تراجع عوائد النفط يُرخي بظلاله على أولويات الإنفاق السعودي
الرياض - يرخي تراجع عوائد النفط بظلاله على أولويات الإنفاق السعودي، في خطوة من شأنها أن تؤثر على المشاريع الضخمة التي تعتزم المملكة إنشاءها في إطار خطتها الطموحة "رؤية 2030" التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط.
وأشارت تقارير حديثة إلى أن المملكة تواصل تنفيذ المشاريع المبرمجة على الرغم من تقلبات أسعار الخام، مع التركيز على تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط على المدى الطويل.
ونقلت صحيفة "فاينانشال تايمز" اليوم الخميس عن وزير المالية السعودي محمد الجدعان قوله إن المملكة ستجري تقييما لأولويات الإنفاق لديها في ظل الانخفاض الكبير في عوائد النفط.
وقال الجدعان إن الرياض تخطط للحفاظ على الوتيرة الحالية للإنفاق الحكومي على الرغم من اتساع العجز في الميزانية والحساب الجاري، فضلا عن ارتفاع مستويات الدّين.
وأكد متحدث باسم وزارة المالية صحة هذه التعليقات لرويترز، مضيفا "ما دام عائد الاستثمار من النفقات الإضافية أكبر من تكلفة الدين، فستواصل المملكة الإنفاق مع الحفاظ على استدامة وسلامة المالية العامة. إذا كان ذلك يعني عجزا قصير الأجل أو ارتفاعا قصير الأجل في نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، فهذا أمر يمكننا استيعابه وسنفعل ذلك. لا يزال وضعنا المالي قويا جدا، وسيظل كذلك".
وذكرت رويترز الشهر الماضي أن الضغوط تشتد على السعودية، التي ترتبط ثروتها ارتباطا وثيقا بإيرادات النفط، وتضعها أمام خيارين إما الاستدانة أو خفض الإنفاق بعد تراجع أسعار النفط الخام مما يعقد خططها لتمويل برنامج طموح لتنويع موارد اقتصادها بعيدا عن الاعتماد على النفط.
وأوضح الوزير للصحيفة أنه لن يشعر بالقلق إزاء اتساع العجز إلى ثلاثة بالمئة أو أربعة بالمئة أو "أحيانا" خمسة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي إذا كان الإنفاق الحكومي يدعم النمو غير النفطي، وهو هدف رئيسي في إطار استراتيجية تنويع مصادر الدخل التي تنتهجها المملكة.
وقال المتحدث باسم الوزارة إن "هدف المملكة هو تحقيق نمو غير نفطي، والحفاظ على مستويات الإنفاق الحالية يهدف إلى تحويل الاقتصاد على المدى الطويل على مدى عدة عقود".
وقال وزير الاقتصاد السعودي فيصل الإبراهيم خلال منتدى في الدوحة الأسبوع الماضي إن اقتصاد المملكة مستعد دائما لسيناريوهات أسعار النفط المختلفة وإن الميزانية تحركها الأولويات.
وأضافت الصحيفة أن الجدعان قال إن السعودية تهدف إلى تجنب "فخ الازدهار والكساد" من خلال اتباع سياسات معاكسة للدورات الاقتصادية وإعطاء الأولوية للنمو على التوازن المالي قصير الأجل.
وتكثف الرياض عمليات تكرير النفط للاستفادة من الهوامش المرتفعة، مما يساعد على تعويض الإيرادات المفقودة بسبب ضعف أسعار النفط والصادرات.
وفي الوقت الذي من المرجح أن تظل فيه أسعار النفط الخام عند المستويات الحالية أو حتى أقل من ذلك خلال معظم العام نظرا للزيادة الكبيرة في الإمدادات والضبابية بشأن معدلات الطلب، فإن زيادة عمليات التكرير توفر للرياض أداة فعالة لإدارة تقلبات أسعار النفط والصمود بشكل أفضل في مواجهة حرب أسعار قد يطول أمدها.
وتعتمد رؤية 2030 بشكل كبير على تمويل المشاريع الضخمة لتنويع الاقتصاد، فيما يتوقع أن يؤدي انخفاض أسعار الخام إلى تأخير أو تقليص الإنفاق في هذا المجال.
ويتوقع أن يدفع انخفاض أسعار النفط الحكومة بشكل أقوى لتسريع وتيرة التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، وهو أحد الأهداف الأساسية لخطة المملكة الطموحة.
ويمكن أن يشجع انخفاض عائدات النفط على توجيه المزيد من الاستثمارات نحو القطاعات غير النفطية مثل السياحة والتصنيع والتكنولوجيا والطاقة المتجددة، بما يتماشى مع أهداف الرؤية.