تركيا ترهن التقارب مع دمشق بضمان أمنها القومي

أنقرة تشترط في محادثاتها مع دمشق التعاون ضد حزب العمال الكردستاني وضمان عودة اللاجئين السوريين.

أنقرة - أفادت وزارة الخارجية التركية، إن أنقرة اتخذت منذ بداية "الأزمة" في سوريا، موقفًا مبدئيًا وبينما تعمل على مراجعة سياستها الخارجية بما يتماشى مع متطلبات مصالحها الوطنية، فهي لا تتردد في اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة التهديدات التي يتعرض لها أمنها القومي، فيما يبدو إشارة إلى حزب العمال الكردستاني الذي تريد أنقرة التعاون مع سوريا لمواجهته، وهو الدافع الرئيسي لهذا التقارب.

وأضافت الخارجية في بيان الأربعاء إن تحريف الحقائق وتوجيه الاتهامات بدافع التعصب الأيديولوجي لتحقيق مكاسب سياسية لا يندرج ضمن هذه الفئة، معتبرة أن الاتهامات الموجهة للسياسة التركية الخارجية تفتقر إلى التحليل والمعرفة الأساسية بالتاريخ.

وتشترط أنقرة في محادثاتها مع دمشق التعاون ضد حزب العمال الكردستاني حيث تعتبر أن قوات سوريا الديمقراطية امتدادًا له في سوريا، وضمان عودة اللاجئين السوريين، مع استعداد للحديث في هذه القضايا، وهو ما أكد عليه وزير الدفاع التركي مطلع يونيو/حزيران مع شروط أخرى منها إجراء انتخابات حرة ودعم إقرار دستور شامل في سوريا.

من جانبها، نقلت صحيفة الوطن المقربة من الحكومة السورية، عن مصادر لم تسمها أن "هناك اتصالات مستمرة بين موسكو وعواصم عربية تضمن أن يخرج أي لقاء مع الجانب التركي بتعهد واضح وصريح وعلني للانسحاب من كامل الأراضي السورية التي يحتلها الجيش التركي ومن لف لفيفه، وفق أجندة محددة زمنيًا". واعتبرت المصادر ذلك قاعدة أساسية يمكن البناء عليها للبحث المتبقي في الملفات.

وذكرت الصحيفة أن العاصمة العراقية بغداد ستشهد قريبا اجتماعا سوريا-تركيا، ويُتوقع أن يكون بالتزامن مع لقاء مرتقب بين الرئيسين التركي والروسي، على هامش اجتماع منظمة شنغهاي في الفترة من 3 إلى 4 يوليو/تموز الجاري.

وسبق أن اجتمع وزراء خارجية كل من روسيا وتركيا وإيران وسوريا في موسكو ضمن "الصيغة الرباعية" في مايو/أيار 2023، بعد سلسلة لقاءات بين رؤساء استخبارات الدول ووزراء الدفاع، لكن ورغم هذه الجهود، فإن مساعي تركيا تعثرت بتصريح الأسد أن "هدف أردوغان هو شرعنة وجود الاحتلال التركي في سوريا".
لكن لاحقا، أدلى الرئيس التركي تصريحات وجّه خلالها رسائلًا للحكومة والمعارضة السورية. وقال مساء الثلاثاء، إن هناك فائدة كبيرة في فتح القبضات المشدودة في السياسة الخارجية، وكذلك الداخلية، "ولن نمتنع عن الاجتماع مع أي كان، كما كان الحال في الماضي"، في إشارة إلى مسار التقارب مع الحكومة السوري.

وأضاف خلال كلمة أمام الحكومة التركية، "عند القيام بذلك، سنأخذ مصالح تركيا في الاعتبار في المقام الأول، لكننا لن نسمح لأي شخص يثق بنا أو يلجأ إلينا أو يعمل معنا أن يكون ضحية في هذه العملية/ تركيا ليست ولن تكون دولة تتخلى عن أصدقائها"، في إشارة إلى المعارضة السورية.

كما أوضح أن من الممكن اتخاذ خطوات إضافية من شأنها أن تخدم السلام والهدوء، والحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنية يشكل أولوية بالنسبة لتركيا، "لا عيون لنا على أرض أحد أو سيادته".

وتزامن حديث أردوغان مع تعليق أميركي على مسار التقارب التركي مع دمشق، إذ قالت وزارة الخارجية الأميركية إن بلادها أبلغت حليفتها تركيا بموقفها من إقامة محادثات مع النظام السوري، مع وجوب التركيز على ضرورة اتخاذ خطوات لتحسين وضع حقوق الإنسان والوضع الأمني ​​لجميع السوريين.

وجاء في إحاطة صحفية لنائب المتحدث الرئيسي للوزارة فيدانت باتيل الثلاثاء، أن موقف الولايات المتحدة واضح، ولن تطبع العلاقات مع النظام في غياب تقدم حقيقي نحو حل سياسي للصراع الأساسي.

وقال باتيل إن بلاده كانت واضحة مع شركائها الإقليميين بما في ذلك تركيا في أن "أي تواصل مع دمشق يجب أن يتركز على ضرورة اتخاذ خطوات موثوقة لتحسين الوضع الإنساني وحقوق الإنسان والوضع الأمني ​​لجميع السوريين".

وأضاف، "شددنا مع الشركاء الإقليميين أن على دمشق التعاون في العملية السياسية المنصوص عليها في القرار الأممي (2254)".