'الوريث' يزن الوفاء بمقدار الإنسانية عند الحيوان

الفنان المغربي رشيد الوالي يكشف في هذا الحوار أهمية القيم الأخلاقية بين بني البشر وعلاقته مع الكائنات الأخرى في الوجود ويتحدث عن كواليس دوره البطولي في شريط تلفزيوني جديد ضمن برامج رمضان 2024.

الرباط - تدور أحداث فيلم "الوريث" للمخرج عبدالرحمان التازي حول حارس فيلا يثق فيه صاحبها الثري فيعطيه كل ما يملكه على أساس أن يعتني بكلبه، وتتوالى الأحداث بعد ذلك فتجد أسرة الثري بعد وفاته أن الإرث الذي تركه للعائلة سيتم تقاسمه مع الحارس والكلب، وهو ما يولد الصراعات.

وتشهد أحداث العمل العديد من المغامرات والمواقف المشوقة بسبب رفض عائلة الرجل الثري الراحل تقاسم الثروة التي تركها مع الحارس الذي لا تربطها به أي قرابة ومع الكلب، وذلك في قالب اجتماعي كوميدي خفيف ينقل من خلاله المخرج عبدالرحمان التازي قصة إنسانية واقعية بطابع لا يخلو من الأحاسيس النبيلة.

يعرض الشريط  التلفزيوني "الوريث" ضمن برامج رمضان 2024 على القناة الثانية، وهو من بطولة كل من رشيد الوالي، والصديق مكوار، رجاء لطفين، فريد الركراكي، حسناء مومني، رجاء خرماز وأسماء فنية أخرى.

وفي هذا السياق كان "لميدل ايست اونلاين" حوار مع الممثل المغربي رشيد الوالي حول كواليس دوره في هذا الشريط، وفيما يلي نص الحوار:

حدثنا عن بطولتك في الشريط التلفزيوني "الوريث"؟

"الوريث" هو عمل تلفزيوني ممتع للغاية، جاء في وقت كنت في حاجة إلى عمل كوميدي، وخاصة بعد شوقي للعمل مع المخرج عبدالرحمان التازي، لأنني اشتغلت  معه  من قبل في سلسلة "الحسين والصافية"، التي أتمنى أن  تستمر في أجزاء أخرى لأنها سلسلة شيقة.

أما "الوريث" فهو عمل إنساني بامتياز، لأنه يناقش ضغوطات الإنسان الفقير من خلال شخصية حارس فيلا يجد نفسه بين يوم وليلة وريثًا للفيلا التي يحرسها عندما مات صاحبها، لكنه يجد نفسه مرتبطا بكلب يرث معه أملاك سيده المتوفى بتوصية منه، فالعمل يجعلنا نفكر في مكان سعادة الإنسان، هل في المال أم في القناعة، ويناقش أيضًا الوفاء والطمع العائلي في الميراث.

وأعتقد أن العمل سينال إعجاب الجمهور المغربي في رمضان 2024، لأنه يحتوي على مواقف جميلة اتقنها المخرج عبدالرحمان التازي، بالإضافة إلى مديرة التصوير إبنة المخرج عبدالرحمان التازي التي اتبعت طريق والدها في بداية مشواره، كما التقيت بمجموعة من الممثلين الذين كان لي شرف العمل معهم، وأتمنى أن يكون هذا الشريط مثلما حققه فيلم "محاين الحوسين" الذي تحول من فيلم تلفزيوني إلى سلسلة ممتعة، فنحن بحاجة إلى مثل هذه الأعمال البعيدة عن الضغوطات التي نشاهدها.

ولأول مرة في الأفلام المغربية نرى كلبًا له دور يساعد شخصية حارس الفيلا، إذ أنه سيبهر الجمهور المغربي لأنه فعلًا يشعر بالمواقف التي يمر بها الكلب بعد وفاة سيده.

وكان لنا مع الممثل والمخرج رشيد الوالي حوار اخر عن أحدث أفلامه السينمائية "الطابع" والذي تم عرضه في مهرجان طنجة خلال دورته الاخيرة، وفيما يلي نص الحوار:

ماذا يمثل المهرجان الوطني للفيلم بطنجة بالنسبة للفنان والممثل رشيد الوالي؟ وكيف استقبلت خبر اختيار فيلمك ضمن المسابقة الرسمية للفيلم الروائي الطويل؟

بالنسبة لي، كانت هذه الفعالية فاتحة خير عليّ، لأنها شهدت مشاركتي في فيلم "سارق الأحلام" في أول أدواري البطولية إلى جانب رشيد فكاك، حيث في نهاية المهرجان، فوجئت بحصولي على جائزة أفضل ممثل عن الدور الثاني، وبالتالي كان بداية جيدة لفتح أبواب قلوب الناس وعقول المخرجين، فمن خلال المهرجان تلقيت العديد من السيناريوهات، وهذا كان بمثابة بداية جيدة، بالإضافة إلى أن أفلامي السابقة التي شاركت في المهرجان وحصلت على جوائز، مثل فيلمي "إيما" و"نوح لا يعرف العوم"، والآن فيلمي الثالث  الذي تم ترشيحه أيضًا، رغم أن هذه السنة تم اختيار فقط خمسة عشرة فيلمًا، وكنت سعيدًا بأن فيلمي كان من ضمنها، كما عُرض الفيلم في مهرجان وجدة ونال استحسان الجمهور والجالية المغربية في الخارج، ويجدر بالذكر أن الفيلم تم تصويره في فرنسا.

ما الذي ألهمك للعمل على قصة المغاربة الذين هاجروا إلى فرنسا في تلك الفترة؟

هناك عدة أسباب، أولاً بسب كل ما يحصل من عنصرية اتجاه المغاربة والمسلمين المهاجرين في أوروبا وخاصة في فرنسا، ومع احتكاكي بمجموعة من الأقارب والأصدقاء في فرنسا قررت أن أرد الاعتبار ولو قليلاً  لهذه الفئة التي هاجرت وكوّنت نفسها في الخارج، فلم يجدوا في المقابل إلا النكران، فحوالي 99% من المغاربة الذين يقترب أجال وفاتهم يختارون أن يدفنوا في المغرب، فرأيت أن الأمر مهم، فقمنا أنا والمخرج هشام العسري بكتابة السيناريو.

ما هي الرسالة التي كنت تأمل في نقلها من خلال هذا الفيلم بشكل خاص؟

في الحقيقة كل جزء من الفيلم يحمل رسالة أو معنى لشخص معين داخل المجتمع، أو دعوة للتفكير، والحمد لله من خلال الخمسة عشر عرضًا أمام الجمهور، تلقيت ردود فعل حول علاقات الأب بالأبناء، وعلاقات العمال المغاربة في فرنسا، وعلاقات الصداقة بين زملاء العمل سواء بين المسلمين واليهود أو النصارى، وهذه مهمة جدا بالنسبة لي، ثم هناك فترة تم نسيانها وهي عندما كان يأتي فيليكس مورا إلى المغرب ويختار الشباب كي يهاجروا ليعملوا في فرنسا أو تلك الحالات كمن تقاعد عن العمل ولم يجد معينًا.

كيف تمكنت من بناء موضوع موثوق وواقعي للفترة الزمنية التي يناقشها الفيلم؟

أولاً في الكتابة اعتمدنا على مصادر تاريخية، ثم كان هناك تواجد فيليكس مورا الذي كان يعمر في المناطق الجنوبية، بالإضافة إلى العديد من الأصدقاء والزملاء الذين عاشوا تلك الفترة، إذ أخذنا من قصصهم ما يكفي للكتابة عن هذا الفيلم، كما تم التركيز على أداء الممثلين وكأننا أمام مشاهد واقعية.

ما هي التحديات التي واجهتها أثناء تصوير المشاهد في الديار الفرنسية وكيف تعاملت معها؟

أولها كوفيد19، وأظن أن العالم كله يعاني منه في تلك الفترة، إذ فرضت علينا مجموعة من القيود والتنازلات التي جعلتنا نستغني عن مشهد الباخرة التي تحمل الجالية، لأنني كنت في حاجة إلى باخرة تتحرك وسط البحر، والبواخر في فترة كوفيد كانت متوقفة، ولكن حاولنا قدر الإمكان التعامل مع الظروف، حيث قضينا بما توفر لدينا من الإنتاج البسيط، رغم أننا لم نكن نستطيع توفير ثمن ترحال معدات التصوير الضخمة، لكن استطعنا فقط توفير احتياجات التقنين والفنانين، وهذه كلها قيود منعتني من العمل بحرية تامة، فدائماً العائق الأكبر للمخرجين في المغرب هو الدعم المادي.

يعرض الفيلم عدة جوانب من معاناة المغاربة في دول المهجر، هل يمكنك التحدث عن الأبعاد الإنسانية والاجتماعية التي اكتشفتها من خلال هذه الأحداث؟

حقيقة استمتعت واكتشفت وتعلمت من خلال عملية التصوير، لأنّ الكتابة شيء والإخراج شيء آخر، فعندما تكتب تظن أنك تبالغ في بعض الأشياء، ولكن سرعان ما تدرك أن ما كتبته وتم تصويره يتطابق مع الواقع بشكل كبير، وخاصة الجانب الإنساني في معاملات الناس التي تعيش بين أوروبا والمغرب، لكن الجميل هو أن في المغرب ما زال هناك علاقات الأب والأبناء، وعدم وجود دور العجزة، والتي بالمقابل منتشرة في أوروبا.

ثم المغاربة يتميزون بالتسامح مثل شخصية "العربي" الذي بلغ رسالة مهمة إلى الخارج عن طريق سداد الديون وإخراج الزكاء والتسامح مع الآخرين، وهذه قليلة جدًا في أوروبا، كما أننا في المغرب نتميز بتعدد الديانات ونعيش كشعب واحد، وهذا التنوع عشته أيضًا مع المرحوم محمد سماعيل في فيلم "وداعًا يا أمهات".

هل تعتقد أن هذا الفيلم سيؤثر على الأشخاص الذين يعيشون في الخارج؟

أظن أن الفيلم يقوم بدوره، فهناك عدة جمعيات في أوروبا تحتضن الفيلم من أجل النقاش، وربما حتى على المستوى السياسي، إذ أن مجموعة من الناس تعاني فقدان حقوقها وخاصة العجزة، وما زلت أتلقى دعوات للقاءات كثيرة من أجل المطالبة ببعض الحقوق لهؤلاء المهاجرين، وهذا من أهم الأدوار التي يقوم بها شريط "الطابع" كدبلوماسية موازية، فالعديد من القناصلة كانوا يحضرون للنقاشات حول الأفكار التي طرحها الفيلم.

ما هي الرسالة التي تأمل أن يأخذها الجمهور من هذا الفيلم بعد مشاهدته؟

أهم شيء هو أن يتمتع الإنسان بالفيلم ويحاول أن يلامس شخصياته في الواقع، وبالتأكيد سيجد البعض نفسه في الكثير من الأحداث، لا على مستوى تجاهل الأبناء للآباء العجزة، ولا على مستوى تجاهل الآباء للأبناء في الهجرة، إذ أن الفيلم يسافر بنا نحو فترة معينة من تاريخ المغرب التي تم نسيانها ونأمل من المشاهدين ان يشاركوا أفكاره مع الاجيال القادمة.