ترامب يعلن من السعودية رفع العقوبات عن سوريا

الرئيس الأميركي يؤكد أن قراره رفع العقوبات المفروضة على دمشق يأتي استجابة لطلب الأمير محمد بن سلمان.

الرياض - أعلن الرئيس الأميركي من السعودية اليوم الثلاثاء أنه سيأمر برفع العقوبات المفروضة على سوريا بناء على طلب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في دفعة قوية للرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع وسط مساعي تحقيق الاستقرار في البلد الذي دمرته الحرب.

وأعلن ترامب هذا القرار المفاجئ خلال جولة في منطقة الشرق الأوسط استهلها بزيارة السعودية وقال البيت الأبيض إن ترامب سيلتقي غدا الأربعاء الشرع خلال زيارته الحالية للسعودية. 

وذكر مصدران من الرئاسة السورية أن الشرع سيتوجه إلى الرياض للقاء ترامب، في وقت تلقي فيه الرياض بثقلها الإقليمي لدعم دمشق وإزالة كافة العقبات من أمام طريق تعافي الاقتصاد السوري.

وفرضت الولايات المتحدة عقوبات صارمة على سوريا خلال حكم الرئيس السابق بشار الأسد، وواصلت اتخاذ الإجراءات حتى بعد الإطاحة به من السلطة في ديسمبر/كانون الأول بعد حرب دامت أكثر من 13 عاما.

وقال ترامب إنه سيرفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا، مشيرا إلى أنها أدت دورا مهما لكن حان الوقت الآن لدمشق أن تمضي قدما.

وأضاف خلال منتدى الاستثمار السعودي الأميركي بالرياض "حان وقت تألق سوريا سنوقف جميع العقوبات. حظا سعيدا يا سوريا، أظهري لنا شيئا مميزا للغاية".

والاثنين، قال الرئيس الأميركي في تصريح صحفي "قد نخفف العقوبات على دمشق، لأننا نريد أن نمنحهم بداية جديدة، لذلك نريد أن نرى ما إذا كان بإمكاننا مساعدتهم".

وتتطلع الإدارة السورية الجديدة إلى دعم دولي وإقليمي لمساعدتها في معالجة تداعيات 24 سنة من حكم الرئيس السابق بشار الأسد (2000 - 2024).

وخفضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوباتهما بشكل جزئي على قطاعات سورية محددة، وسط آمال برفع كلي لتحقيق التنمية في البلاد.

ورحبت سوريا مساء الثلاثاء بقرار ترامب وأعربت عن شكرها للدعم السعودي في هذا المسار وقال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني "يمثل هذا التطور نقطة تحول محورية للشعب السوري، بينما نتجه نحو مستقبل من الاستقرار، والاكتفاء الذاتي، وإعادة الإعمار الحقيقية بعد سنوات من الحرب المدمّرة".

وتابع "ننظر إلى هذا الإعلان بإيجابية بالغة، ونحن على استعداد لبناء علاقة مع الولايات المتحدة تقوم على الاحترام المتبادل والثقة والمصالح المشتركة".

وزاد بأنه "يمكن للرئيس ترامب أن يحقق اتفاق سلام تاريخي ونصرا حقيقيا للمصالح الأميركية في سوريا".

واعتبر أن ترامب "قدّم بالفعل أكثر للشعب السوري من أسلافه الذين سمحوا لمجرمي الحرب بتجاوز الخطوط الحمراء وارتكاب مجازر لا إنسانية".

وكتب الشيباني، عبر منصة "إكس" "أتقدم بجزيل الشكر والتقدير للمملكة العربية السعودية قيادةً وحكومةً وشعبًا".

وأرجع هذا الشكر إلى "الجهود الصادقة التي بذلتها السعودية في دعم مساعي رفع العقوبات الجائرة عن سوريا" ورأى أن "هذه الخطوة تمثل انتصارا للحق وتأكيدا على وحدة الصف العربي".

وتابع أن "الدبلوماسية السعودية أثبتت مجددا أنها صوت العقل والحكمة في محيطنا العربي"، مضيفا "مساهمتكم الفاعلة في رفع العقوبات عن سوريا تعكس حرصا حقيقيا على وحدة سوريا واستقرارها وعودة دورها الفاعل في الإقليم".

ورحّب قائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي التي تعتبر الولايات المتحدة من أبرز داعميها في سوريا، بالقرار الأميركي وقال في منشور على موقع إكس "نأمل أن تُستثمر هذه الخطوة في دعم الاستقرار وإعادة البناء، بما يضمن مستقبل أفضل لكافة السوريين".

وقابل سوريون بفرح قرار رفع العقوبات ففي ساحة الأمويين، تجمّع العشرات من رجال ونساء وأطفال على وقع صوت الموسيقى تعبيرا عن فرحهم، بينما جال آخرون في سياراتهم رافعين العلم السوري الجديد.

ومن ساحة الأمويين، قالت هدى قصار (33 عاما) وهي مدرّسة لغة إنكليزية "الفرحة كبيرة جدا، طبعا سينعكس القرار بشكل إيجابي على البلد كلها، سيعود الإعمار وسيعود المهجرون، والأسعار سوف تتراجع".

ومن محافظة إدلب، قال بسام الأحمد (39 عاما) الذي يعمل في صناعة معدات كهربائية "أنا سعيد بسماع الأخبار عن رفع العقوبات الأميركية عن سوريا لأنه من حق الشعب السوري بعد 14 عاما من الحرب و50 عاما من ظلم الأسد أن يعيش باستقرار وأمن وأمان".

وأضاف أن "الأهم هو الاستقرار الاقتصادي الذي لا يمكن أن يتحقق من دون رفع العقوبات الأميركية لزيادة فرص الاستثمار داخل سوريا وتشجيع الناس على العمل بالإضافة إلى تأمين المواد الأولية والكثير من المنتجات التي حرمت منها سوريا بسبب العقوبات".

ومنذ بداية النزاع السوري في العام 2011، فرضت الولايات المتحدة سلسلة من العقوبات على الحكومة السورية وعلى الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وعدد من أفراد عائلته وشخصيات وزارية واقتصادية في البلاد.

وفي العام 2020، دخلت مجموعة جديدة من العقوبات حيز التنفيذ بموجب قانون "قيصر" استهدفت العديد من أفراد عائلة الأسد والمقربين منه، بينهم زوجته أسماء الأسد، بما يشمل تجميد أصولهم في الولايات المتحدة.

وفرض بموجب القانون عقوبات مشددة على أي كيان أو شركة يتعامل مع النظام السوري. ويستهدف القانون كذلك قطاعات البناء والنفط والغاز.

وهدف القانون إلى منع بقاء الأسد من دون محاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها حكمه. كذلك يحظر على الولايات المتحدة تقديم مساعدات لإعادة بناء سوريا، إلا أنه يعفي المنظمات الإنسانية من العقوبات جرّاء عملها في البلاد.

ولطالما شكلت الدعوة لرفع العقوبات أبرز المطالب التي كررها الرئيس الأسد خلال السنوات الأخيرة، معتبرا إياها أحد العراقيل في وجه إعادة التعافي الاقتصادي والإعمار بعد سنوات الحرب الطويلة.