تصفيات المونديال تضع فلسطين ولبنان وجها لوجه في زمن الحرب

قبل الهجوم الدموي على غزة وتغير كل شيء، فلسطين حققت نتائج جيدة وتأهلت إلى نهائيات كأس آسيا 2024 في قطر للمرة الثالثة توالياً، إضافة إلى انتصارات ودية نوعية ما زاد الآمال المعلّقة على 'الفدائي' ثاني أعلى المنتخبات في تصنيف 'فيفا' في المجموعة التاسعة بعد أستراليا للعبور إلى الدور الثالث الذي يصل إليه أول منتخبين من كل مجموعة.

الشارقة (الامارات) - لم يسبق لمنتخب فلسطين لكرة القدم أن تأهل إلى نهائيات المونديال، لكن في ظل الحرب القائمة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة المحاصر، فإن المباراة أمام لبنان في التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى مونديال 2026 تبدو أصعب على لاعبين ترزح عائلاتهم تحت وطأة المعاناة.

قبل الحرب الحالية في غزة، حققت فلسطين نتائج جيدة وتأهلت إلى نهائيات كأس آسيا 2024 في قطر للمرة الثالثة توالياً، إضافة إلى بعض الانتصارات الودية النوعية ومنها الفوز على البحرين 2-1 في المنامة، ما زاد الآمال المعلّقة على "الفدائي" ثاني أعلى المنتخبات في تصنيف "فيفا" في المجموعة التاسعة بعد أستراليا، للعبور إلى الدور الثالث الذي يصل إليه أول منتخبين من كل مجموعة.

لكن كل شيء تغيّر بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، إذ اندلعت الحرب بعد هجوم غير مسبوق شنّته حركة حماس على إسرائيل.

وقتل نحو 1200 شخص في إسرائيل غالبيتهم من المدنيين قضوا في اليوم الأول من الهجوم حسب السلطات الإسرائيلية التي تقدّر كذلك أن نحو 240 شخصاً أخذوا رهائن في الهجوم.

وتقصف إسرائيل القطاع منذ الهجوم، وبدأت شنّ عمليات برية اعتباراً من 27 تشرين الأول/أكتوبر. وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحكومة حماس في آخر حصيلة لها أن 11320 شخصا قتلوا في القصف، وأن من بين القتلى 4650 طفلاً.

مذاك الحين، توقّف النشاط الرياضي كلياً في فلسطين، واضطر المنتخب للانتقال إلى الأردن للمحافظة على الحد الأدنى من لياقة لاعبيه قبل انطلاق التصفيات، واعتذر عن عدم المشاركة في بطولة ماليزيا الودية في تشرين الأول/أكتوبر.

يقول المسؤول الإعلامي لمنتخب فلسطين أحمد الرجوب لوكالة فرانس برس إن "التدريب الحقيقي الأول للمنتخب الذي يجمع مزيجاً من اللاعبين المحليين (ما عدا لاعبي قطاع غزة) والمحترفين في الدوريات العالمية، جرى الاثنين في الشارقة (قبل أربعة أيام من مباراة لبنان)".

ويخوض المنتخب الفلسطيني الخميس مباراته الأولى أمام لبنان في مدينة الشارقة الإماراتية ضمن منافسات المجموعة التاسعة في تصفيات آسيا المشتركة لكأس العالم 2026 وكأس آسيا 2027.

وتُقام المباراة في الشارقة التي اختارها لبنان أرضاً بيتية في التصفيات، لكن من دون جمهور جراء العقوبة التي فرضتها لجنة الانضباط في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) على "رجال الأرز"، وقضت بحرمانهم من جماهيرهم لمباراة واحدة بسبب الشغب في مباراتهم أمام سوريا في تصفيات مونديال 2022.

"الحديث كلّه عن الحرب"

اللاعبين جزء من شعب فلسطين، ويتأثرون بمعاناته

عن معنويات اللاعبين قبل خوض المباراة الأولى في التصفيات، يشير الرجوب إلى أن "اللاعبين جزء من شعب فلسطين، ويتأثرون بمعاناته. الحديث الدائم بينهم ليس عن كرة القدم، بل عن الحرب، والجميع عندما يتواجد في غرفه أو في الحافلة يسارع إلى متابعة الأحداث الجارية عبر الهواتف النقالة للاطمئنان على عائلاتهم وأقاربهم وأصدقائهم".

رغم ذلك، يؤكد الرجوب أن "الطموح بالتأكيد هو الفوز، رغم أن المباراة مع لبنان لن تكون سهلة".

وكان منتخب فلسطين يضم ثلاثة لاعبين من غزة هم إبراهيم أبوعمير، خالد النبريص، وأحمد الكايد، لكنهم لم يستطيعوا الالتحاق بزملائهم بسبب الحرب، كما أن "الفدائي" يضم في تشكيلته محمود وادي لاعب بيراميدز المصري والمعار إلى المقاولون العرب، ومحمد صالح مدافع الاتحاد السكندري، واللذين تسكن عائلاتهما في القطاع المحاصر.

قال وادي في تصريحات صحافية خلال تواجده في مصر إن "كل عائلة في غزة معرضة للموت حتى عائلتي".

وبدوره، أقرّ المدرب التونسي مكرم دبدوب الذي يقود فلسطين منذ العام 2021 إنه "من الصعب على اللاعبين التركيز على كرة القدم، في حين أن العديد منهم لديهم عائلات في خطر".

وشدد على عزم "الفدائي" على الفوز لاسعاد شعبه، مضيفا "مع احترامنا للبنان طموحنا هو الفوز، كأقل تقدير لشعب فلسطين وسنبذل قصارى جهدنا لجعله فخورا بنا".

وأضاف "استعداداتنا كانت سيئة بسبب الحرب، ونفسية اللاعبين ليست جيدة بسبب قلقلهم على عائلاتهم واصدقائهم، والدوري الفلسطيني توقف منذ شهرين، لذلك فان معسكر الأردن كان مهما وان اقيم باللاعبين المحليين".

وكشف دبدوب الذي عمل مدربا لحراس مرمى فلسطين قبل ان يستلم قيادته في 2021 بديلا للجزائري نور الدين ولد علي الذي اعتذر عن عدم استكمال مهامه ان "80 بالمئة من التشكيلة التي شاركت في تصفيات كأس آسيا 2024 متواجدة الآن، لكن لم يتجمع المنتخب بقائمته الكاملة الا الاثنين في الشارقة بعد التحاق اللاعبين المحترفين".

وتابع "لنكن واقعيين، فلسطين ولبنان سيلعبان على البطاقة الثانية للمجموعة المؤهلة الى الدور الثالث، لان الأولى ستكون محجوزة لاستراليا، لذلك فان الفائز من المباراة (الخميس) سيقطع خطوة كبيرة باتجاه التأهل".

ورأى ان" لبنان جيد ويملك عناصر لديها خبرة، كما انه يدافع بشكل مميز".

من جهته، قال مدافع فلسطين مصعب البطاط "سنحاول تقديم افضل ما لدينا من اجل شعبنا، لذلك فان المباراة مهمة بالنسبة لنا وسنخوضها بروح عالية رغم الصعاب التي عانينا منها".

على المقلب الآخر، يفتتح لبنان مشواره بهدف بلوغ الدور النهائي، بنهج جديد يقوده المدرب الكرواتي نيكولا يورتشيفيتش الذي حل الشهر الماضي بدلاً من الصربي ألكسندر إيليتش.

لبنان ليس بعيداً

ولبنان ليس بعيداً عن الحرب في غزة، إذ أن جبهته الجنوبية تشهد تصعيداً بين إسرائيل وحزب الله الذي يقصف ومجموعات أخرى مواقع إسرائيلية من جنوب لبنان بشكل يومي. وتردّ إسرائيل بقصف قرى وبلدات حدودية وتقول إنها تستهدف تحركات ومنشآت لحزب الله، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر.

يضاف هذا التصعيد إلى أزمة اقتصادية حادة غير مسبوقة ترخي بظلالها على اللبنانيين منذ أكثر من ثلاث سنوات.

لكن رغم ذلك، يتطلع بورتشيفيتش إلى تحقيق انطلاقة جيدة، بالاعتماد على تشكيلة يغلب عليها الطابع المحلي بقيادة المخضرم حسن معتوق، بينما يغيب عدد من المحترفين في مقدمهم باسل جرادي مهاجم بانكوك يونايتد التايلاندي بسبب إصابة عضلية قد تبعده فقط عن المباراة الأولى، حارس الفيصلي الأردني المخضرم مهدي خليل خلال مواجهة الإمارات الشهر الماضي ولاعب وسط تيلبورغ السويدي محمد علي الدهيني.

ويعوّل المدرب الكرواتي على أسماء لها الخبرة الواسعة مثل الحارس مصطفى مطر والمدافعين قاسم الزين وجورج ملكي ونصّار نصّار، والمهاجمين هلال الحلوة وحسن "سوني" سعد.

واكد يورسيفيتش ان لاعبيه يشعرون باندفاع كبير لبداية مشوارهم في التصفيات مشددا على أهمية تحقيق نتيجة جيّدة رغم قوة الخصم الذي لا يمكن الاستهانة به ابداً.

وقال "أرى ان اللاعبين في حالة تركيز عالية ولديهم حماسة استثنائية لمواجهة غدٍ وغيرها من المباريات، لذا آمل ان نقدّم مباراة طيّبة وان نحقق نتيجة مرضية.

وردّاً على سؤال حول خوض لبنان لمبارياته البيتية بعيداً من ارضه، قال: "من المهم لأي منتخب اللعب امام جمهوره لان هذا الامر يمنحه قوةً إضافية، لكننا نقف امام ظروفٍ واقعية، ولا اريد ان أتكلم يومياً عن هذا الامر او اناقشه مع اللاعبين لان المهم هو التركيز على طريقة لعبنا وتحقيق النتيجة الإيجابية".