ايطاليا ترصد المنافسة على كأس العالم
روما - بعد فترة صعبة عاشتها البلاد التي كانت أولى المحطات المأساوية لفيروس كورونا في القارة الأوروبية، رأى رئيس الاتحاد الإيطالي لكرة القدم غابرييلي غرافينا في مقابلة أجرتها معه وكالة فرانس برس أن الانجاز الذي حققه المنتخب الوطني بإحرازه كأس أوروبا هذا الصيف أعاد إحياء "الشغف" عند الشباب الذين ابتعدوا بأعداد كبيرة عن أندية الهواة منذ بدء "كوفيد-19".
وتزامنت هذه المقابلة التي اجراها أنتوني لوكا مع استئناف المنتخب الإيطالي مشواره في تصفيات أوروبا المؤهلة لمونديال 2022 حيث يبحث عن فوزه الرابع توالياً في المجموعة الثالثة حين يستقبل بلغاريا الخميس، منتشياً من التتويج القاري الذي أنسى الجمهور خيبة الغياب عن مونديال 2018 والمآسي التي عاشتها البلاد جراء تفشي "كوفيد-19".
مع عودة المنتخب الوطني الى أرض الملعب الخميس، ماذا تتذكر من التتويج بكأس أوروبا؟
"من الواضح أن النتيجة العظيمة لبطولة اليورو تحمل طبيعة رياضية، هو اللقب القاري الثاني في تاريخ كرة القدم الإيطالية، وجاء ثمرة اللعب والشخصية وروح الفريق. لكنه أيضاً ذات طبيعة لوجستية حيث تم الترحيب بخمسين ألف شخص في الملعب الأولمبي بأمان تام (العدد التراكمي للجمهور في المباريات الأربع التي أقيمت في روما خلال النهائيات القارية). إنه إرث، من حيث المصلحة، العاطفة والمزايا الاقتصادية التي لا يجب أن نخفيها والتي يجب استثمارها من أجل نمو كرة القدم الإيطالية بأكملها".
ما هو الهدف بالنسبة لمونديال 2022؟
"قبل كل شيء، يجب أن نتأهل. الفوز في ويمبلي (في نهائي كأس أوروبا على حساب إنكلترا بركلات الترجيح) لا ينبغي أن يجعلنا ننسى أنه في نهاية عام 2017 أخفقنا في تحقيق هذا الهدف (التأهل الى كأس العالم)، مما أدى الى أحلك فترة في تاريخنا المعاصر. لقد حقق مشروع إعادة البناء نتائج مهمة لكن علينا مواصلة هذا العمل لأننا نريد أن نصل الى قطر ونحن من بين المرشحين (للفوز باللقب)".
وفقاً لعملية جرد أجريت مؤخراً، فقدت كرة القدم الإيطالية قرابة ربع لاعبيها منذ بداية الوباء (انخفض عدد اللاعبين بمقدار 245 ألفاً بين حزيران/يونيو 2019 وآذار/مارس 2021 ليصل الى حوالي 820 ألفاً). هل كنتم تتوقعون مثل هذا التأثير؟
"كلا، لم نتوقع مثل هذه الخسارة. ربما كانوا مهتمين برياضات أخرى، لكن النقطة المهمة هي أنهم ابتعدوا عن كرة القدم. سنحاول أن يستعيد هؤلاء الشباب الاهتمام (باللعبة). واستعادة الشغف يعتمد بشكل خاص على النتائج. وفي هذا الصدد، فإن الأداء الجيد للمنتخب الوطني عنصر مهم".
كان التأثير اقتصادياً أيضاً حيث خسرت كرة القدم الإيطالية المحترفة أكثر من مليار كعائدات. فهل رحيل (البرتغالي كريستيانو) رونالدو (من يوفنتوس الى مانشستر يونايتد الإنكليزي) و(البلجيكي روميلو) لوكاكو (من إنتر ميلان الى تشلسي الإنكليزي) و(الحارس جانلويجي) دوناروما (من ميلان الى باريس سان جرمان الفرنسي) دليل على ضعف الدوري الإيطالي؟
"الأزمة الناتجة عن الوباء ستكون فرصة للاستثمار بشكل أساسي في التدريب (الأكاديميات) والاستفادة بشكل أكبر من الشباب الذين يمكن اختيارهم في منتخباتنا الوطنية. لقد غادر بعض الأبطال العظماء، لكن كرة القدم تظل رياضة جماعية وبعض المدربين يعبرون عن قدراتهم بشكل أفضل عندما لا يعتمدون وحسب على الأفراد.
وبهذا المعنى، فإن المنتخب الوطني هو مثال يحتذى به مع اللاعبين الذين يضعون أنفسهم في خدمة اللعب الجماعي ويظهرون أنهم يعرفون كيفية اللعب معاً".
كيف يمكن معالجة مشاكل الأندية الاقتصادية؟
يقوم الاتحاد بدوره عن طريق تبني القوانين التي تشجع الأندية على أن تدير شؤونها بشكل أكثر حذراً مما كان عليه الأمر في السابق. ولمكافحة مديونية الأندية، اعتمدنا معياراً يفرض سقفاً للتعاقدات في فترة الانتقالات، يمنع الأندية من إنفاق أكثر من ميزانيتها للموسم السابق، إلا في حال زيادة رأس المال.
مشروع الدوري السوبر (الذي أطلقه 12 نادياً قبل انسحاب تسعة، فيما بقي يوفنتوس الإيطالي وعملاقا إسبانيا ريال مدريد وبرشلونة متمسكين به) هو حل خاطىء لمشكلة حقيقية: لجعل كرة القدم الأوروبية أكثر قدرة على المنافسة، نحتاج الى خلق المزيد من الاستقرار. لكن زيادة الدخل ليست الحلّ الوحيد، بل التحدي هو احتواء التكاليف. آمل أن يحصل حوار معمق بين الاتحاد الأوروبي لكرة القدم +ويفا+، الأندية والاتحادات الوطنية لجعل كرة القدم أكثر استدامة".
الحضور الجماهيري في الملاعب الإيطالية محدود حالياً بخمسين بالمئة من قدرة استيعاب الملاعب. متى سيكون من الممكن رؤيتها ممتلئة مرة أخرى؟
"هذا يعتمد على تطور حالات "كوفيد-19". كما كانت الحال خلال كأس أوروبا، كانت رؤية المشجعين في الدوري رائعة. افتقدنا جداً الى شغفهم، لكن يجب علينا إدارة هذه المرحلة بأفضل قدر ممكن حتى لا نعود الى الوراء: يجب أن تكون ضوابط الدخول الى الملاعب صارمة للغاية ويجب علينا أيضاً إدارة السلوك في كل قطاعات الملعب بأفضل قدر ممكن".