انهيار قمة مجموعة السبع يحفز نجاح لقاء كيم وترامب   

دبلوماسي أميركي سابق يتساءل كيف يمكن للرئيس ترامب أن يعجز عن التفاوض على اتفاق حول الحليب مع أحد أكثر حلفائنا المقربين (كندا)، أن يتوصل إلى اتفاق حول نزاع السلاح النووي مع أحد أكبر خصوم أميركا؟.

ملف كوريا الشمالية النووي أكثر تعقيدا من النزاع التجاري
ترامب يهاجم كندا والاتحاد الأوروبي ويهادن بيونغيانغ
ترامب يقدم نفسه كملك الصفقات قبل لقاء كيم

سنغافورة - يزيد الخلاف الحاد الذي أثاره الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع حلفائه المقربين خلال قمة مجموعة السبع من التحديات السياسية التي تحيط بقمته الثلاثاء مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون، مسلطا الضوء على مخاطر دبلوماسيته التي تقوم على خدمة مصالحه دون سواها.

ولا شك أن الملف الكوري الشمالي هو الأكثر تعقيدا مقارنة مع ملف النزاع التجاري، نظرا إلى أنه يطاول نزع السلاح النووي وتوازن القوى في شرق آسيا ومعاهدات الدفاع المشترك بين الولايات المتحدة وحلفائها.

ويقول الكثير من المحللين إن ترامب يكون أكثر ارتياحا مع خصوم تقليديين، ما يبين التناقض بين طريقة معاملته لأمثال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو وفرشه السجاد الأحمر للجنرال كيم جونغ شول، الذراع اليمنى لزعيم كوريا الشمالية.

ويلخص السفير الأميركي السابق لدى روسيا مايكل مكفاول الأمر بتساؤله "إذا كان ترامب عاجزا عن التفاوض على اتفاق حول الحليب مع أحد أكثر حلفائنا المقربين، كيف سيمكنه التوصل إلى اتفاق حول نزاع السلاح النووي مع أحد أكبر خصومنا؟".

وكان ترامب وعد لدى توجهه إلى قمة مجموعة السبع في كندا بأنه سينتزع اتفاقا تجاريا هو الوحيد القادر على التوصل إليه، باعتباره أعظم عاقد صفقات في العالم على حد قوله.

وإذ أكد الرئيس الأميركي أن الأمر سيكون "سهلا"، أظهر الواقع عكس ذلك.

وعلى الرغم من بذل الدبلوماسيين جهودا قصوى وتدخل قادة شخصيا بشكل غير اعتيادي، بالكاد تمكن مشروع البيان المشترك من تغطية الانقسام بين الولايات المتحدة وبقية دول المجموعة.

وعلى غرار ترامب وترودو سعى القادة عند مغادرتهم القمة إلى التركيز أمام جماهيرهم على المعارك القاسية التي خاضوها دفاعا عن المصلحة العامة.

ولدى متابعته المؤتمر الصحافي لترودو على متن الطائرة الرئاسية متوجها إلى سنغافورة، استاء ترامب من تصريحات لرئيس الوزراء الكندي موجهة إلى ناخبيه الكنديين وقرر سحب تأييده للبيان المشترك.

وكان ترامب قبل ساعات تباهى أمام الإعلاميين بتحقيقه انتصارا في القمة وأعلن نجاحها وأعطى علامة 10 على 10 للعلاقات بين الولايات المتحدة وحلفائها.

وفي مواجهة خيار ما بين تشويه صورته كصانع صفقات أو التخلي عن حليف له، لم يتردد ترامب في حسم قراره.

وقال أحد مساعديه طالبا عدم كشف هويته "كان غاضبا من المؤتمر الصحافي الذي عقده ترودو"، لذا سارع مساعدوه إلى شن هجوم على رئيس الوزراء الكندي فاتهموه بطعن الرئيس الأميركي في الظهر وبتحمل مسؤولية انهيار القمة.

وقال المستشار التجاري الأميركي بيتر نافارو لشبكة فوكس نيوز الإخبارية الأميركية "هناك مكان في الجحيم مخصص لأي زعيم أجنبي ينخرط في دبلوماسية بنوايا سيئة مع الرئيس دونالد ترامب ومن ثم يحاول طعنه في الظهر وهو في طريقه إلى الخروج".

ووصل الرئيس الأميركي إلى سنغافورة استعدادا لقمة غير مسبوقة مع الزعيم الكوري الشمالي عززت الآمال بتحقيق السلام في شبه الجزيرة الكورية.

وقال رئيس مركز أبحاث "مجلس العلاقات الخارجية" ريتشارد هاس إن انهيار قمة مجموعة السبع زاد الضغوط على ترامب من أجل التوصل إلى اتفاق مع الزعيم الكوري الشمالي حول الملف النووي.

وقال هاس "لن يرغب ترامب في نسف قمتين متتاليتين لئلا يُستنتج أنه هو المشكلة"، متوقعا أن يبدي مرونة أكبر في قمته مع كيم.

وتابع أن "الأمر مجرد تسجيل مواقف وتوجيه رسائل ولا يتعلق بالسياسة".

ورفض البيت الأبيض مقولة أن ترامب ينظر إلى الوراء وإلى قمة مجموعة السبع بدلا من التطلع إلى السلام.

وقال مسؤول رفيع المستوى في البيت الأبيض "أشك في أن يكون هناك أي تأثير لمجموعة السبع. إنهما مسألتان غير مترابطتين"، مضيفا أن "القضايا الأكثر طغيانا مع كوريا الشمالية تعزز الحاجة لتحقيق نتائج ايجابية".

لكن خمسا من أصل ست تغريدات أطلقها ترامب منذ وصوله إلى سنغافورة كانت حول النزاع التجاري، بينما التغريدة السادسة كانت "من الرائع التواجد في سنغافورة، الإثارة تملأ الأجواء" في إشارة إلى القمة المرتقبة.

ويرجح إرجاء التفاصيل الأكثر صعوبة في المحادثات مع كوريا الشمالية إلى جولات لاحقة تعقد على مستوى أدني.

لكن ترامب جعل نفسه مرة جديدة محور المفاوضات، رابطا بذلك حظوظه السياسية بنتائج القمة.

وقال أستاذ التاريخ والعلاقات العامة في جامعة برينستون جوليان زيليزر "من الواضح أن ترامب حريص على أن يثبت للعالم أنه قادر على إنجاح الأمر وتسجيل انجاز عجز أسلافه عن تحقيقه".

ويُظهر الخلاف الذي شهدته قمة مجموعة السبع كم يمكن للأمور أن تسوء في حال فشله.

وأعلن البيت الأبيض الاثنين أن الرئيس دونالد ترامب سيغادر سنغافورة مساء الثلاثاء قبل يوم مما كان متوقعا مستبعدا كما يبدو يوما ثانيا من المحادثات التاريخية مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون.

وبعدما شدد على أن المحادثات التحضيرية تجري بشكل جيد، أعلن البيت الأبيض أن ترامب سيغادر عند الساعة الثامنة مساء بالتوقيت المحلي عائدا إلى الولايات المتحدة.

وجاء في البيان أن "المحادثات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية تجري بشكل أسرع من المتوقع".

وأضاف أن "الرئيس دونالد ترامب سيلتقي زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ اون صباح غد على الساعة 9 صباحا".

وأشار إلى أنه "عقب اللقاء الأولي سيشارك الرئيس ترامب والزعيم كيم في اجتماع ثنائي لا يحضره سوى المترجمين، كما سيشاركان في اجتماع ثنائي موسع وغداء عمل".