تضاؤل آمال التوصل لاتفاق هدنة في غزة

اسرائيل ترفض مطالب حماس بإنهاء الحرب وسحب القوات من كامل قطاع غزة.
نتانياهو يعتبر الاستسلام لمطالب حماس بمثابة هزيمة مروعة لإسرائيل
حماس تعلن مسؤوليتها عن هجوم على معبر كرم أبو سالم بين إسرائيل وقطاع غزة
ماكرون يحثّ نتانياهو على وقف التصعيد الإقليمي

القدس - تضاءلت الآمال في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار مع إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الأحد، تأكيده على رفض إنهاء الحرب في قطاع غزة في الوقت الحالي، معتبرا أن ذلك "سيبقي حركة حماس في السلطة"، فيما قالت الأخيرة إنها ترغب في التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار "يضمن الانسحاب الكامل" للقوات الإسرائيلية.

وقال وفد حماس إنه سيغادر القاهرة مساء اليوم الأحد بعد انتهاء أحدث جولة من محادثات الهدنة وذلك للتشاور مع قيادة الحركة.

وأكدت الحركة في بيان "تعاملها بكل إيجابية ومسؤولية، وحرصها وتصميمها على الوصول لاتفاق يلبي مطالب شعبنا الوطنية وينهي العدوان بشكل كامل ويحقق الانسحاب من كامل قطاع غزة وعودة النازحين وتكثيف الإغاثة وبدء الإعمار وإنجاز صفقة تبادل الأسرى".

وقال مسؤولون فلسطينيون إن وفد حركة حماس تمسك بموقفه المتمثل في أن أي اتفاق يجب أن ينص على إنهاء الحرب، وذلك خلال اليوم الثاني من المحادثات التي تتوسط فيها مصر وقطر.

ولم يتوجه مسؤولون من إسرائيل إلى القاهرة للمشاركة في المفاوضات لكن نتنياهو أكد اليوم الأحد مجددا على هدف إسرائيل المعلن منذ بداية الحرب قبل ما يقرب من سبعة أشهر، وهو نزع سلاح حركة حماس وتفكيكها إلى الأبد حتى لا يتعرض أمن إسرائيل للخطر مستقبلا.

وأفاد مصدر مطلع بأن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) بيل بيرنز توجه إلى الدوحة حيث سيجتمع مع رئيس الوزراء القطري لبحث الوساطة في الحرب بين إسرائيل وحماس.

وقال المصدر الذي طلب عدم كشف هويته لحساسية الموضوع، إن بيرنز في طريقه إلى العاصمة القطرية لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الذي تشارك بلاده في الجهود الرامية إلى التوصل إلى هدنة في غزة وإطلاق سراح الرهائن.

وأضاف المصدر "مع عدم حدوث انفراجة في المحادثات الأخيرة بين مصر وإسرائيل في القاهرة، فإن مدير وكالة الاستخبارات المركزية بيرنز في طريقه إلى الدوحة لعقد اجتماع طارئ مع رئيس الوزراء القطري لبحث ما إذا كان من الممكن إعادة المحادثات إلى مسارها الصحيح".

وترعى قطر إلى جانب الولايات المتحدة ومصر، مفاوضات منذ أشهر في إطار الجهود الرامية إلى وقف الأعمال العدائية في قطاع غزة.

وتستضيف قطر مكتبا سياسيا لحركة حماس بمباركة من واشنطن، كما تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة.

واستؤنفت في القاهرة السبت المحادثات الرامية للتوصل إلى هدنة في الحرب الدائرة منذ قرابة سبعة أشهر بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، على خلفية اتّهامات متبادلة بعرقلة أي اتفاق.

وقال نتانياهو في تصريحات نقلتها رويترز "إسرائيل مستعدة لتعليق القتال في غزة مقابل إطلاق سراح الرهائن"، مضيفا أنه لا "يمكن قبول مطالب حماس بإنهاء الحرب وسحب القوات من غزة، وترك حماس في السلطة".

وأوضح أن "إسرائيل لن تقبل شروطا تصل إلى حد الاستسلام، وستواصل القتال حتى تحقيق أهداف الحرب". وأضاف أن “الاستسلام لمطالب حماس سيكون بمثابة هزيمة مروعة لدولة إسرائيل، مضيفا  “سيكون ذلك نصرا عظيما لحماس وإيران ومحور الشر بأكمله. وسيظهر ضعفا رهيبا أمام أصدقائنا وأعدائنا”.

وحذر من أنه في حال أظهرت إسرائيل ضعفا بهذه الطريقة، فإن ذلك لن يؤدي إلا إلى تقريب الحرب المقبلة، “وسوف يؤدي إلى تأخير اتفاق السلام المقبل… لأن التحالفات لا تتم مع الضعفاء والمهزومين. (ولكن) التحالفات تتم مع القوي والمنتصر.”

من جهته، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى “استكمال” المفاوضات مع حماس للتوصل إلى هدنة في قطاع غزة والإفراج عن الرهائن لدى الحركة الفلسطينية، حسبما أورد قصر الإليزيه في بيان.

وأشارت الرئاسة الفرنسية إلى أن ماكرون “حثّ” نتانياهو “في اتصال هاتفي” على “استكمال المفاوضات التي قد تؤدي إلى تحرير الرهائن وحماية المدنيين من خلال وقف لإطلاق النار وخفض التصعيد الإقليمي”.

بدورها، أصدرت حركة حماس، بيانا أكدت فيه أنها "ما زالت حريصة على التوصل إلى اتفاق شامل ومترابط المراحل ينهي العدوان، ويضمن الانسحاب، ويحقق صفقة تبادل جدية للأسرى".

وأكّد مسؤول كبير في حركة حماس مساء السبت أنّ الحركة "لن توافق بأي حال من الأحوال" على اتفاق هدنة في غزة لا يتضمن صراحة "وقفا دائما للحرب".

وقال المسؤول الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه إنّ "الكيان يسعى إلى إطار اتفاق لاسترداد أسراه دون ربط ذلك بإنهاء العدوان على غزة".

وأكّد أنّ "حماس لن توافق بأي حال من الأحوال على اتفاق لا يتضمن صراحة وقفا دائما للحرب على غزة، متهما نتانياهو بأنّه "يعرقل شخصيا" جهود التوصل لاتفاق هدنة وذلك لما اعتبر أنها "حسابات شخصية".

وتابع أنّ "تعنت الاحتلال قد يعطّل المفاوضات ونتانياهو يتحمل كامل المسؤولية" عن فشلها.

وأفاد بأنّ "حماس طلبت أن يتضمن الاتفاق نصا واضحا وصريحا يقول +الاتفاق على وقف كلّي ودائم لإطلاق النار+"، مشيرا إلى أنّ "إسرائيل ترفض هذه النقطة حتى الآن". وتابع "نحن حريصون على التوصل لاتفاق لكن ليس بأي ثمن"، مشددا على أنّه "لن يكون هناك اتفاق دون وقف كامل للحرب وانسحاب الاحتلال من كامل قطاع غزة".

وفي وقت سابق الأحد، نقلت قناة "القاهرة الإخبارية" المصرية عن مصدر وصفته بأنه "رفيع المستوى"، أن المفاوضات الدائرة حاليا "تشهد تقدما إيجابيًا"، لافتة إلى أن "عودة السكان إلى شمالي القطاع من بين بنود الاتفاق".

ونقلت قناة "القاهرة الإخبارية" المصرية، الأحد، أن المفاوضات الدائرة حاليا حول وقف إطلاق النار في غزة تشهد "تقدما إيجابيًا"، وأن عودة السكان إلى شمالي القطاع من ضمن بنود الاتفاق.

يأتي ذلك فيما أعلن الجناح المسلح لحركة حماس، مسؤوليته عن هجوم على معبر كرم أبو سالم بين إسرائيل وقطاع غزة تسبب حسب تقارير إعلامية فلسطينية وإسرائيلية في وقوع خسائر في صفوف الإسرائيليين.

وقال الجيش الإسرائيلي إن عشر قذائف أُطلقت من رفح في جنوب قطاع غزة باتجاه المعبر الذي أُعلن أنه مغلق الآن أمام شاحنات المساعدات المتجهة إلى القطاع. لكن المعابر الأخرى لا تزال مفتوحة.

وقالت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح للحركة الفلسطينية، إنها أطلقت صواريخ على قاعدة للجيش الإسرائيلي قرب المعبر، لكنها لم تذكر المكان الذي أُطلقت منه القذائف.

ونقلت وسائل إعلام تابعة لحماس عن مصدر مقرب من الحركة قوله إن المعبر التجاري لم يكن هو الهدف من الهجوم. ويحتمي أكثر من مليون فلسطيني في مدينة رفح القريبة من الحدود مع مصر.

وتتوعد إسرائيل بدخول مدينة رفح وطرد مقاتلي حماس هناك، لكنها تواجه ضغوطا متزايدة لوقف إطلاق النار لأن العملية يمكن أن تعرقل الجهود الإنسانية الهشة في غزة وتعرض حياة الكثيرين للخطر.