اليونسكو تمنح البندقية الإيطالية فرصة جديدة

لجنة التراث العالمي تتجاهل توصية خبراء المنظمة بإدراج المدينة الإيطالية ضمن قائمة التراث المهدد بالخطر.

روما - قررت لجنة التراث العالمي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) الخميس خلال اجتماعاتها في الرياض عدم إدراج مدينة البندقية الإيطالية على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر، متجاهلة توصية خبراء المنظمة.

وقالت المنظمة في بيان إن "لجنة التراث العالمي -التي تضم 21 من الدول الأعضاء تمثّل الدول الـ195 الموقّعة على اتفاقية التراث العالمي- اتخذت اليوم قرارا بعدم إدراج البندقية وبحيرتها في قائمة التراث المهدد بالخطر".

وفور إعلان اليونسكو عدم وضع البندقية على قائمة التراث المهدد بالخطر، سارع وزير الثقافة الإيطالي جينارو سانجوليانو إلى إبداء ارتياحه "لانتصار إيطاليا والمنطق السليم".

وتابع أنه لو أُضيفت مدينة البندقية إلى القائمة لكانت "خطوة لا مبرر لها" ولا تستند إلى حقائق موضوعية، قائلا في بيان "البندقية ليست في خطر".

وأضاف أن اليونسكو قيمت بشكل إيجابي المحاولات الإيطالية لمعالجة هذه القضايا من خلال نظام لمكافحة الفيضانات وعبر الموافقة في الآونة الأخيرة على رسوم دخول للسياح يبدأ تنفيذها في العام المقبل.

لكن اليونسكو قالت إن هناك حاجة لمزيد من العمل لحماية المدينة، مضيفة "عبرت اللجنة مجددا عن قلقها إزاء القضايا المهمة التي ما زال يتعين معالجتها للحفاظ على الموقع، بما في ذلك السياحة الجماعية ومشروعات التنمية وتغير المناخ".

وأشار دبلوماسي لوكالة فرانس برس إلى أن "هذا القرار يأخذ في الاعتبار التقدم" الذي تحقق "في الأيام الأخيرة، لاسيما استحداث نظام لإدارة تدفقات الزوار اعتبارا من عام 2024".

فبالتزامن مع مناقشة لجنة التراث وضع البندقية، قررت بلدية المدينة الثلاثاء على سبيل التجربة، اعتبارا من عام 2024، ضريبة قدرها خمسة يوروهات (نحو 5.33 دولار أميركي) على السياح الذين يأتون ليوم واحد إلى المدينة الإيطالية التي تعاني جراء موجات السياحة الجماعية.

والهدف الرئيسي من هذا الإجراء، الذي أقره مجلس بلدية البندقية الثلاثاء، هو ثني الزوار الوافدين ليوم واحد عن المساهمة في ازدحام المدينة المشهورة في جميع أنحاء العالم بأعمالها الفنية وجسورها وقنواتها.

وأوضح رئيس البلدية اليميني لويجي برونيارو "إنها خطوة أولى (…) نحن نجري تجربة"، واعدا بأنّ "النظام سيكون سهل الاستخدام".

في عام 2024، ستشمل هذه الضريبة التي تُدفع حصرا عبر الإنترنت، 30 يوما كحد أقصى يكون خلالها في العادة عدد السياح أعلى، خصوصا في عطلات نهاية الأسبوع المطولة في الربيع وخلال فترة الصيف.

وقال دبلوماسي من اليونسكو لوكالة فرانس برس في يوليو/تموز "لا يزال التركيز ينصب بشكل كبير على السياحة الجماعية، وليس السياحة المستدامة، على حساب السكان. لا ينبغي تحويل البندقية إلى متحف في الهواء الطلق".

إلا أن البندقية لم تصبح نهائيا في منأى عن التصنيف السلبي، إذ "كررت اللجنة مخاوفها من التحديات الكبيرة التي لا تزال تتعين مواجهتها للحفاظ على الموقع بشكل سليم، وخصوصا تلك المتعلقة بالسياحة الجماعية ومشاريع التنمية وبالتغيّر المناخي"، مشددة على ضرورة "تحقيق المزيد من التقدم".

وطلبت اللجنة كذلك من إيطاليا "دعوة بعثة استشارية من مركز التراث العالمي (…) وتقديم تقرير في الأول من فبراير/شباط 2024، بغية درس وضع الحفاظ على الموقع مجددا خلال الدورة السادسة والأربعين للجنة خلال صيف سنة 2024".

ويأتي الضوء الأخضر لهذا الإجراء في وقت أوصت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في نهاية يوليو/تموز الماضي بوضع مدينة البندقية على قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر، معتبرة أن إيطاليا اتّخذت حتى الآن إجراءات "غير كافية" لمكافحة تدهور الموقع.

وظلت البندقية تؤجل اتخاذ تدابير جذرية لسنوات، لاسيما اعتماد مبدأ الحجوزات الإلزامية وتحديد حصص على عدد الوافدين إلى المدينة للجم تدفق ملايين السياح إلى الوسط التاريخي المتخم بالزوار.

ولفت خبراء يونسكو إلى أن "التنمية المستمرة (في البندقية) وتأثيرات تغير المناخ والسياحة الجماعية تهدد بإحداث تغييرات لا رجعة فيها في القيمة العالمية الاستثنائية" للمدينة.

تأسست البندقية في القرن الخامس وأصبحت قوة بحرية كبيرة في القرن العاشر، وتمتد على 118 جزيرة صغيرة. وأدرجت على قائمة التراث العالمي لليونسكو في عام 1987.

والفيضانات والسياحة الجماعية تهدد منذ فترة طويلة مدينة البندقية الشهيرة بقنواتها ومعالمها الثقافية.

والبندقية واحدة من أكثر المدن استقطابا للزوار في العالم، إذ يصل عدد نزلاء الفنادق فيها خلال مواسم الذروة إلى 100 ألف سائح، إضافة إلى عشرات آلاف الزوار يومياً. وهو عدد هائل مقارنة بعدد سكان وسط المدينة البالغ 50 ألف نسمة وهو في تراجع مطرد.