النساء يطوعن الدب الذهبي في برلين السينمائي

المهرجان يرفع صوت الأرياف والمرأة من خلال منح جائزة الاهم لفيلم 'ألكاراس' للمخرجة الإسبانية كارلا سيمون فيما سيطرت أخريات على أبرز الجوائز المتبقية.

برلين - رفع مهرجان برلين السينمائي صوت الأرياف والمرأة من خلال منح جائزة الدب الذهبي لفيلم "ألكاراس" للمخرجة الإسبانية كارلا سيمون التي تصدرت قائمة الفائزين المؤلفة بصورة شبه حصرية من النساء.

وباتت سيمون بذلك ثالث مخرجة شابة يفوز فيلمها بالجائزة الكبرى في أحدث دورات المهرجانات السينمائية الأوروبية الكبرى، بعد حصول الفرنسية جوليا دوكورنو على السعفة الذهبية في مهرجان كان ومواطنتها من أصل لبناني أودري ديوان على الأسد الذهبي في مهرجان البندقية.

ومع أخذ فوز الأميركية من أصل صيني كلويه جاو بأهم جوائز الأوسكار لعام 2021 بفضل فيلمها "نومادلاند" في الاعتبار، يبدو أن القائمين على أبرز المكافآت السينمائية العالمية يحاولون، بعد أربع سنوات ونيّف على انكشاف فضائح هارفي واينستين، إظهار رغبة في إعادة التوازن إلى قطاع لطالما هيمن عليه الرجال.

وسيطرت النساء على أبرز جوائز مهرجان برلين الأخرى أيضاً، إذ حصلت الفرنسية كلير دوني على جائزة أفضل إخراج عن "أفيك أمور إيه أشارنومان"، فيما حصلت الألمانية التركية ميلتيم كابتان على جائزة أفضل تمثيل في دور رئيسي (للجنسين) عن فيلم "رز ضد جورج دبليو بوش". كذلك فازت الإندونيسية لورا بازوكي بجائزة أفضل تمثيل في دور مساند (للجنسين) عن فيلم "نانا".

وتسلط جائزة الدب الذهبي الضوء على مستقبل الزراعة والمزارعين الذين تربك الحداثة حياتهم.

ويشكّل "ألكاراس" تحية إلى المزارعين الإسبان الصغار، وتدور أحداثه خلال فصل الصيف في منطقة مشمسة من كاتالونيا.

وأشاد رئيس لجنة التحكيم المخرج الأميركي إم نايت شيامالان بأداء الممثلين، معتبراً أنهم "أحسنوا إظهار حنان أسرة وكفاحها"، وإبراز "ارتباطنا الوثيق بالأرض".

وتوجهت المخرجة التي فقدت والديها في سن مبكرة وكبرت قرب مدينة ألكاراس الصغيرة، بشكر إلى أفراد عائلتها التي "كانت تزرع الدراق"، عازية إليهم الفضل بـ"تقريبها لهذه الدرجة من هذا العالم".

كذلك أهدت المخرجة التي حصلت في مهرجان برلين عام 2017 على جائزة أفضل فيلم أول لمخرجه عن "إيستيو 1993" ("صيف 1993")، جائزتها الأربعاء إلى "عائلات المزارعين الصغار الذين يحرثون أرضهم كل يوم لكي نملأ صحوننا".

اقتلاع الأشجار

وهذا العالم الآيل إلى الاختفاء هو الذي يجتاح الشاشة في "ألكاراس"، وخصوصاً أن الممثلين غير محترفين اختيروا من بين أهالي المنطقة.

ويتناول الفيلم قصة عائلة سوليه التي زرعت أجيالها الثلاثة المئات من أشجار الخوخ في أراضي ملاّك أثرياء.

لكن هؤلاء قرروا اقتلاع الأشجار لتركيب ألواح شمسية مكانها، وخيروا عائلة سوليه بين الرحيل أو التكيف مع هذا الوضع الجديد، لكنّ رب الأسرة كيميت يرفض رؤية عالمه يتلاشى.

ويؤدي هذا الوضع إلى اهتزاز توازن العائلة بأكملها، من الأطفال إلى كبار السن، ما يهدد بانهياره.

ويجمع الفيلم بين كونه مؤثراً، وبين تناوله بعمق قضايا التحديث القسري للريف والصراع بين البيئة والانتقال البيئي.

وقالت المخرجة إنها لا ترى "أي مستقبل إطلاقاً" للأراضي الزراعية العائلية الصغيرة.

وأوضحت في مقابلة الثلاثاء أن الأسعار غير عادلة، ملاحظة أن "الشركات الكبرى آخذة في التكاثر". وأضافت "لا أرى أملاً سوى في الزراعة العضوية".

وخلفت كارلا سيمون الفائز بجائزة الدب الذهبي العام الفائت للروماني رادو جوده، بعد دورة أقيمت بالصيغة الحضورية لكنها اختُصرت بسبب الجائحة، وشهدت منافسة محتدمة.

ويمكن للمنظمين أن يفتخروا بنجاحهم في تنظيم المهرجان ولو وسط إجراءات صحية صارمة، بعد نسخة العام المنصرم التي أقيمت عبر الإنترنت حصراً.

ولم يعكّر صفو المهرجان سوى غياب اسم سينمائي كبير جداً هي الفرنسية إيزابيل أوبير التي كان من المقرر منحها جائزة فخرية عن مجمل مسيرتها التمثيلية، لكن تبين عشية تسلمها الجائزة أنها مصابة بفيروس كورونا، فاضطرت إلى صرف النظر عن التوجه إلى برلين.