
تركيا تحاول استقطاب ايطاليا لتحالف 'المصلحة' في ليبيا
أنقرة - تحاول تركيا تخفيف جبهات المواجهة واستقطاب داعمين لتدخلها العسكري في ليبيا وفي شرق المتوسط بعد أن أججت أنشطة التنقيب عن النفط والغاز التي أطلقتها على خلاف الصيغ والمواثيق الدولية ومنها قانون البحار، التوتر في المنطقة.
وبدأت بالفعل في مغازلة ايطاليا التي تنظر إلى ليبيا كفضاء جيوسياسي حيوي لاقتصادها وأمنها، حيث تنطلق معظم رحلات الهجرة السرية من السواحل الليبية.
وتتحرك الدبلوماسية التركية بمكر لم يعد خاف على أحد، فأنقرة التي تتعرض لانتقادات غربية حادة تقودها فرنسا على خلفية انتهاكاتها المتناثرة من سوريا إلى ليبيا وصولا إلى العراق، تسعى لاستثمار الخلاف والتنافس الفرنسي الايطالي، لاستمالة روما إلى صفها.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اليوم الجمعة، إن بلاده ستعمل مع إيطاليا لإرساء سلام مستقر وعملية سياسية تفضي إلى نتائج في ليبيا، مضيفا أن على الحلفاء بحلف شمال الأطلسي أيضا التعاون في شرق البحر المتوسط.
وتدعم تركيا حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في طرابلس. وتمكنت هذه الحكومة بدعم تركي من صد هجوم استمر 14 شهرا على طرابلس شنته قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
ويحظى حفتر باحترام ايطاليا التي أشادت مرارا بجهوده في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، إلا أن روما حاولت أيضا الوقوف في المنتصف خلال الأزمة الليبية وسبق لها أن استضافت مؤتمرا لدفع جهود السلام وتقريب وجهات النظر بين طرفي الأزمة، إلا أن الحكومة الايطالية أبدت منذ فترة ميلا لحكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج ضمن دفع للعلاقات اساسه كبح الهجرة ونصيبا من صفقات اعادة الاعمار والنفط.
وفي فبراير/شباط الماضي زار وزير الخارجية الايطالي طرابلس حيث التقى مع السراج وأجرى مباحثات تشمل سبل حل الأزمة السياسية وانهاء الصراع وايضا تعزيز العلاقات الليبية الايطالية.

وكان حفتر والوفد المرافق له قد حضر إلى روما لكنه رفض في المقابل المشاركة التركية في أشغال المؤتمر بوصفها دولة 'راعية للإرهاب' ولدعمها جماعات الإسلام السياسي وفروعها المتشدد في المنطقة ومن ضمنها جماعة الإخوان المسلمين.
وقال جاويش أوغلو وهو يتحدث في مؤتمر صحفي مع نظيره الإيطالي لويجي دا مايو في أنقرة إن تركيا تريد أيضا العمل مع إيطاليا لتلبية احتياجات ليبيا من الطاقة مثل الكهرباء.
وتابع أن بوسع البلدين التعاون أيضا في شرق البحر المتوسط حيث تخوض أنقره نزاعا مع اليونان ولاعبين إقليميين آخرين حول مكامن النفط والغاز في المنطقة.
وتبدي تركيا ليونة حيال التعامل مع ايطاليا على خلاف علاقاتها المتوترة مع كل من فرنسا وألمانيا. وفي مسعى للالتفاف على ضغوط الدولية نشطت أنقرة دبلوماسية الاستقطاب، مستغلة حالة الانقسامات في أوروبا حول الملف الليبي وملف الهجرة.
ولعبت تركيا في السابق هذه الورقة لاحتواء الانتقادات الأوروبية ولترهيب شركائها الأوروبيين بطوفان من المهاجرين واللاجئين.
والإرهاب والهجرة ورقتان استثمرتهما تركيا جيدا في ابتزاز أوروبا سياسيا وماليا، وهو تحاول في هذه الفترة أن تلعب على وتر الخلافات بين ايطاليا والاتحاد الأوروبي حول الموازنة وإجراءات دعم الاقتصاد بعد جائحة كورونا.
ولم تخف الحكومة الايطالية في الفترة الماضية انزعاجها من الشركاء الأوروبيين في الوقت الذي كان فيه فيروس كورونا يحصد أرواح مئات الايطاليين وفي الوقت الذي بدا فيه الموقف الأوروبي اضعف من أي وقت مضى، بينما نشطت بكين وأنقرة وموسكو دبلوماسية الكمامات والأجهزة الطبية. وشعر الايطاليون بالخذلان خاصة من أوروبا.