تجسّس على الصحافيين والناشطين في الأردن باستخدم برنامج "بيغاسوس"

تقرير لمنظمة "أكسس ناو" يسلط الضوء على 35 حالة قرصنة، مع أهداف شملت أيضًا محامين وسياسيًا.

عمّان - اخترق قراصنة هواتف عشرات الصحافيين والناشطين في الأردن خلال السنوات الأربع الماضية باستخدم برنامج التجسس الإسرائيلي "بيغاسوس"، وفق نتائج تحقيق نشرته منظمة غير حكومية اليوم الخميس.

وسلّط تقرير لمنظمة "أكسس ناو" الضوء على 35 حالة قرصنة يعود تاريخها إلى عام 2019، مع أهداف شملت أيضًا محامين وسياسيًا واحدًا على الأقل.

ولم يتهم التقرير الحكومة الأردنية باستخدام برنامج التجسس، لكنه قال إن العملية تمت في وقت "كثّفت السلطات قمعها لحقوق المواطنين في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي".

والبرنامج الذي ابتكرته شركة "أن أس أو غروب" الإسرائيلية وباعته لحكومات في جميع أنحاء العالم يمكّن مستخدميه من الوصول إلى بيانات هاتف الشخص المستهدف من رسائل نصية وبريد إلكتروني وصور، إضافة إلى تتبّع موقعه والتنصّت على مكالماته وتشغيل كاميرا هاتفه دون علمه.

وذكرت صحيفة الغارديان البريطانية، أن النتائج التي توصلت إليها منظمة "أكسس ناو" حول الهجمات "الواسعة النطاق بشكل مذهل" ضد الصحافيين والناشطين السياسيين والجهات الفاعلة في المجتمع المدني ومحامي حقوق الإنسان في الأردن تؤكد كيف حافظت البلدان في جميع أنحاء المنطقة بهدوء على علاقات استخباراتية وتجارية قوية مع إسرائيل وتعتبر الأسلحة السيبرانية من أقوى أدواتها.

ومن بين الأشخاص المستهدفين كان هناك 13 فردًا وافقوا على ذكر أسمائهم في التقرير. ومن بينهم آدم كوغل، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش؛ وهبة زيادين، باحثة أولى في هيومن رايتس ووتش في الأردن وسوريا؛ ومنال كشت مترجمة أردنية ومؤسسة منظمة شابات، وهي منظمة تسعى إلى تمكين المرأة في السياسة؛ وعلاء الحياري، محامٍ وناشط سياسي أردني، وآخرين. كما تم استهداف ما لا يقل عن 16 صحافيًا بين عامي 2020 و2023، بما في ذلك صحافيان من مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد، الذين تم استهدافهم عدة مرات. وهما رنا صباغ، محررة أولى في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولارا دعميس، مراسلة استقصائية. بينما تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي هذا التقرير.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها استخدام البرنامج في التجسس، ضد أهداف محلية، فمنذ يناير/كانون الثاني 2022، تعرضت المحامية الأردنية البارزة في مجال حقوق الإنسان هالة عهد، لاختراق هاتفها باستخدام برنامج التجسس في مارس/آذار. وقالت وقتها إن الاعتداء جعلها تشعر بأنها "منتهكة، وعارية، وبلا كرامة".
وفي تقريرها الأخير، قالت "أكسس ناو"  إن عهد وهي عضو في الفريق القانوني الذي يدافع عن نقابة المعلمين الأردنيين، وهي نقابة عمالية كبرى تم حلها في عام 2020، استُهدفت مرة أخرى ببرنامج تجسس بيغاسوس في فبراير/شباط 2023. ولم تنجح المحاولة.
وفي كثير من الحالات، أدرك الأفراد أن هواتفهم مستهدفة بعد إشعارات من شركة أبل. حيث لاحظ الباحثون أن المستخدمين الذين احتفظوا بهواتفهم في وضع الأمان الخاص بشركة أبل لم يتم اختراقهم بنجاح.

وكشف معهد "سيتيزن لاب" عام 2021 عن استخدام برنامج "بيغاسوس" للتجسّس على هواتف مئات السياسيين والصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان وقادة الأعمال في العالم.

وعلى الرغم من الفضيحة، تواصل المجموعة الإسرائيلية وشركات مماثلة بيع منتجاتها وكانت الولايات المتحدة أدرجت مؤسسات عدة بينها "أن أس أو" ، على لائحتها السوداء.

وأكدت مديرة السياسات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة "أكسس ناو" مروة فطافطة أنه في العادة لا توجد رقابة على الشركات التي تقدّم برامج التجسس هذه، ما يسمح لقطاع المراقبة بمواصلة أسلوب أعماله "السرّي والمشبوه". وقالت "الحكومات تشتري بشكل محموم تقنيات للتجسس على مواطنيها وقمع المجتمع المدني".

وكرّرت المنظمة غير الحكومية دعوتها إلى فرض حظر تام على أي برامج تجسّس يمكّن من انتهاك الحقوق، فيما أشارت فطافطة إلى أنه "لا يوجد استخدام متناسب لبرامج التجسس".

وقالت "أكسس ناو" إن معظم الحالات التي كشفت عنها في الأردن تعود إلى الفترة ما بين 2020 إلى أواخر 2023.

وتعرّض الصحافي الفلسطيني الأميركي المقيم في الأردن داود كتاب لاختراق هاتفه ثلاث مرات في 2022 و2023 وواجه أيضا سبع محاولات فاشلة غيرها، مؤكدا أن معظم الصحافيين العاملين في الشرق الأوسط يتوقعون التنصت على هواتفهم.

وقال "في السابق، كان الناس فقط يستمعون إلى ما تقوله، ولكن بيغاسوس أكثر تطفلا بكثير"، موضحا أن "أكثر ما يقلقه هو احتمال وصول الجهات التي تقف وراء ذلك إلى مصادره"، قائلا "لا أريد أن أحرق مصادري ولا أريد أن أؤذيهم".

وأشارت "أكسس ناو" إلى أن العديد من الأشخاص الذين تم استهدافهم ارتبطوا بشكل ما بإضراب المعلمين الذي استمر مدة شهر في عام 2019، ما دفع السلطات إلى اعتقال مئات المعلمين وحلّ نقابتهم وأكدت المنظمة أنها لم تتمكن من إثبات الجهة التي تقف وراء الاستهداف ببيغاسوس.

وكان تقرير منفصل عام 2022 صادر عن منظمتين غير حكوميتين أخريين، هما "سيتزن لاب" و "فرونت لاين ديفندرز" تعرّف على "مشغلين اثنين لبرنامج بيغاسوس" قال إنهما "على الأرجح وكالتان تابعتان للحكومة الأردنية".

وأصرت شركة "أن أس أو" التي تواجه دعاوى قضائية متعددة من شركة "آبل" وغيرها، مرارا على أنها تبيع برامجها لعملاء حكوميين فقط ولأغراض سلمية.

ولكن تحقيقا نشر عام 2021 أشار إلى وجود حوالي 50 ألف ضحية محتملة لبيغاسوس حول العالم، وكثير منهم من المعارضين والصحافيين والناشطين.

وكشف مسؤولون أردنيون أن المملكة تعرضت في العام 2021 لنحو 900 قرصنة إلكترونية من بينها ما هو مرتبط بأربعين دولة استهدفت الديوان الملكي ومؤسسات حكومية وأجهزة أمنية وشركات.