
تركيا تنتهج سلوكا مخادعا لإرسال المرتزقة إلى ليبيا
بيروت - أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت بأن المخابرات التركية مستمرة في عمليات تجنيد المرتزقة السوريين وإرسالهم إلى ليبيا مستخدمة أساليب جديدة لدفعهم نحو ساحات الموت، على الرغم من النداءات الدولية المطالبة بوقف تلك العمليات، فيما يبدو أن تركيا لا تعير أي اهتمام للتحذيرات متمسكة بتأجيج الوضع في ليبيا بما لا يتماشى مع المساعي الدولية لإرساء السلام في ليبيا.
وأكد المرصد أن الفصائل السورية الموالية لتركيا تعمل رفقة الجيش التركي على استغلال الوضع المادي الصعب لسكان مخيمات النزوح شمال غرب سوريا لإغرائهم وإيهامهم بالخروج في مهمة إلى قطر لحماية المنشآت النفطية هناك ضمن شركة أمنية وبراتب 3 آلاف دولار، لكنها خدعتهم بتغيير وجهتهم إلى ليبيا للقتال في صف الميليشيات المتطرفة الموالية لحكومة الوفاق في طرابلس والتي تحظى بدعم تركي.
وضمن هذه الخدعة التركية وصلت مؤخرا إلى ليبيا بحسب مصادر المرصد طائرة تحمل ما لا يقل عن 120 مقاتلا سوريا بينهم أطفالا ممن تم إيهامهم بالذهاب للعمل في قطر، بينما يبدو أن هناك تنسيق قطري تركي على تكوين شبكات تأوي الآلاف من المرتزقة السوريين لجنيدهم ورصهم ضمن الصفوف المقاتلة الأولى في معارك ليبيا الضارية.
وتعتمد المخابرات التركية في عملية خداع الأطفال والشباب السوريين على فصائل 'سليمان شاه' وفرقة 'السلطان مراد' و'فيلق الشام' الموالية لها.
ويخرج مئات السوريين من أراضيهم نحو قطر في مهمة عمل بحسب وعود الأتراك، لكن الوجهة والراتب يتغيران، فبمجرد الوصول إلى تركيا تبدأ عمليات التدريب والتجنيد لإرسالهم إلى ليبيا براتب مزعوم يبلغ 2000 دولار.
ويبدو أن أنقرة اضطرت لتغيير أساليب إقناع السوريين على القتال في ليبيا من الإغراء برواتب شهرية واهية إلى الخداع، بعد تمرد كثير من المرتزقة السوريين في ليبيا ورفضهم القتال تحت إمرة الأتراك بسبب تخلف السلطات التركية عن الإيفاء بوعودها المادية، حيث لم يحصل المقاتلون سوى على ربع المبالغ التي وعدت بها تركيا.

وكانت تركيا قد أغرت المقاتلين السوريين منذ بداية نقلهم إلى ليبيا قبل أشهر، بدفع أجر شهري لا يقل عن 2000 دولار ومنحهم امتيازات أخرى كالحصول على الجنسية التركية، لكن ذلك لم يحدث، كاشفا تحايل الحكومة التركية في استمالة السوريين واستغلال ظروفهم الصعبة.
وتعيد الممارسات التركية الانتهازية في استغلال أوضاع السوريين وخصاصتهم وانتهاكاتها في ليبيا، إلى الأذهان إدخال عشرات آلاف "الجهاديين" إلى سوريا حتى عام 2014 على مرأى من المجتمع الدولي الذي يتابع اليوم بصمت الجرائم التي تركبها تركيا في كل من ليبيا وسوريا، دون اتخاذ أي قرارات رادعة للأنشطة التركية المشبوهة.
وتتهم جهات ليبية وسورية عدة تركيا بمحاولة تأجيج الحرب بين الفرقاء الليبيين وإفشال الجهود الدولية الرامية إلى إرساء السلام في ليبيا، وذلك عبر سعي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نشر الفوضى وتحويل الأراضي الليبية إلى أرض خصبة لترعرع الفصائل الإرهابية ومستنقع للمتطرفين للاستثمار في وضع أمني هش لتوسيع نفوذه وضمان بقاء دائم لدعم حكومة الوفاق في طرابلس.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن إن أنقرة تخدع المرتزقة السوريين بوعود برواتب ومكافآت كبيرة، مشيرًا إلى أن الهدف الأساسي للرئيس التركي، هو السيطرة على مناطق النفط وعلى رأسها سرت وكذلك زعزعة الأمن القومي المصري في محاولة لإعادة جماعة الإخوان إلى الحكم من جديد.
ويأتي استمرار تركيا في تجنيد السوريين ضمن استراتيجيتها لإعداد مزيد من المقاتلين تحت إغراءات مالية واهية، للدفع بهم نحو جبهات الموت في ليبيا، مستغلة احتياجات كثير منهم في ظل تردي الأوضاع المعيشية وإجبار بعضهم الآخر بينهم أطفال على القتال عنوة في ليبيا، فيما تعكس هذه الجرائم التركية بإرسال الآلاف، عنجهية النظام التركي وتعنته في تحدي المجتمع الدولي الحاث على وقف التدخل الخارجي في الحرب الليبية وتغذيتها.
وبلغ عدد المرتزقة السوريين الموالين لأنقرة على الأراضي الليبية حتى الآن، أكثر من 17 ألف عنصر بينهم ما لا يقل عن 350 طفلا، بحسب المرصد، فيما عاد آلاف المقاتلين إلى سوري بعد انتهاء عقود بعضهم ورفض بعضهم الآخر مواصلة القتال لتخلف تركيا عن سداد مستحقاتهم والوفاء بوعودها، في المقابل قتل منهم نحو 500 مرتزق في معارك طرابلس وضواحيها ومناطق ليبية أخرى بينهم أطفال.
في حين بلغ عدد "الجهاديين" الذي أرسلتهم تركيا إلى ليبيا من جنسيات مختلفة، نحو 10 ألاف مقاتل، بينهم 2500 ممن يحملون الجنسية التونسية، وفق ذات المصدر.
وتأتي التعزيزات التركية لدعم حكومة الوفاق بعناصر متشددة بينها مقاتلين منتمين إلى تنظيم داعش الإرهابي، على الرغم من الإدانات الصادرة من عدة دول بشأن الانتهاكات التركية في ليبيا، وانقلاب تركيا على تعهدتها في مؤتمر برلين.
ووقعت تركيا مطلع العام الحالي اتفاقا دوليا في برلين يقضي بعدم التدخل في الشؤون الليبية، لكنها لم تلتزم بتعهداتها، مستمرة في دعمها العسكري للوفاق بما يؤجج الصراع في ليبيا ويحول دون التوصل لحل دائم في ليبيا.