النسوية الإسلامية أم إسلامية التفكير النسوي بوصفه إيديولوجية؟

النسوية الإسلامية النقدية وقعت تحت وطأة ضغط الاستقطاب الأيديولوجي في المساومة والترضية للوعي الديني الذكوري، إنها ليست أكثر من إسلامية التفكير النسوي في تمثل القيم والرؤى.

"كنا أغبياء وجبناء وكانوا أذكياء وجبابرة. تنازلنا عن حقوقنا طواعية وكانوا أذكياء في أن يضعوا أيديهم على أي شيء ليس له مالك وهكذا أصبحنا في وضع غير متكافئ، ليس من حيث الملكية وإنما من حيث معرفة ما لنا وما لهم والجهل هو دائما الوجه الأخر للعبودية، ولذلك انتهينا إلى الوضع الذي وصلنا إليه!" عبدالرحمن منيف

النسوية الإسلامية، تحت هذه اللافتة تنضوي الكثير من التيارات والتنظيمات الحزبية الأيديولوجية السياسية والجمعيات المدنية الدعوية والثقافية والخيرية التي تتلبس قناع هذه التسمية.

وتتلبس قناع هذه التسمية إما رغبة في تهريب المفاهيم والمصطلحات وتفريغها من مضمونها المعرفي والفكري والسياسي وشحنها بالمنطلقات الفكرية والسياسية والقناعات والمبادئ الاعتقادية المراد تمريرها وانتشارها للتغلب على ما تسميه الغزو الثقافي الذي يتهددها في عقر دارها الهووية.

وإما من طرف توجه يعتبر نفسه جزءا عضويا من التربة الأيديولوجية والفكرية والسياسية للعقل النقدي المستنير الذي يحاول التأسيس الموضوعي والذاتي لتبيئة القيم الحداثية والكونية من خلال إعادة النظر نقديا بواسطة أدوات وآليات النقد والتفكيك والتأويل للتراث الهوويفي خصوصيته الثقافية والدينية.

ويتم هذا انطلاقا من داخل حدود سقف النص الديني الذي يعتبر في نظر هذا التوجه الثاني، بمثابة القاعدة الأساس لتشكل الموروث الثقافي  والفكري والديني لذلك يعمل هؤلاءعلى تحديثه وتكييفه وأقلمته مع الشرط الحضاري الإنساني لما وصلت اليه الحداثة.

وهذا يعني تبعا لوجهة نظرهن أنهن يخضن معركة الإصلاح الديني الثقافي من خلال رؤية نسوية تعتقدن أنها متجذرة أسسها ومعانيها، في النص الديني المؤسس.

والواضح أن هذا الاجتهاد يتم بناء على مبدأ تأويلي إيديولوجي في إنتاج المعنى وتوليد الدلالات المطابقة لمعاني المفاهيم النسوية الحداثية لهذا يؤكدن على أن التراث الفكري والديني الذكوري لم يقم بطمسها وإلغائها من مدونة المقدس فحسب، بل عمل جاهدا بفعل سطوة وتغلب شوكة النظام الابوي تاريخيا وسياسيا وفكريا ودينيا، على عدم بروز هذه الرؤية النسوية للعالم في التراث الثقافي والديني الإسلامي.

وهذا التيار النقدي الثاني للنسوية الإسلامية، هو الذي نقصده في هذا المقال ونحن نحاول تفكير هذا التجاور التعسفي الذي يقيمه بين السيرورات والسياقات التاريخية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية لكل من النسوية والدين والفكر الديني الإسلامي.

وكذلك بين التحولات السوسيولوجية والقطائع المعرفية و الاجتماعية السياسية والتغيرات الحضارية التي أفرزت النسوية اليوم، كرؤية فكرية سياسية متنوعة ومتعددة الى حد الصراع والتناقض داخل تياراتها.

وبين الفكر النقدي العربي الإسلامي (القراءات النقدية للتراث والنص الديني) المحكوم بسقف الحدود الدينية في اشتغال السؤال النقدي، رغبة في تبيئة القيم النسوية الراهنة المؤسسة أصلا على الحرية والمساواة والديمقراطية والعدالة والقوانين السيادية للدولة الحديثة والاعتراف بالمواطنة الحرة للأفراد والجماعات بغض النظر عن هوياتهم الثقافية والدينية والجندرية.

 يبدو هذا التركيب اللغوي والدلالي الذي يريد أن يبني نفسه كمفهوم معرفي سياسي، أقرب الى معاودة إنتاج الإشكاليات الأيديولوجية التلفيقية التي سادت طويلا في الخطاب العربي والإسلامي الحديث والمعاصر.

ونقصد تلك الثنائيات النمطية المتمثلة في: الاصالة والمعاصرة،  العقل والنقل، التراث والحداثة، الشرق والغرب، الهوية والعولمة.

وواضح بشدة الاشتغال الأيديولوجي لهذا التركيب/المفهوم في الجمع بين السقف المعرفي السياسي لثقافة الهوية والخصوصية والحدود بالمعني الديني السياسي للنظام الاستبدادي القهري الابوي الذكوري، وبين الأفق المفتوح المعرفي السياسي والفلسفي لثقافة الحداثة المعرفية والسياسية لنظام الحريات الأساسية والمبادئ الديمقراطية: العدالة والمساواة والكرامة.

ويمتد هذا الاشتغال الأيديولوجي لهذا التوجه الذي يرى نفسه نسوية إسلامية، في محاولته الجمع بين الفكر الهووي (الإسلاميوالاسلاموي) والفكري الكوني في انفتاحه اللانهائي بالنقد الجذري لسيرورة المنجز الحداثي المكتمل أو غير المكتمل في تطوره وتحولاته المتعددة ثراء ونقدا واختلافا.

فهل يمكن تفكير النسوية في خلفياتها التاريخية والفلسفية والاجتماعية السياسية والأيديولوجية التي أفرزتها وعملت على تطورها عبر موجات متتابعة نظريا وسياسيا، وبكل معانيها ومضامينها السياسية والمعرفية والمجتمعية، في مجتمعاتنا من خلال الخضوع لرعب الحدود الديني المستبطن في اللاشعور الثقافي الجمعي، كآلية ذاتية في المراقبة والحد من حرية التفكير وإنتاج المعرفة النظرية والممارسة السياسية المؤيدة والمدعمة لحقوق المرأة، ولتطور المجتمع ككل؟

 يمتد رهاب الحدود إلى الهدر للشك والسؤال الذي هو روح النقد في إنتاج ثقافة الأسئلة عوض معاودة إنتاج ثقافة الأجوبة للقهر السياسي الثقافي للنظام الذكوري البطريركي.

 تلك الثقافة المحدودة، رغم ادعائها الحفر والتفكيك والنقد في بحثها كحد أقصى عن إمكانية توسيع المعاني المهمشة والمغيبة في الاعتراف بالحقوق والمساواة والعدالة القائمة على التفاضل والتراتب بين  الرعايا/العبيد، وضمنهم المرأة في وضعيتها الدونية؟

وهل يمكن لهذا التحايل الأيديولوجي، في البحث عن أرضية سياسية ومعرفية ومجتمعية وعن مصداقية شرعية وأخلاقية للنسوية، باعتماد القراءة النقدية التحليلية والتفكيكية والتأويلية أو المغرضة، للنص الديني وموروثه الفكري والثقافي، أن يمكن ويساعد هذا التوجه النسوي الاسلامي في بناء الفاعلية و تأسيس القوة الاجتماعية القادرة على خوض معركة التغيير كما تتبناها الرؤية النسوية الحديثة للواقع والعالم وأن تحقق التغيير الاجتماعي السياسي والثقافي المنشود، في البنيات الثقافية والمادية وفي العلاقات الاجتماعية، وفقا لما تطرحه وتسعى اليه النسوية؟

أولا :الأيديولوجيا في النسوية الإسلامية

حاولت مجموعة من النسويات الاسلاميات التفكير نقديا في التراث الديني المرتبط بالنص الديني المؤسس. وفي سياق هذا التفكير والمراجعات التأويلية والتاريخية النقدية قمن بتعرية حقيقة الحقائق الاجتماعية والثقافية والشرعية التي عملت الأنظمة الرمزية والثقافية الابوية بنزعتها الذكورية في السيطرة والهيمنة، على بنائها وترسيخها كقوانين منزلة فطرية وطبيعية.

وذلك كما أرادها النص الديني حسب تأويلات رجال الدين وتفسيراتهم للوجود الاجتماعي للمرأة، في كيف يمكنها أن تكون وتصير، فيرى هذا التوجه النسوي الإسلامي أن رجال الدين من منظور الثقافة الذكورية، اعتبروا النصوص الدينية بمثابة قوانين وأحكام تشريعية، كقدر محتوم تخضع فيه النساء لضوابط الأوامر والنواهي.

وهكذا في نظرهن أولها وصاغها وفرضها التسلط الذكوري لرجال الدين. هكذا عملت هذه الأسماء:أمينة ودود، أسماء برلاس، ورفعة حسن على تعرية الصراعات الأيديولوجية والسياسية والجندرية التي تستر عليها التراث الديني البطريركي، خدمة للمجتمع الذكوري في سعيه للتحكم في المجتمع و النساء والثروة والسلطة.

وذلك انسجاما مع القهر السياسي الاستبدادي الذي بلور مجتمعا وثقافة وشرعا دينيا على مقاساته المتصلبة في القهر والتحكم والضبط للعلاقات الاجتماعية والرؤى الفكرية والسياسية.

وفي كتابات النسويات نتعرف على مختلف التوجهات الأيديولوجية التي سادت في الماضي البعيد وهي تخوض صراعها السياسي بأدوات الإطار المعرفي المشترك والسائد في تلك الفترة. وهو التوسط الايديولوجي للنص الديني المتجسد في مدونات فرقه الأيديولوجية والحربية المختلفة المصالح والاهداف، باسم الدفاع عن الدين الصراطي الصحيح.

وكل هذه الأيديولوجيات كانت أبوية ذكورية في نزعتها الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية.

وترى النسوية الإسلامية النقدية التأويلية أن كل تلك الايديولوجيات الأبوية غيبت القيم الاجتماعية والأخلاقية الثاوية في التعاليم والمعاملات والمبادئ والقيم الدينية المنزلة، (هكذا سقطت النسوية الإسلامية في رؤية إحيائية ماضوية سادت في الفكر الديني بمختلف عباءاته الأيديولوجية من السلفية الدعوية الى الحربية والنهضوية واليسارية الإسلامية) التي حسب وهمها الايديولوجي يمكن أن تنهض عليها العلاقات الاجتماعية للقيم الحديثة، كالعدالة والمساواة والحرية والكرامة التي تشمل الجميع رجالا ونساء.

 هذه المعطيات هي التي حاولت تلك الأقلام النقدية التأويلية للنسوية الإسلامية، تسليط الضوء عليها ومنحها التأويل الذي يوافق التصورات والأفكار والقيم الإنسانية التي تسعى إليها النسوية الحداثية.

وفي هذه المقاربة في نظرهن يتجلى نوع من التأصيل الفكري والديني والاجتماعي والثقافي والسياسي للأهداف والغايات والطموحات والتطلعات التي تسعى وتناضل من أجلها النسوية عبر العالم.

وبالتالي فهذه الأرضية الذاتية النابعة من الشرط الفكري والثقافي والحضاري الإسلامي تسمح، حسب اعتقادها، بالتأصيل والتفاعل مع القيم الكونية للرؤية النسوية للذات والأخر والعالم.

وهذا يعني في نظر هؤلاء النسويات الاسلاميات أن الفكر النقدي والتطلع الإنساني الى عيش الحرية والعدالة والكرامة والديمقراطية ليست غريبة عن مجتمعاتنا ولا مستوردة أو دخيلة بقدر ما هي جزء ذاتي له أسس ومنطلقات، هي في أمس الحاجة فقط الى تحريرها من سطوة تسلط الثقافة الذكورية والعمل على إنمائها وتطويرها من خلال التفاعل المبدع الخلاق مع كل ما تحقق من تطور في الشرط الحضاري الإنساني الحديث والحداثي.

وفي سياق هذا النقاش والتأويل النقدي المنجز من قبلهن يتعرف القارئ والباحث المهتم على مختلف القوى الاجتماعية السياسية التي تتقاتل على الدنيوي السياسي باسم الديني كتوسط إيديولوجي.

وهي إيديولوجيات تعبر عن فئات مجتمعية حسب ما تمليه عليها مصالحها المادية في التعامل الأقرب الى التحايل الأيديولوجي الذكوري في الحرب والمكر والإقصاء والتمييز والنبذ والنفي، لكل ما يتصل بالصراع على الثروة والسلطة والنساء. وهي أدوات رمزية ثقافية اجتماعية دينية سياسية استبدادية ذكورية في القهر والاستعباد.

ولم تكن هذه الإيديولوجيات الاجتماعية بقادرة على تخطي الاطار المعرفي المشترك لما يفرضه السقف الديني، في خوضها مختلف أشكال الصراع على السلطة. وممارسة السيطرة والتغلب المؤسس على القوة والعنف المادي والرمزي.

إلا أن عرض هؤلاء النسويات لكل هذه الأيديولوجيات البطريركية في نزعتها الذكورية، كان يتم وفق موجهات إرشادية تعبر عن ممارسة فكرية سياسية لا تخلو من الانتصار في تأويلها وصراعها للتحايل الأيديولوجي نفسه الذي مارسته كل تلك الأيديولوجيات البطريركية.

وذلك باسم الدفاع عن الفهم الصحيح للدين  الحق النقي من كل شوائب التسلط والهيمنة الذكورية. وهذا ما يورطها بشكل أو بآخر في الصراعات الأيديولوجية ذات السقف اللاهوتي الأبوي بنزعته الذكورية المتحكمة والموجهة للنص الديني. لذلك نعتقد، بناء على ما أشرنا اليه، في اشتغال النسوية الإسلامية كإيديولوجية.

ثانيا: النسوية الإسلامية بوصفها إيديولوجية

بناء على ما سبق يمكن القول إن النسوية الإسلامية لم تكن سوى إيديولوجية، محكومة برهاب الحدود اللامرئية المستبطنة في أعماق الذات، تحسبا لتخطي أو تجاوز ما يضبطه سقف التفكير الديني الذكوري في الخروج عن الملة والدين في زمن ما بعد الملة والدين.

وفي سعيها لاستنبات القيم الحداثية المتضمنة في الفكر النسوي، كانت تسقط المعاني والدلالات والمضامين الحداثية للحريات والعدالة والكرامة والمساواة على القيم الدينية التمييزية والتفاضلية للمفاهيم الإسلامية، كالمساواة والحرية والعدالة والكرامة بطريقة تعسفية.

ولا تخلو بذلك من المغالطات التاريخية والمعرفية والمعنوية والدلالية في تأكيدها على الحضور القوي في النص الديني للقيم الفكرية والثقافية والاجتماعية والسياسية الحداثية، التي تناضل النسوية من أجل تفعيلها في الممارسة الاجتماعية النابذة للثقافة الذكورية وشكل علاقاتها الاجتماعية، خاصة على مستوى العلاقة بالمرأة وكل القيم النسوية في الاعتراف والتقدير بالوجه الاخر للحضور الإنساني، كرؤية نسوية للعالم.

لكن أغلب القراء النقديين للفكر الديني والموروث الثقافي تغلب عليهم رهاب الحدود في الوصم بالكفر والعمالة والتغريب. كما تغلبت عليهم استراتيجية سحب بساط الهيمنة الأيديولوجية للقوى المقنعة بالدين، الدعوية والسياسية والقتالية.

وأيضا فرض الرؤى النقدية للتغيير والإصلاح من خلال الصراع على الفهم والتأويل الصحيح للدين الحق الذي طمسه النظام الأبوي في تحايله المشوه للتعاليم الدينية والقيم الإنسانية التي نص عليها الشرع الديني التأسيسي بشكل واضح لا يقبل التحريف، المقصود بدافع السيطرة والتحكم القهري للنظام الأبوي، المسنود والمدعم بالثقافة والأيديولوجية الدينية الذكورية.

وفي هذه الرؤية للصراع والتغيير الاجتماعي التي تتبناها النسوية الإسلامية النقدية تتورط في الأرضية الأيديولوجية الدينية الذكورية نفسها، خانقة القيم الحداثية في الإطار المعرفي الاجتماعي الماضوي المتخلف عن الشرط الحضاري الإنساني الحديث.

وهذا جعل تجربتها النقدية محدودة وضيقة الى حد إعادة إنتاج السقف الديني الأبوي في قيمه القهرية، في الصراع على انتزاع التحكم والقوة والسلطة على الأنظمة الرمزية والثقافية الدينية المهيكلة للبنيات الاجتماعية والسياسية والثقافية المجتمعية.

وهي في أقصى طموحها لن تصل في استراتيجية كفاحها الى أكثر من تأسيس فرقة دينية جديدة. ينطبق عليها الاعتقاد الإيديولوجي في كونها الفرقة الناجية من التشويه والمسخ الذي طال الدين الحق، بقهر وجهه النسوي المغيب والمقهور والمهمش.

نخلص من هذا الى أن تورط النسوية الإسلامية بوصفها إيديولوجية، كامن في الاشتغال والتفكير والممارسة البحثية والسياسية من داخل المحلي الخصوصي المحكوم بالدين قهرا سياسيا وثقافيا واجتماعيا.

وهذا ما جعلها في تناقض جذري في الجمع بين الهووي الديني والإنساني الحداثي، بين السقف الديني للإرادة والخيار والتقرير والحجر على الفعل الاجتماعي الإنساني وبين الحريات الأساسية والمبادئ الديمقراطية في المساواة والعدالة والكرامة.

هكذا يتبين لنا رعب رهاب الحدود الذي اجتافه واستبطنه قراء التراث النقديين في وعيهم ولا وعيهم النفسي الاجتماعي والثقافي، مما حال دون نقد ونقض الواقع السياسي الاستبدادي الابوي المولد لهذا الوعي والرؤى الثقافوية في فهم وإدراك التغيير الاجتماعي السياسي المطلوب إنجازه والسعي فكريا وسياسيا الى الاسهام في الوصول اليه  وتحقيقه.

وهذا ما جعلنا نعتقد أن النسوية الإسلامية النقدية وقعت تحت وطأة ضغط الاستقطاب الأيديولوجي في المساومة والترضية للوعي الديني الذكوري، إنها ليست أكثر من إسلامية التفكير النسوي في تمثل القيم والرؤى والأفكار الفلسفية والنقدية والمعرفية والسياسية التي حملها الفكر النسوي الحديث والمعاصر.

إنها جزء من الأسلمة، لعملية التأصيل المغلوط التي طالت كل الأنظمة الثقافية، الأدبية والعلمية والفنية وكل العلوم بما في ذلك العلوم الإنسانية والاجتماعية.

 وإسلامية التفكير النسوي عند هؤلاء يجاور بشكل توفيقي تعسفي بين الهووي الديني والكوني الإنساني، حيث يتم تفكير النسوية تحت شعار ديني يخص بشرا ونساء دون بشر ونساء أكثر تنوعا لغة وإثنية وثقافة ودينا... ليس فقط عبر العالم، بل المؤلم حقا هو أن يحدث ذلك التفكير الاسلامي في الوطن نفسه الذي يحتضن ذلك التنوع والتعدد والاختلاف الذي يمكن أن يجد سبل تواصله وتفاعله وتذليل كل عوائق الحوار والتكامل في الكوني الإنساني الذي تريد أن تؤسسه وتتأسس عليه، الى حد ما بعض النسويات على الصعيد العالمي.

هل يمكن القول إن النسوية الإسلامية بوصفها إيديولوجية، تعمل دون وعي منها من خلال التفكير الإسلامي الديني في النسوية، على إعادة إنتاج الاستبداد السياسي للنظام الأبوي، بثقافته وأنظمته الرمزية الغارقة في مستنقع القيم الاجتماعية والثقافية الذكورية للتسلط القهري؟