تحذيرات سودانية للصين بسبب مسيرات الدعم السريع
الخرطوم - وجهت الحكومة السودانية المدعومة من الجيش تحذيرات غير مسبوقة إلى الصين، تطالب فيها بوقف استخدام قوات الدعم السريع لطائرات مسيّرة صينية الصنع، والتي أصبحت أداة رئيسية في التصعيد العسكري الجاري بالبلاد.
وقال وزير الإعلام السوداني خالد الإعيسر إن بلاده طلبت من بكين التدخل العاجل لـ"منع وصول تكنولوجيا الطائرات المسيّرة إلى جهات غير شرعية"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع التي تخوض صراعاً مفتوحاً مع الجيش منذ اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023. واعتبر أن استمرار الدعم التكنولوجي – ولو بشكل غير مباشر – يعمّق الأزمة ويزيد من معاناة المدنيين، داعياً الصين إلى "حماية مصداقيتها الدولية" و"احترام التزاماتها التعاقدية" المتعلقة باستخدام منتجاتها العسكرية.
ندعو الصين لحماية مصداقيتها الدولية
وجاءت هذه الاتهامات في أعقاب هجمات موجعة نفذتها قوات الدعم السريع باستخدام طائرات مسيّرة متطورة خلال الأشهر الماضية، مستهدفة مواقع استراتيجية للجيش في مدن مثل بورتسودان وأم درمان، بالإضافة إلى محطات الطاقة والسدود والمطارات في أنحاء متفرقة من البلاد.
ويلاحظ أن الدعم السريع نجح، خلال عام 2025، في تطوير قدراته الجوية باستخدام طائرات مسيّرة، في ما يبدو أنه تحول نوعي في تكتيكاته العسكرية، بعد أن كانت معاركه تعتمد في بدايتها على سرعة الانتشار والحرب البرية. وقد أثار هذا التحول مخاوف عميقة في أوساط القيادة العسكرية للجيش، خاصة مع تعرّض مواقعه الحيوية لضربات دقيقة أربكت منظومته الدفاعية.
ورغم فداحة الهجمات التي تعرض لها الجيش، لم تُقدم الحكومة السودانية حتى الآن أدلة دامغة تربط بين بكين وبين عمليات تزويد الدعم السريع بهذه الطائرات بشكل مباشر. بل اكتفى وزير الإعلام بالإشارة إلى ما سماه "تورطاً غير مباشر من قبل أبوظبي" في نقل طائرات صينية الصنع إلى قوات الدعم السريع، في مخالفة واضحة لشهادات المستخدم النهائي المبرمة بين السودان والصين.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تصاعد فيه التوتر الدبلوماسي بين الخرطوم وأبو ظبي، حيث أعلنت الحكومة السودانية في السادس من مايو/أيار الجاري عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الإمارات، متهمة إياها بلعب دور مركزي في دعم المتمردين، بل وذهبت إلى حد وصفها بـ"العدو".
غير أن أبو ظبي نفت بشدة هذه الاتهامات، واعتبرت أن الحكومة القائمة في الخرطوم لا تمثل الشعب السوداني، في إشارة إلى مجلس السيادة الانتقالي الذي يهيمن عليه الجيش.
وتضع هذه التطورات الصين في موقف دبلوماسي معقد. فمن جهة، تسعى بكين للحفاظ على علاقتها التاريخية مع السودان، لا سيما في ظل استثماراتها الكبيرة في قطاع النفط والبنية التحتية، ومن جهة أخرى، تجد نفسها محاصرة باتهامات متصاعدة بشأن تسرب تقنياتها العسكرية إلى جهات غير شرعية تستخدمها في نزاع داخلي دموي.
وكانت الخارجية السودانية قد استدعت السفير الصيني في أبريل/نيسان الماضي، وأبلغته احتجاجها الرسمي على استخدام طائرات صينية في الصراع. إلا أن بيجين لم تصدر حتى الآن موقفاً علنياً يوضح علاقتها بهذا الملف، مكتفية بالتأكيد على احترامها للاتفاقيات الدولية الخاصة بتجارة الأسلحة.
ومنذ أبريل/نيسان 2023، يعيش السودان واحدة من أسوأ الحروب الأهلية في تاريخه الحديث، حيث أسفرت المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص، وتشريد ما يزيد عن 14 مليون نسمة، في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة تهدد حياة 25 مليون مواطن بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
وكانت الاتهامات السودانية للإمارات قد بدأت منذ نوفمبر/تشرين الاول 2023، عندما تحدث مسؤولون حكوميون عن شحنات أسلحة تمر عبر تشاد إلى قوات الدعم السريع. غير أن نجامينا نفت حينها تلك الاتهامات، وأكد وزير الخارجية التشادي عبد الرحمن كولام الله أن بلاده "غير معنية بدعم أي طرف في الصراع"، محذراً من انعكاسات الحرب على الأمن الإقليمي.
بدورها تمكنت ابوظبي من الكشف عن خلية تقوم بدعم الجيش السوداني بالسلاح بطريقة غير شرعية في مخالفة للقوانين الدولية.