عقود الطاقة مع واشنطن تنذر بأزمة جديدة بين بغداد وأربيل

وزارة النفط العراقية تؤكد أن التعامل المباشر بين شركات الطاقة الأميركية وحكومة إقليم كردستان مخالف للدستور.

بغداد - يسلّط رفض وزارة النفط العراقية التعاون المباشر بين حكومة إقليم كردستان وواشنطن في مجال الطاقة، الضوء على النزاع المزمن بين بغداد وأربيل حول إدارة ملف النفط، خاصة مع تمسك الحكومة الاتحادية بحصرية استغلال الثروات الطبيعية للبلاد.

ويرسل هذا الموقف رسالة واضحة للمجتمع الدولي بأن أي عقود تتعلق بالنفط والغاز في إقليم كردستان يجب أن تتم بموافقة الحكومة الاتحادية وفي إطار الدستور العراقي.

وجددت الوزارة اليوم الجمعة التأكيد على التزامها بالعمل مع شركات الطاقة الأميركية، لكنها شددت على أن التعاون يجب أن يكون من خلال الحكومة الاتحادية لا أن يكون تعاملا مباشرا مع حكومة إقليم كردستان، وهو ما وصفته بأنه "أمر مخالف للدستور العراقي".

وترى بغداد أن الثروات النفطية والغازية تعود ملكيتها للشعب العراقي كله وأن إدارة العقود الاستخراجية الكبيرة يجب أن تكون من صلاحيات الحكومة الاتحادية، بينما يعتبر إقليم كردستان أن الدستور يمنحه الحق في إدارة الموارد الموجودة ضمن حدوده الإدارية، ما لم يكن هناك قانون اتحادي ينظم ذلك.

وأعلنت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، أعلى سلطة قضائية، في عدة أحكام سابقة أن قانون النفط والغاز في  كردستان غير دستوري، وأن عقود النفط والغاز المبرمة من قبل الإقليم باطلة.

ولدى الحكومة الاتحادية العراقية تحفظات على اتفاقين في مجال الطاقة وقعهما إقليم كردستان، وذلك بعد أن أشرف رئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني على توقيع صفقتين بقيمة إجمالية تمتد على فترة تنفيذ المشروعين تبلغ 110 مليارات دولار مع شركتين أميركيتين.

وقالت وزارة النفط العراقية في بيان "لا يوجد لدى الوزارة أي مانع أو تحفظ من التعامل مع هذه الشركات بقدر كون التعامل المباشر مع حكومة الإقليم بمعزل عن الحكومة الاتحادية وقنواتها الرسمية هو أمر مخالف للدستور العراقي والقوانين النافذة".

بيان وزارة النفط رسالة واضحة موجهة للشركات الأميركية تنبهها إلى ضرورة احترام القوانين العراقية 

وقال مسؤول إن "بيان وزارة النفط رسالة واضحة موجهة للشركات الأميركية تنبهها إلى ضرورة احترام القوانين العراقية النافذة"، مضيفا أن ''الوزارة ترحب وتسعى دائما للعمل مع هذه المؤسسات لتطوير الحقول النفطية والغازية".

وينتظر أن يؤدي موقف بغداد إلى حالة من عدم اليقين لدى الشركات الأجنبية العاملة في كردستان، بينما يتوقع أن يثير مخاوف المؤسسات التي أبرمت عقودا مع الإقليم من خسارة مصالحها، مما يثني شركات أخرى عن الاستثمار في المنطقة وربما في العراق ككل، لغياب بيئة قانونية واضحة ومستقرة.

وتسعى بغداد للتحكم في كافة إيرادات النفط والغاز لضمان التوزيع العادل للثروة على جميع المحافظات العراقية، وتجنب حصول الإقليم على استقلالية مالية تامة قد تزيد من النزعات الانفصالية أو تقلل من اعتماده على المركز.

ويعكس هذا الموقف محاولة من بغداد لإعادة تعريف طبيعة علاقاتها مع واشنطن، والتأكيد على سيادتها الكاملة على أراضيها ومواردها الطبيعية، حتى في وجود شركات أميركية.

ويزيد هذا الإعلان من التوتر القائم أصلاً بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، بالنظر إلى أن الصراع على النفط والغاز يشكل أحد أبرز الملفات الشائكة بين الجانبين.

ويكمن جوهر الخلاف في عدم إقرار قانون اتحادي للنفط والغاز في العراق منذ عام 2005، فيما أتاح هذا الفراغ التشريعي لإقليم كردستان توقيع عقود استكشاف وإنتاج النفط والغاز مع شركات أجنبية بشكل مستقل عن الحكومة الاتحادية، معتمدا على تفسيره للدستور الذي يمنح الأقاليم صلاحيات في إدارة مواردها الطبيعية.