تصعيد جديد يطرق أبواب الضفة بعد تفاهمات بين حماس والجهاد والجبهة الشعبية

حماس تستعد لتصعيد محتمل مع إسرائيل، بالتحرك على عدة جبهات لاسيما في ظل ما تواجهه من ضغوط أزمات تتعلق بالأوضاع المعيشية في قطاع غزة، بينما تتأهب اسرائيل للرد.

بيروت - اتفقت قيادات من حركة الجهاد الإسلامي، وحركة حماس، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، على "تصعيد المقاومة الميدانية وتعزيز كل أشكال التنسيق"، ليكون بمثابة الشرارة التي تشعل المناطق التي يصدر منها التهديد إثر الرد الإسرائيلي عليها.

وعُقد، مساء السبت، لقاء ثلاثي في العاصمة اللبنانية بيروت، جمع قيادات من حركة الجهاد الإسلامي، وحركة حماس، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وخرجوا ببيان ثلاثي جاء فيه "شدّدت القوى الثلاث على أهمية تصعيد المقاومة الشاملة، وعلى رأسها المقاومة المسلحة في وجه الاحتلال الإسرائيلي، واتفقوا على تعزيز كل أشكال التنسيق بين القوى الثلاثة في القضايا كافة.

ويقول مراقبون إن حماس تتأهب لتصعيد محتمل مع إسرائيل، بالتحرك على عدة جبهات لاسيما في ظل ما تواجهه من ضغوط أزمات تتعلق بالأوضاع المعيشية في قطاع غزة.

من بين تلك الضغوط مصاعب تأمين صرف رواتب قرابة 40 ألفا من موظفي الحركة، والذين يتقاضون أصلا 60 بالمئة من قيمة رواتبهم منذ سنوات طويلة.

وتصاعدت وتيرة الأحداث التي تشهدها الحدود الشرقية لقطاع غزة مع الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال الأسبوعين الأخيرين، بعدما تزايدت حدة التظاهرات التي تنظمها بشكل يومي وحدات "الشباب الثائر"، وهي مجموعات شبابية محسوبة على الفصائل الفلسطينية، ما يعيد إلى الأذهان فترة مسيرات العودة الكبرى.

وتشهد هذه التظاهرات إشعال الإطارات قرب السياج الحدودي الذي يفصل المناطق الشرقية للقطاع عن الأراضي المحتلة، فضلاً عن تفجير عبوات ناسفة قرب الجدار والسياج.
وخلال الأيام الأخيرة، أعادت هذه الوحدات تفعيل خيارات أخرى غير التظاهرات الحدودية، من خلال تفعيل البالونات الحارقة تجاه مستوطنات غلاف غزة، بالإضافة إلى وحدات قص السلك الحدودي إلى جانب فعاليات الإرباك الليلي، وهي أنشطة كانت معروفة خلال فترة مسيرات العودة في الفترة ما بين 2018 ونهاية 2019، فيما يقوم الجيش الإسرائيلي بإطلاق الرصاص تجاه المشاركين في التظاهرات.

ولم تعلن الفصائل الفلسطينية في غزة، بما في ذلك حركة حماس التي تدير شؤون القطاع، عن تفعيل المسيرات بشكلٍ رسمي، باستثناء الإعلان الأولي الصادر قبل نحو شهر عن الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة بتحضير منطقة الخيام من جديد.

وتقتصر الدعوات الرسمية اليومية لهذه التظاهرات على الإشارة إلى أنها تأتي في إطار الاحتجاج على الانتهاكات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى، في ظل موسم الأعياد اليهودية المتواصل حتى منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل من دون الإشارة إلى القطاع بشكلٍ رسمي.

ويعارض غالبية الفلسطينيين هذه التظاهرات التي تسببت للشباب المشاركين بها بإصابات بالغة وبتر أعضاء من أجسادهم، بسبب الرد الإسرائيلي عليهم بالرصاص الحي، وذلك في سبيل أن تحصل الفصائل المحرضة على المظاهرات على المكاسب السياسية وتخفيف الضغط عنها تحت ذريعة مقاومة الاحتلال.

وجاء في بيان الفصائل الثلاثة أنهم ناقشوا "التطورات الراهنة، وسبل مواجهة عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتصاعد ضد الشعب الفلسطيني، وخاصة تهديدات الاحتلال بتنفيذ اغتيالات، ومواصلة الاقتحامات، واستمرار سياسة الضم والاستيطان، والعدوان على مدينة القدس ضمن محاولاتٍ محمومة لفرض واقع جديد في المدينة المقدسة".

واتخذت إسرائيل القرار الرسمي برفع درجة الاغتيالات لتشمل قادة الصف الثاني في الجهاد الإسلامي، في مايو الماضي بعد وفاة الشيخ خضر عدنان المضرب عن الطعام طيلة 86 يوماً، والرد الذي قامت به حركة الجهاد بإطلاق 104 صواريخ باتجاه البلدات الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة في الجنوب.

وسقطت صواريخ الجهاد في مناطق مفتوحة، وقسماً منها سقط داخل قطاع غزة، وعلى الرغم من أنها لم تسفر عن مقتل أو إصابة إسرائيليين حيث أصيب فيها ثلاثة عمال من الصين يعملون في ورشة بناء إسرائيلية؛ فقد طالب سياسيون إسرائيليون من الائتلاف ومن المعارضة، برد قاسٍ وبالعودة إلى سياسة الاغتيالات، واعتبروها "تمادياً على إسرائيل" و"استخفافاً بقوة الردع"، و"دليلاً على أن الشرخ العميق في المجتمع الإسرائيلي نتيجة طرح الحكومة خطتها لتغيير منظومة الحكم وإضعاف القضاء والرد الجماهيري الواسع عليها، يشجع إيران وأذرعها على توجيه ضربات لإسرائيل".

وبحسب تسريبات أمنية لوسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن المعلومات الاستخباراتية لدى الجيش تقول إن قيادات حركتي حماس والجهاد، ليسوا معنيين بالتصعيد إلى مستوى حرب، وإن حماس ستتصرف كما تصرفت في المرتين السابقتين، فلم تتدخل عندما تعرضت الجهاد الإسلامي لقصف إسرائيلي. ولذلك اختار الجيش الاسرائيلي، انتقاء عمليات اغتيال محددة لثلاثة من كبار القادة في سرايا القدس التنظيم العسكري للجهاد.

ورفعت إسرائيل التأهب في ضوء تلقي أجهزة الأمن أكثر من 200 إنذار حول احتمال وقوع عمليات خلال فترة الأعياد. وتتوقع عمليات أثناء الفترة الحالية قد تتحول إلى تصعيد يجرها إلى مواجهة متعددة الجبهات.

ويعتقد المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون أن التصعيد سيبدأ في الضفة الغربية، وقد ينتقل إلى غزة ولبنان في ظل سعي كل من حزب الله وحماس والجهاد إلى الربط بين هذه الساحات.

وخلال اجتماع حكومته الشهر الماضي، تطرّق رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى تصريحات نائب رئيس حركة حماس صالح العاروري، التي هدّد فيها بمواصلة عمليات المقاومة، وقال نتنياهو  "لقد استمعت إلى رجل حماس العاروري من مخبئه في لبنان، هو يعرف لماذا يختبئ، لأننا نقاتلهم بكل الوسائل، ومن يمارس الإرهاب ضد إسرائيل فسيدفع الثمن كاملاً"،.

وتوعّد بمواجهة حماس في غزة والضفة الغربية و"في كل مكان"، وصرح "من يخطط للمسّ بنا، من يموّل وينظم ويرسل الذين يمارسون الإرهاب ضدنا، سيدفع الثمن". وأضاف: "نحن نواجه موجات إرهاب من الداخل والخارج، علينا توحيد صفوفنا أمام التهديدات الداخلية والخارجية التي توجهها إيران، سنقف موحدين وننتصر عليهم".