برلمان لبنان يُدخل التحقيق في انفجار بيروت في متاهة جديدة

مجلس النواب اللبناني يُطالب القضاء بتقديم أدلة تثبت الشبهات المتعلقة بالنواب المدعى عليهم في قضية انفجار مرفأ بيروت، في تطور اعتبر مسّا بمبدأ الفصل بين السلطات.
مطالبة القضاء بالأدلة على تورط نواب في تفجير بيروت خرق لسرية التحقيق
ليس مطلوبا من النواب أن يدققوا في مدى صحة الدعوى ضدهم
كأن البرلمان يرفض رفع الحصانة عن نواب مقربين من حزب الله

بيروت (لبنان) - طالب مجلس النواب اللبناني اليوم الجمعة الجهاز القضائي بتزويده بـ"الأدلة التي تثبت الشبهات" على نواب مدعى عليهم في التحقيقات المتعلقة بانفجار مرفأ بيروت في أحدث حلقة من مسار يبدو أطول من المتوقع لكشف ملابسات الكارثة التي هزت لبنان في الرابع من أغسطس/اب.

ويشكل هذا الفصل الجديد في القضية متاهة جديدة سيكثر معها الجدل حول شرعية مطلب مجلس النواب من عدمه وما إذا كان يحق للمجلس الاطلاع على سرية التحقيق وكيف للسلطة التشريعية أن تطلب من السلطة القضائية مدها بأدلة حول الشبهات المتعلقة بالمدعى عليهم من النواب.

والأمر يفترض أن يكون أبسط من هذه التعقيدات الإجرائية ومن محاولات إرباك جهود كشف الحقيقة، حيث يرى حقوقيون أنه يفترض من المجلس أن يبت في رفع الحصانة وفق الطلب الذي تقدم بها الادعاء اللبناني ومن حيث أن الطلب لا يمس من كرامة النواب المدعى عليهم ولا من حقوقهم فالأمر يتعلق باستجواب وتحقيق المراد منه تحديد المسؤوليات.

ويقول المحامي نزار صاغية المدير التنفيذي للمفكرة القانونية وهي منظمة غير قانونية تُعنى بشرح القوانين إن طلب البرلمان هو "تعد على فصل السلطات ومحاولة للحلول مكان القضاء".

وأكّد أن في الطلب "خرقا لسرية التحقيق" إذ أنّه "ليس مطلوبا من النواب أن يدققوا في مدى صحة الدعوى ضدهم. إنّه مسّ بفصل السلطات".

وتزامنا مع انعقاد الاجتماع، تصدّر وسم "أسقطوا الحصانات الآن" تويتر، بينما نفّذ أهالي ضحايا المرفأ وقفة احتجاجية قرب مقر بري، تخللها تدافع مع القوى الأمنية التي منعت اقترابهم من مكان الاجتماع.

علي حسن خليل (أمل) ويوسف فنيانوس (المردة) المقربان من حزب الله مطلوبان للتحقيق في انفجار مرفأ بيروت
علي حسن خليل (أمل) ويوسف فنيانوس (المردة) المقربان من حزب الله مطلوبان للتحقيق في انفجار مرفأ بيروت

وقال إبراهيم حطيط وهو متحدث باسم أهالي الضحايا لصحافيين "يجب رفع الحصانات فورا" واصفا ما يجري بـ"المعيب جدا أمام حجم الجريمة"، مضيفا "جئنا نسمعهم صوتنا ونقول لهم نحن موجوعون.. 11 شهراً مروا حتى يفكروا بأخذ قرار؟".

وانتهى اجتماع عقد في مقر إقامة رئيس البرلمان اللبناني الجمعة لبحث رفع الحصانة عن ثلاثة نواب، تمهيدا للادعاء عليهم في قضية المرفأ، وفق ما أفاد نائب رئيس البرلمان.

وتسبّب انفجار مروّع في الرابع من أغسطس/اب، عزته السلطات إلى تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم بلا إجراءات وقاية، بسقوط أكثر من مئتي قتيل وإصابة أكثر من 6500 عدا عن تدمير أحياء عدة. وتبيّن أن مسؤولين على مستويات سياسية وأمنية وقضائية كانوا على دراية بمخاطر تخزينها من دون أن يحركوا ساكنا.

وأعلن المحقق العدلي في القضية القاضي طارق بيطار الأسبوع الماضي توجيه كتاب إلى البرلمان طلب فيه رفع الحصانة عن ثلاثة وزراء سابقين هم النواب علي حسن خليل (المال)، غازي زعيتر (الأشغال) وهما مقربان من حزب الله اللبناني ومن حلفائه ونهاد المشنوق (الداخلية) "تمهيدا للادعاء عليهم والشروع بملاحقتهم" بـ"جناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل" إضافة "إلى جنحة الإهمال والتقصير" لأنهم كانوا على دراية بوجود نيترات الامونيوم "ولم يتخذوا إجراءات تجنّب البلد خطر الانفجار".

وإثر اجتماع عقدته هيئة مكتب البرلمان مع لجنة الإدارة والعدل النيابية في مقر رئيس البرلمان نبيه بري في عين التينة، قال نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي لصحافيين إن الاجتماع انتهى "بوجوب طلب خلاصة عن الأدلة الواردة بالتحقيق وجميع المستندات والأوراق التي من شأنها إثبات الشبهات للتأكد من حيثيات الملاحقة".

وقال إن اجتماعا آخر سيعقد "فور تزويدها بالجواب المطلوب" من بيطار لاستكمال البحث وإعداد تقرير يُرفع إلى البرلمان تمهيدا للبتّ بطلب رفع الحصانة.

ويستبعد متابعون للشأن اللبناني أن تحرز التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت تقدما فعليا في ظل منظومة سياسية متهمة بالفساد تتداخل فيها المصالح الشخصية والحزبية وتحكمها أيضا المحاباة.