تركيا تنتقل من الترغيب إلى الترهيب لتجنيد السوريين في ليبيا
بيروت - كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت أن تركيا انتقلت في ظل خسائرها في ليبيا وتمرد المقاتلين السوريين عن الضباط الأتراك ورفض بعضهم الآخر المشاركة في معارك طرابلس، من "الترغيب" إلى "الترهيب" لإجبار عشرات السوريين للمشاركة في الحرب الليبية، بالإضافة إلى تجنيد الأطفال وإرسالهم إلى هناك.
وعلى الرغم من كل المناشدات الدولية والتحذيرات فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يواصل إرسال المرتزقة السوريين إلى ليبيا لدعم رئيس حكومة الوفاق فايز السراج والميليشيات المسلحة الموالية له.
وبلغ عدد المرتزقة السوريين في ليبيا حتى الآن نحو 8 آلاف مقاتل، فيما تعمل تركيا باستمرار في ظل تورطها في معركة خاسرة بليبيا على تجنيد آخرين على الأراضي السورية الخاضعة لسيطرتها، بهدف إرسالهم إلى ليبيا عند اقتضاء الحاجة، وفق ما أفاد به المرصد.
وتعكس التعزيزات التي يزج بها أردوغان إلى ليبيا مدى انحسار قوات تركيا والميليشيات الليبية المسلحة الموالية لحكومة الوفاق وتقهقرها أمام تقدم قوات الجيش الليبي الذي يسعى لاستعادة السيطرة على العاصمة طرابلس.
وباتت عملية إرسال عشرات المقاتلين السوريين إلى ليبيا تدار تحت ضغط تركي كبير على قيادات فصائل "الجيش الوطني" لإجبارهم على القتال في ليبيا في ظل رفضهم ذلك، بعد أن كانوا متحمسين للمشاركة في معارك طرابلس طمعا في إغراءات تركيا في بداية الأمر.
وبعد تخلف تركيا عن الوفاء بوعودها وعدم تسديد رواتب المرتزقة السوريين لم تعد لمعظمهم رغبة في الذهاب إلى ليبيا خصوصا بعد الأنباء التي وصلتهم عن مدى معاناة رفقائهم هناك.
ودفع رفض الفصائل السورية الذهاب إلى ليبيا للقتال تحت إمرة الضباط الأتراك، السلطات التركية لاستخدام ورقة الضغط، حيث تهدد الاستخبارات التركية قيادات الفصائل السورية بفتح ملفات تتعلق بفضائح وجرائم ارتكبوها إذا لم يتم الاستجابة لطلب إرسال مقاتلين إلى ليبيا.
ويرفض المقاتلون السوريون مؤخرا المشاركة في معارك طرابلس بعد أن كانوا يتسابقون على الذهاب إلى هناك، بعد تراجع تركيا عن دفع رواتب عالية وعدت بها في بداية الأمر، لكنها لم تف بذلك، إذ أن الراتب الشهري لكل مقاتل لا يتعدى الآن في أقصى حالاته 400 دولار أميركي خلافا لما وعدت به السلطات التركية بأن يكون الراتب 2000 دولار على الأقل.
وقبل أيام دفع تخلف تركيا عن الوفاء بوعودها تجاه من تغريهم للقتال في ليبيا تحت رايتها، كثيرا منهم للتمرد على الضباط الأتراك في أكثر من محور بالمعارك في طرابلس، وخلق حالة من الاضطراب في الشق المتكون من الجنود الأتراك ومليشيات السراج والمرتزقة، وسبب خسائر في أكثر من جبهة قتال ضد عناصر الجيش الليبي.

وحدثت مناوشات بين مرتزقة أردوغان من جهة والضباط الأتراك وميليشيات الوفاق من جهة أخرى.
ودفعت هذه المناوشات بحسب المصادر التي تحدثت لصحيفة العرب اللندنية، الضباط الأتراك وميليشيات الوفاق إلى توجيه إهانات بعبارات العنصرية واتهامات بالجبن للمرتزقة السوريين، ما يعكس مدى معاناتهم في ليبيا بعد تورطهم في الحرب سعيا وراء الإغراءات المالية التي قدمها أردوغان لدفعهم للقتال في ليبيا ثم تخلف عنها.
وأدى ذلك مؤخرا إلى رفض 'فيلق الرحمن' السوري إرسال مقاتليه إلى ليبيا ردا على تخلف السلطات التركية عن وعودها وما يروج من أخبار عن معاناة المقاتلين السوريين الذين أرسلوا إلى هناك.
إلى ذلك توقفت تركيا عن تمويل الفيلق ودفع رواتب مقاتليه وخفضت مخصصاته من الطعام والذخيرة، فيما أفاد المرصد أن المخابرات التركية أرغمت فصائلا على الذهاب إلى ليبيا، حيث قتل العشرات منهم في المعارك.
وقبل ذلك علم المرصد السوري أن هناك استياء كبيرا في صفوف المرتزقة السوريين المتواجدين في ليبيا، بسبب تخلف تركيا عن الوفاء بوعودها، مشيرا إلى مدى معاناتهم داخل معسكرات طرابلس.
وتحدث أحد المقاتلين عن ندم الجميع بشأن القدوم إلى ليبيا، مشيرا إلى تورطهم بذلك، داعيا العناصر السورية الراغبة في القتال في سوريا للتراجع عن قرارها بسبب سوء الأوضاع وتخلف السلطات التركية عن دفع مستحقات المقاتلين البالغة 2000 دولار أميركي للشهر الواحد.
وأكد المقاتل أن الجميع يريد العودة إلى سوريا وأن هناك دفعات استعدت لذلك في ظل تمردهم على الضباط الأتراك وميليشيات حكومة الوفاق الليبية.
وفي سياق متصل تحدث مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن أن تركيا في ظل الانشقاقات الكبيرة داخل الفصائل السورية الموالية لها ورفض شق منهم الذهاب إلى ليبيا، التجأت إلى تجنيد عشرات الأطفال منذ فترة وإرسال بعضهم إلى معارك طرابلس.
وأفاد عبدالرحمن أن طفلا سوريا دون سن الـ18 قتل ضمن المعارك التي تخوضها الفصائل الموالية لتركيا في ليبيا، حيث وصلت جثته مؤخرا إلى مناطق درع الفرات أين تم دفنها.

وفي هذا الإطار سلط المرصد السوري السبت الضوء من جديد على سقوط المزيد من القتلى في صفوف المرتزقة السوريين الذين أرسلتهم تركيا إلى ليبيا، وذلك خلال المعارك الأخيرة في طرابلس.
وأكد المرصد وصول ما لا يقل عن سبع جثث من المقاتلين السوريين ممن قتلوا في معارك ليبيا الأخيرة، إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الأتراك بريف حلب شمال سوريا.
ووفقا لهذه المستجدات بلغت حصيلة قتلى مرتزقة أردوغان في ليبيا حتى الآن 268 قتيلا، فيما تواصل تركيا نقل مزيد من المقاتلين السوريين لدعم ميليشيات حكومة الوفاق في معاركها ضد الجيش الوطني الليبي الذي يسمتر في عمليته العسكرية لتحرير العاصمة طرابلس من المسلحين المتطرفين.
ويواصل الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر منذ أبريل/نيسان 2019 عملية تحرير العاصمة ضمن مساعي إرساء السلام في ليبيا ونزع السلاح من أيدي المتطرفين.
وذكر المرصد أن السبعة قتلى الذين وصلوا مؤخرا للأراضي السورية الواقعة تحت سيطرة الجيش التركي، تابعين لفصائل لواء المعتصم وفرقة السلطان مراد ولواء صقور الشمال والحمزات وسليمان شاه.
كما أفاد المرصد نقلا عن مصادره أنهم قتلوا خلال الاشتباكات الأخيرة على محاور حي صلاح الدين جنوب طرابلس ومحور الرملة قرب مطار العاصمة الليبية ومحور مشروع الهضبة، بالإضافة لمعارك مصراتة ومناطق أخرى في ليبيا.
ويرى مراقبون أن أردوغان يهدف من خلال إرغام قيادات الفصائل السورية الموالية له على إرسال المقاتلين إلى طرابلس، إلى بسط نفوذه في ليبيا بعد سوريا وتثبيت مشروعه في سيطرة الإخوان المسلمين على البلاد العربية.