تردد أميركي في سحب القوات العسكرية من سوريا بوجود تهديد داعش
واشنطن - أكد نائب الأدميرال البحري والمرشح لرئاسة القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم"، براد كوبر، أن "تنظيم داعش" لا يزال يشكل تهديداً في سوريا، مشيراً إلى أن الوجود العسكري الأميركي في سوريا لا يزال ضرورياً للتعامل معه.
واستقطب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب والقاضي بتقليص عدد القوات الأميركية في سوريا ردود فعل متباينة بين الفصائل المحلية، في حين أعرب شركاء الولايات المتحدة عن بقاء التهديدات على حالها، ورأى منتقدو هذا القرار بأنه لم يحقق إنجازاً كبيراً في ذلك الاتجاه.
وقال كوبر في تصريحات خلال جلسة تأكيد تعيينه أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي، إن "هناك حاجة مستمرة لوجود عسكري أميركي، ولو جزئياً في سوريا"، مؤكداً على ضرورة "دراسة الوضع المعقد في سوريا قبل إجراء تخفيضات إضافية في القوات الأميركية".
وأوضح كوبر، الذي يشغل حالياً منصب نائب قائد القيادة المركزية الأميركية التي تشرف على القوات الأميركية في الشرق الأوسط، أن الوجود العسكري الأميركي في سوريا "لا غنى عنه في تنفيذ مهمة مكافحة داعش".
وأضاف أن الولايات المتحدة "قادت هذه المهمة وتقودها اليوم، وأتوقع أن نواصل قيادتها في المستقبل، وكل قرار يتُخذ بشأن وضع القوات سيكون قائماً على الظروف".
وتحتفظ واشنطن بقوات في سوريا منذ سنوات كجزء من الجهود الدولية لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي استولى على مساحات شاسعة من الأراضي هناك وفي العراق المجاور قبل أكثر من عقد قبل أن يمنى بهزائم في البلدين.
ولسنوات قالت واشنطن أنها تنشر نحو 900 عسكري في سوريا، لكن البنتاغون أعلن في ديسمبر/كانون الأول 2024 أن عدد جنوده في سوريا تضاعف في وقت سابق من العام إلى نحو ألفين وتقول تقارير أخرى أنه وصل الى 2500 جندي.
وتعلن القوات الأميركية باستمرار عن استهداف قيادات وعناصر داعش على الأراضي السورية.
ورداً على سؤال من السيناتور الجمهوري جوني إرنست، بشأن الهجوم الذي استهدف كنيسة مار إلياس في العاصمة السورية دمشق، قال الضابط الأميركي إن القوات الأميركية في سوريا "تواجه هذا التحدي يومياً. داعش ما يزال يمثل تهديداً"، مشدداً على أنه "إذا تمّ التصديق على تعييني فسأواصل التركيز عليه بلا هوادة. هذا الملف يحتل أولوية مطلقة".
واعتبر كوبر أنّ دعم الولايات المتحدة للحكومة السورية برئاسة أحمد شرع "كان خياراً صائباً"، مؤكداً أنها "شريك أساسي في الحملة ضد التنظيم".
وأكد أن "داعش يزدهر في أجواء الفوضى. إذا تمكّنت الحكومة السورية، بعد سبعة أشهر على تشكيلها، من كبح هذا الخطر بالتعاون مع القوات الأميركية، فإنّ الاستقرار الناجم عن ذلك يعزّز أمننا القومي".
وأشار الضابط الأميركي إلى أنه "نظراً للطبيعة الديناميكية للأوضاع الراهنة، قد يختلف تقييمنا لعدد القوات المطلوبة في سوريا مستقبلاً عمّا هو عليه اليوم"، مشدداً في الوقت نفسه على أن "أي تغيير سيستند حصراً إلى تقدير مدى تهديد التنظيم وقدرة الشركاء المحليين على مواجهته".
وتعمل وزارة الدفاع الأميركية على خفض عدد أفراد جيشها المنتشرين في سوريا إلى أقل من ألف جندي تقريبا في الأشهر المقبلة.
وينقسم الوجود الأميركي في سوريا ما بين الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا والتي تخضع لسيطرة قسد، وبين حامية عسكرية موجودة في المنطقة الجنوبية الشرقية من البادية السورية ضمن منطقة تعرف باسم التنف، ويقوم على خدمة تلك القاعدة عناصر تعرف باسم جيش سوريا الحرة.
وأعلنت كلتا الجماعتين المدعومتين أميركياً عن مواصلتهما لدعم الوجود الأميركي الحليف لهما على الرغم من أن كلتيهما تسعيان للاندماج ضمن التحالف الذي يقوده إسلاميون والذي عمل على إسقاط الأسد.
وقال المتحدث باسم البنتاغون شون بارنيل في بيان في أبريل/نيسان الماضي إن "وزير الدفاع أعطى توجيهات بإدماج القوات الأميركية في سوريا عبر اختيار مواقع محددة"، دون تحديد المواقع التي سيجري فيها ذلك.
وأضاف أن "هذه العملية المدروسة والمشروطة من شأنها خفض عديد القوات الأميركية في سوريا إلى أقل من ألف جندي أميركي خلال الأشهر المقبلة".
وتابع بارنيل أنه "مع حدوث هذا الإدماج، بما يتفق مع التزام الرئيس ترامب بالسلام من خلال القوة، ستظل القيادة المركزية الأميركية مستعدة لمواصلة الضربات ضد بقايا تنظيم 'الدولة الإسلامية' في سوريا"، في إشارة إلى القيادة العسكرية المسؤولة عن المنطقة.
وسبق أن شكك الرئيس ترامب بجدوى وجود قوات أميركية في سوريا وأمر بسحب هذه القوات خلال ولايته الأولى، لكنه عدل عن رأيه في النهاية.
وبينما أطاحت فصائل معارضة بقيادة إسلاميين في هجوم خاطف بالرئيس بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، قال ترامب حينها إن واشنطن "لا ينبغي أن تتدخل".
وكتب ترامب المنتخب حديثا حينها على منصته تروث سوشال أن "سوريا في حالة فوضى ولكنها ليست صديقتنا، ويجب على الولايات المتحدة ألا تتدخل. هذه ليست معركتنا".
وقد دفع هجوم دامٍ لمقاتلين من تنظيم "الدولة الإسلامية" عام 2014 بالولايات المتحدة إلى شن حملة جوية دعما لوحدات تابعة للحكومة العراقية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" بقيادة الأكراد تصدت للجهاديين.
ونشرت واشنطن أيضا آلافا من الجنود الأميركيين لتقديم المشورة والمساعدة للقوات المحلية، حيث خاضت القوات الأميركية في بعض الحالات معارك مباشرة ضد الجهاديين.
وبعد سنوات من الحرب الدامية، أعلن رئيس الوزراء العراقي النصر النهائي على تنظيم "الدولة الإسلامية" في ديسمبر/كانون الأول/2017، في حين أعلنت قوات قسد هزيمة "خلافة" الجماعة في آذار/مارس 2019 بعد الاستيلاء على معقلها الأخير في سوريا.
لكن الجهاديين لا يزال لديهم بعض المقاتلين في ريف البلدين، كما تنفذ القوات الأميركية منذ فترة طويلة ضربات وغارات دورية لمنع عودة ظهور الجماعة.
وتعرضت القوات الأميركية في العراق وسوريا لهجمات متكررة من قبل مسلحين موالين لإيران في أعقاب اندلاع حرب غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكنها ردت بضربات عنيفة على أهداف مرتبطة بطهران، وتراجعت الهجمات إلى حد كبير.