدة مرّات خلال السنوات الأخيرة بينها مرتان في 2012 كانت إحداهما عقب إسقاط قوات النظام السوري إحدى مقاتلاتها ومرة في 2015 عقب سلسلة هجمات إرهابية في تركيا. وبعد أحداث 2012، وافق حلف الأطلسي على نشر منظومة باتريوت الدفاعية في تركيا.
وأعلن البيت الأبيض أن الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والتركي رجب طيب أردوغان طالبا الجمعة روسيا وسوريا بـ"وقف" هجوم عسكري في منطقة ادلب.
وقال في بيان إن ترامب "عبر في اتصال هاتفي عن تعازيه وإدانته" للقصف الذي شنته القوات السورية المدعومة من روسيا الخميس وقتل فيه 33 جنديا تركيا.
وتابع "اتفق الزعيمان على أنه يجب على النظام السوري وروسيا والنظام الإيراني وقف هجومهم قبل قتل وتشريد المزيد من المدنيين الأبرياء".
وعبرت فرنسا كذلك عن تضامنها مع تركيا منددة في الوقت ذاته باستمرار الهجوم السوري الروسي على ادلب ومقتل عشرات من القوات التركية.
تركيا تردّ جوا وبرا انتقاما لمقتل 33 من جنودها
وردت تركيا الجمعة على مقتل 33 من جنودها في ادلب بقصف جوي ومدفعي قتل فيه 31 عنصرا على الأقل من قوات النظام السوري، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الجمعة.
وأفاد المرصد عن "قصف تركي بالمدفعية والطائرات المسيّرة استهدف صباحا مواقع لقوات النظام في أرياف إدلب الشرقية والجنوبية والجنوبية الشرقية"، ما تسبب بمقتل 16 عنصرا من قوات النظام على الأقل.
وفي وقت لاحق، أحصى مقتل 11 عنصرا من قوات النظام بقصف لطائرات تركية مسيّرة قرب مدينة سراقب، حيث تدور معارك مستمرة بين الفصائل المقاتلة بدعم تركي وقوات النظام المدعومة من روسيا.
وقتل أربعة آخرون من قوات النظام جراء قصف مدفعي تركي على بلدة العريمة في ريف حلب الشمالي الشرقي، بحسب المرصد.

واتّهمت السلطات التركية قوات النظام بشنّ غارات في إدلب الخميس تسبّبت بمقتل 33 من جنودها، قبل أن تعلن ردّها بقصف مواقع لقوات النظام "من الجو والأرض".
ومع التصعيد الأخير، ارتفع عدد القتلى في صفوف القوات التركية في إدلب إلى 53 منذ مطلع الشهر الحالي. وشهدت الأسابيع الأخيرة عدة مواجهات بين الطرفين وتبادلا لإطلاق النار.
ولم تعلّق دمشق على التصعيد الأخير مع أنقرة، بينما ندد مصدر عسكري، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، بما وصفه بـ"التهويل والمبالغة ومضاعفة حجم الخسائر" في صفوف الجيش السوري.
وترسل تركيا منذ أسابيع تعزيزات عسكرية إلى إدلب دعما للفصائل. كما تنشر 12 نقطة مراقبة على الأقل في المنطقة بموجب اتفاق أبرمته مع موسكو الداعمة لدمشق في سبتمبر/ايلول 2018.
وتتهم دمشق أنقرة بتقديم الدعم العسكري المباشر للفصائل التي تمكّنت الخميس من استعادة مدينة سراقب ذات الموقع الاستراتيجي على طريقين دوليين، بعد ثلاثة أسابيع من سيطرة قوات النظام عليها.
وندّد مصدر في وزارة الخارجية السورية في بيان نقلته سانا بـ"تورط قوات (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان بالقتال جنباً إلى جنب مع المجموعات الإرهابية والتكفيرية"، مؤكدا عزم الجيش على "تنفيذ مهامه المتمثلة بإنهاء الوجود الإرهابي في كافة أنحاء سوريا".
ونقلت وكالة 'سانا' عن المصدر العسكري أن القوات التركية "تنخرط بشكل مباشر في قيادة هجمات التنظيمات الإرهابية" ضد قواتها وتقدّم لها "الدعم الناري المدفعي والصاروخي والطيران المسيّر".
ولا تزال المعارك العنيفة مستمرة في محيط سراقب الجمعة، وفق ما قال مدير المرصد رامي عبدالرحمن، مؤكدا أن "القصف التركي دعما للفصائل يعيق تقدّم قوات النظام التي تمكّنت فقط من استعادة السيطرة على المنطقة الصناعية في المدينة".
وأعلن وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الجمعة أن الاتحاد الأوروبي قلق من "مخاطر مواجهة عسكرية دولية كبرى" في سوريا وسيتخذ "كل الإجراءات اللازمة لحماية مصالحه في مجال الأمن".
وكتب في تغريدة على تويتر "من الضروري وقف التصعيد الحالي. هناك خطر انزلاق إلى مواجهة عسكرية دولية مفتوحة كبرى"، مضيفا أن "الاتحاد الأوروبي يدعو كل الأطراف إلى سرعة وقف التصعيد ويأسف لكل الخسائر البشرية".
وقال أيضا إن الاتحاد الأوروبي سيتخذ "كل الإجراءات اللازمة لحماية مصالحه في مجال الأمن ونحن على اتصال مع كل الأطراف المعنية".
ولاحقا، أجرى بوريل اتصالا هاتفيا مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وجدد دعوته إلى خفض التصعيد. وكتب على تويتر إنه شدد على "الحاجة الملحة لوصول المساعدات للاجئين" في منطقة إدلب.
وتأتي هذه التطورات بينما أجرى الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان الجمعة محادثات هاتفية سعيا إلى احتواء التصعيد في شمال غرب سوريا، وسط احتمال عقد قمة بينهما الأسبوع المقبل في موسكو.
وناقش جنرالان روسي وأميركي كبيران أيضا الوضع في سوريا خلال محادثات هاتفية الجمعة فيما يتصاعد التوتر بين موسكو وأنقرة.
وتحدث فاليري غيراسيموف رئيس هيئة الأركان العامة الروسية إلى نظيره الأميركي الجنرال مارك ميلي و"تبادلا الآراء حول الوضع في سوريا ومسائل أخرى ذات الاهتمام المشترك"، وفق بيان لوزارة الدفاع الروسية، لكن لم ترد تفاصيل أخرى عن مضمون المحادثة.
الأمم المتحدة تعلن عن استعدادات لإرسال فريق أممي إلى محافظة إدلب للوقوف على حقيقة ما يجري على الأرض مع استمرار المعارك وموجات النزوح
ويجري مسؤولون عسكريون روس وأميركيون بانتظام محادثات لمناقشة الوضع في سوريا.
وفي أعقاب تدخل روسيا في سوريا عام 2015 بضربات جوية دعما لنظام الأسد، أقام التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة وموسكو خطا ساخنا "لفض النزاعات" بهدف منع الجانبين من قصف القوات البرية للجانب الآخر في نفس المجال الجوي.
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش الجمعة بدء تحضيرات لإرسال فريق أممي إلى محافظة إدلب شمالي سوريا للوقوف على حقيقة ما يجري على الأرض.
وقال في مؤتمر صحفي إن "فريقا من موظفي الأمم المتحدة يجري الآن التحضير لإرسالهم إلى إدلب للوقوف على حقيقة ما يجري على الأرض"، دون ذكر المزيد من التفاصيل بهذا الخصوص.
وأكد على أن "وقف إطلاق النار في إدلب هو الحاجة الأكثر إلحاحا الآن قبل خروج الوضع عن السيطرة"، مضيفا أن "ما يقرب مليون شخص فروا من منازلهم خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بينما تواصل الغارات الجوية ضرب المدارس والمرافق الطبية والمخيمات".
وحذر غوتيرش من أن "الخناق يتواصل على الناس هناك مع الوصول إلى المناطق المكتظة بالسكان"، مجددا تأكيده على أنه "لا حل عسكري للصراع في سوريا".
وتابع "لقد حذرت في الأيام الأخيرة مرارا وتكرارا من خطر التصعيد الخطير للأعمال العدائية شمالي سوريا دون اتخاذ إجراءات عاجلة. نحن أمام واحدة من أكثر اللحظات إثارة للقلق خلال فترة الصراع السوري وكما هو الحال دائما ، يدفع المدنيون الثمن الباهظ".