اليونان ستلجأ للعدل الدولية لكبح الانتهاكات التركية شرق المتوسط

الحكومة اليونانية تعلن عزمها المشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة المرتقب لبحث الوضع في ليبيا في ظل تصاعد التوتر مع تركيا التي تتهمها أثينا بتنفيذ انتهاكات في المتوسط، منددة بتدخلها العسكري في طرابلس.
اليونان تكثف مساعي ردع التدخل التركي في ليبيا
التدخل العسكري التركي في ليبيا يستنفر اليونان لبحث الاستقرار شرق المتوسط
تركيا في سباق ضدّ الساعة لدخول طرابلس قبل الجيش الوطني الليبي

أثينا - أعلن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس في تصريحات نشرت الأحد أنه إذا لم تتمكن أثينا وأنقرة من حل النزاع بينهما بشأن تحديد السيادة على المناطق في البحر المتوسط فإن عليهما اللجوء لمحكمة العدل الدولية في لاهاي لتسوية الخلاف.

ووقعت تركيا اتفاقا مع الحكومة الليبية المعترف بها دوليا الشهر الماضي يقضي بإقامة منطقة اقتصادية خاصة تمتد من الساحل الجنوبي لتركيا على البحر المتوسط وحتى الساحل الشمالي الشرقي لليبيا.

وتقول اليونان وقبرص وهما على خلاف طويل الأمد مع تركيا بشأن الحدود ومناطق السيادة البحرية، إن الاتفاق باطل وينتهك القانون الدولي للبحار.

وتعتبر الدولتان أن الاتفاق هو استيلاء على الموارد بهدف تقويض جهود تنمية استخراج الغاز من شرق المتوسط وزعزعة استقرار خصوم تركيا في المنطقة.

وقال رئيس الوزراء اليوناني في مقابلة أجرتها معه صحيفة 'تو فيما' الأسبوعية إنه يرى أن على بلاده وتركيا بحث خلافاتهما بشأن المناطق البحرية في إيجة وشرق المتوسط على المستويين السياسي والدبلوماسي.

وأضاف "علينا أن نقول بوضوح إنه حال عدم تمكنا من التوصل لحل فعلينا أن نتفق أن الخلاف الذي تعترف به اليونان بشأن المناطق البحرية، يجب أن يتم البت فيه لدى هيئة دولية مثل محكمة العدل الدولية في لاهاي".

وتقدمت قبرص بالفعل بالتماس لمحكمة العدل الدولية هذا الشهر لحماية حقوقها في الموارد قبالة سواحلها. ولم يرد تعليق حتى الآن من تركيا على تلك الخطوة.

وكانت الحكومة القبرصية المعترف بها دوليا اكتشفت وجود غاز قبالة سواحلها في 2011، لكنها على خلاف مع تركيا بشأن المناطق البحرية حول الجزيرة والتي منحت فيها رخصا لشركات متعددة الجنسيات للتنقيب عن النفط والغاز.

وتزعم تركيا التي لا تربطها علاقات دبلوماسية مع الحكومة القبرصية المعترف بها دوليا، إن بعض المناطق التي تنقب فيها قبرص تقع على جرفها القاري، أو في مناطق يتمتع فيها القبارصة الأتراك بحقوق متساوية مع القبارصة اليونانيين في أي اكتشافات. وأرسلت أنقرة سفن تنقيب خاصة بها إلى الجزيرة.

رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس
اليونان تندد بضرب تركيا لمساعي الاستقرار في ليبيا

في ظل تصاعد التوتر بين تركيا واليونان على خلفية إبرام أنقرة اتفاقا أمنيا وعسكريا مع ليبيا، أكد ميتسوتاكيس الأحد أن بلاده تريد المشاركة في مؤتمر حول ليبيا مرتقب في يناير/كانون الثاني برعاية الأمم المتحدة.

ويأتي هذا الإعلان في ظل توتر مستمر بين أنقرة وأثينا التي ترفض التدخل التركي في ليبيا وانتهاكاتها في شرق المتوسط، فضلا عن تنديد اليونان بالانتهاكات التركية في مياه المتوسط بالتنقيب قبالة السواحل القبرصية.

وقال ميتسوتاكيس في مقابلة مع مجلة 'تو فيما' الأسبوعية اليونانية، "لا نريد مصدر عدم استقرار في جوارنا. نريد إذاً أن تكون لنا كلمة بشأن التطورات في ليبيا"، مضيفا "نريد أن نكون جزءاً من الحلّ في ليبيا لأن ذلك يعنينا أيضاً".

وتنظّم الأمم المتحدة مؤتمراً دولياً في برلين في يناير/كانون الثاني لوضع حدّ للخلافات الدولية بشأن ليبيا وفتح المجال أمام حلّ سياسي للنزاع الذي يمزّق البلاد.

وأكد ميتسوتاكيس "طلبت وسأفعل ذلك مجدداً لزيادة التأكيد، أن نشارك في المؤتمر في برلين".

اليونان تريد أن تكون جزء من الحل في ليبيا

وتشهد ليبيا نزاعاً وحالة من الفوضى منذ سقوط الزعيم السابق معمر القذافي في 2011. وتسيطر على العاصمة طرابلس "ميليشيات" عسكرية تقودها حكومة الوفاق تقف في مواجهة الجيش الوطني الليبي الذي يشن عملية عسكرية بقيادة المشير خليفة حفتر لتحرير العاصمة.

ويدعم مجلس النواب الليبي الذي لا يعترف بحكومة فايز السراج، عملية حفتر العسكرية لتطهير طرابلس من الميليشيات المتطرفة.

والسبت جدد رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح تأكيده عدم شرعية حكومة السراج، داعيا المجتمع الدولي إلى سحب الاعتراف بها، متهما إياها بالتحالف مع الإرهابيين والمتطرفين والتدخل الأجنبي ضد الليبيين.

في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، وقعت أنقرة مع حكومة الوفاق اتفاقين مثيرين للجدل أحدهما عسكري والآخر يرسم الحدود البحرية بين تركيا وليبيا.

ويتيح الاتفاق البحري لأنقرة المطالبة بالسيادة على مناطق واسعة غنية بالمحروقات في شرق المتوسط، ما يثير غضب اليونان ومصر وقبرص وإسرائيل.

واعتبرت اليونان أن الاتفاقين "لا أساس لهما" ويتعارضان مع القانون الدولي.

ونددت أثينا بالاتفاق البحري مشيرةً إلى أن تركيا وليبيا لا تتقاسمان أي حدود بحرية. وشدد ميتسوتاكيس على أن ليبيا "هي جارتنا البحرية الطبيعية، وليست جارة تركيا".

وينصّ الاتفاق العسكري من جهة أخرى على مساعدة يمكن أن تقدمها تركيا إلى حكومة الوفاق في محاربتها قوات المشير حفتر المدعومة دوليا.

وفتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السبت الطريق لتدخل عسكري تركي مباشر في ليبيا بإعلانه عن تصويت قريب في البرلمان على إرسال جنود لدعم حكومة الوفاق.

وأعلن متحدث باسم أردوغان الجمعة أن حكومة الوفاق طلبت مساعدة عسكرية من أنقرة.

ويأتي استنجاد السراج بدعم عسكري تركي على وقع اضطرابا في صفوف ميليشياته أمام تقدم قوات حفتر العسكرية نحو مناطق هامة جنوب العاصمة طرابلس.

وبينما يتقدم الجيش الوطني الليبي نحو تحرير العاصمة، تسعى تركيا إلى نشر قوات عسكرية قبل سيطرة قوات حفتر على المنطقة.