تركيا ترغب في تعزيز التعاون مع العراق رغم التوتر
بغداد - صرح سفير أنقرة لدى بغداد أنيل بورا إينان أن بلاده عززت قنوات الحوار مع العراق بشأن كل القضايا في الفترة الجديدة، قائلا إن "تركيا تدعم جهود العراق لتعزيز التنمية والاستقرار"، فيما لا يزال البلدان يسعيان إلى التوصل إلى حلول لعدد من الملفات الخلافية يتصدرها التوغل التركي في إقليم كردستان ومسألة شلل صادرات النفط العراقي عبر ميناء جيهان التركي، فضلا عن قضية المياه التي أثارت توترا بين البلدين بسبب بناء أنقرة عددا من السدود على نهري دجلة والفرات ما أدى إلى تراجع حصة بغداد.
وفي مقابلة مع الأناضول، أشار إينان الذي بدأ مهامه الجديدة في بغداد، إلى أن العراق "بلد عانى من الاحتلال والصراع والحرب الأهلية وعنف المنظمات الإرهابية القاسية لأكثر من 40 عاما".
وأوضح أن تركيا، باعتبارها دولة مجاورة تعاني من الإرهاب، تتفهم العراق جيدا"، مضيفا أن الشعب العراقي "صديق وجار وقريب تعرض لمحن لا تليق بالكرامة الإنسانية".
وقال السفير "بدأنا نرى أن السياسة العراقية قادرة على الاستجابة بسرعة وبشكل هادف للمطالب الملموسة للشعب العراقي"، مضيفا "هناك تطورات إيجابية ظهرت في العراق مؤخرا، ويبدو أنه يعمل بسرعة من خلال اتخاذ خطوات ملموسة على تعزيز آلية الدولة في السياسة الخارجية والداخلية".
وأردف "هناك بالفعل خطوة تنموية كبيرة تجري في الداخل، وهي مبنية على رغبات الشعب العراقي"، متابعا "يتخذ العراق خطوات إيجابية لاستعادة ثقله السابق في السياسة الخارجية"، مضيفا أن "تركيا تريد زيادة الحوار في مجالات التعاون وتنويع قنوات الحوار، وتولي أهمية للاتصالات على مستوى القيادة.
وأفاد بأن بلاده ترغب دائما وتدعم استمرار العملية الديمقراطية التي تتقدم بطريقة سليمة في العراق. وفي معرض حديثه عن قضية المياه بين تركيا والعراق، أفاد سفير أنقرة أن الرئيس رجب طيب أدروغان ينظر إلى قضية المياه من منظور إسلامي وإنساني، مشيرا إلى ضرورة الترشيد في استخدام المياه، لا سيما مع قلة منسوبها واستنزافها وتزايد عدد السكان.
ولفت إلى أهمية الاتفاقية الموقعة في هذا المجال وأنه مع قدوم الشركات التركية إلى العراق بهذه الاتفاقية، ستقوم أنقرة وبغداد ببناء البنية التحتية للمياه في العراق معا.
وتحمل بغداد مسؤولية تراجع منسوب نهري دجلة والفرات لجارتيها تركيا وإيران بسبب بنائهما لسدود ما أدى إلى انخفاض بنحو 50 في المئة من الحصة المائية للعراق.
وذكر إينان إحراز تقدم كبير بين تركيا والعراق فيما يتعلق بالقتال ضد مقاتلي حزب العمال الكردستان الذي تصنفه أنقرة تنظيما إرهابيا وتفعيل الآلية الأمنية رفيعة المستوى بين البلدين في هذا السياق، عقب زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى العراق في أغسطس/آب 2023.
وفي هذا الجانب، أشار إينان إلى أنه تم تصنيف الحزب "تهديدا مشتركا" للبلدين في الاجتماع الذي عقد في أنقرة في ديسمبر/كانون الأول 2023، وأُعلن أنه "تنظيم محظور" في اجتماع مارس/آذار 2024.
ولفت إلى أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أعلن أن تنظيم حزب العمال الكردستاني "محظور" في كافة مؤسسات الدولة.
وأوضح أن العمليات العسكرية المستمرة للقوات المسلحة التركية في شمال العراق تتم مع الاحترام الكامل لسلامة أراضي العراق وتهدف إلى القضاء على "التنظيم الإرهابي" الذي يهدد الأمن القومي للبلدين.
وأفاد السفير التركي في العراق بأنه شرح للأوساط الدينية الشيعية في النجف بوضوح مبررات تركيا في حربها ضد الإرهاب وما عانت منه من حزب العمال الكردستاني "الإرهابي" على مدى 40 عاما.
وفي إشارة إلى أن النجف لها مكانة مهمة في السياسة العراقية، قال إنها وكربلاء مركزان مهمان للعالم الإسلامي.
وأضاف "إننا نعمل على تنويع قنوات التواصل والحوار بشأن كل قضية مع العراق في الفترة الجديدة"، مردفا "نريد المضي قدما من خلال الاجتماع مع السلطات العراقية والاتفاق ضمن إطار مؤسسي".
وفي سياق الحديث عن وضع التركمان في العراق، قال السفير التركي "إن التركمان هم عنصر مؤسس وأساسي في العراق، ويجب أن نعلم ذلك في المقام الأول"، مؤكدا أنهم كانوا دائما مواطنين مخلصين للعراق، "ومع ذلك تعرضوا للتعذيب والقمع والمجازر".
ولفت إلى أن التركمان ليسوا في كركوك فقط، بل أيضا في الموصل ودهوك وأربيل وشدد على أن المجتمع التركماني "غير ممثل بشكل صحيح في السياسة العراقية".
وفي معرض حديثه عن تركمان كركوك، أشار السفير إلى أنه لا يجوز المساس بحقوقهم ولا يجب استخدامهم كأداة للمفاوضات السياسية.
وقال "عدد السكان التركمان في كركوك كبير كما أن التأثير التركماني في تاريخ المدينة هام أيضاً، والتركمان يستحقون أن يتم تمثيلهم بشكل عادل في كركوك".
وفي حديثه عن مشروع الطريق التنمية، ذكر إينان أنه مشروع عراقي وأن التقدم السريع مطلوب في هذا الصدد.
وقال "نلاحظ أن المشروع في ميناء الفاو يتقدم بسرعة، ومع ذلك، نعتقد أنه ينبغي تسريع مشروع طريق التنمية بشكل عام".
وفي 22 أبريل/نيسان الماضي وقعت تركيا والعراق وقطر والإمارات في بغداد، مذكرة تفاهم رباعية للتعاون حول مشروع "طريق التنمية"، برعاية الرئيس أردوغان والسوداني.
وذكَّر السفير بزيارة أردوغان لأربيل خلال زيارته للعراق، قائلا "نحن جيران لحكومة إقليم كردستان على معظم حدود بلادنا مع العراق. وليس لدينا سوى بوابة حدودية واحدة، وهي ضمن الحدود الإدارية للإدارة الإقليمية".
وأضاف "نولي أهمية لهذه العلاقات واستمرار الاستقرار في الإدارة الإقليمية، فاستقرار هذه المنطقة يؤثر بشكل مباشر على استقرار منطقتنا الحدودية".
وأردف "لدينا استثمارات ورجال أعمال جادون في تلك المنطقة، وعلاقاتنا تاريخية وشعبنا يتمتع بعلاقات قرابة مع أهل المنطقة".
وتوغل الجيش التركي خلال الآونة الأخيرة داخل إقليم كردستان العراق ودفع بتعزيزات عسكرية قوامها 300 دبابة ومدرعة وأقام حواجز أمنية، وسط تنديد كردي بهذا الانتشار الذي يعتبره الأكراد انتهاكا للسيادة الوطنية، فيما ألقت حكومة الإقليم بالمسؤولية على الحكومة الاتحادية المعنية بحماية الأمن القومي.