تعاون في الطاقة بين مالي والنيجر يرسم نهاية نفوذ الجزائر في الساحل
نيامي/باماكو - وقعت مالي والنجير اتفاقا تزود بموجبه نيامي عدة مناطق في الشمال المالي بالنفط، بعد توقف الإمدادات من الجزائر، ما يؤشر على أن البلدين الحليفين يسعيان إلى قطع فك الارتباط بالجانب الجزائري بما يشمل قطع العلاقات الاقتصادية، في خطوة من شأنها أن تفاقم عزلة الجزائر في محيطها الأفريقي.
وتم توقيع الاتفاق منذ نحو أسبوع خلال زيارة أداها وزير الصناعة والتجارة المالي موسى ألسان ديالو إلى نيامي تركزت على بحث سبل إيجاد حلول لأزمة الوقود التي شهدتها مناطق ميناكا وغاو وكيدال وتمبكتو بعد أن أوقفت الجزائر صادرات النفط إلى البلد الواقع في منطقة الساحل الافريقي.
ويأتي هذا التعاون في غمرة التوتر بين الجزائر ودول تحالف الساحل الذي يضم مالي والنيجر وبوركينا فاسو بعد الأزمة التي أثارها إسقاط الجيش الجزائري طائرة استطلاع مسيرة تابعة لباماكو وتهويل السلطات الجزائرية للحادثة التي تطورت إلى استدعاء سفراء وغلق المجال الجوي أمام الطائرات المالية.
ويرى مراقبون أن الجزائر أخفقت في ترميم علاقاتها المتصدعة مع عدة دول أفريقية، ما أدى إلى تراجع حضورها في المنطقة بسبب سياستها الخارجية الخاطئة وفشلها في تسوية كافة الأزمات التي تدخلت فيها ومن بينها التوتر بين مالي والانفصاليين الطوارق بعد أن ألغت باماكو في نهاية العام 2023 اتفاق السلام الموقع في العام 2015 بسبب ما اعتبرته تدخلا في شؤونها إثر تفاوض السلطات الجزائرية مع وفد عن المتمردين.
ويحمل اتفاق الطاقة بين النيجر ومالي العديد من الدلالات من بينها سعي نيامي إلى لعب دور بارز في تحالف دول الساحل، بما يشمل توجيه ضربة موجعة إلى الجزائر تهدف إلى إنهاء حضورها في المنطقة، خاصة في ظل التوتر المتصاعد بين البلدين بسبب عدة ملفات من بينها ترحيل السلطات الجزائرية لمهاجرين نيجريين في ظروف وصفتها منظمات إنسانية بأنها "كارثية".
ويعكس هذا التعاون تضامن نيامي مع باماكو بهدف التصدي للضغوط التي تمارسها الجزائر من بوابة الطاقة، فيما يرى مراقبون أن الدبلوماسية الجزائرية كان من المفترض أن تبادر إلى التهدئة وتسوية الخلافات مع البلدين الجارين عوضا عن التصعيد.
وتشير تقارير إلى أن الجزائر فقدت قدرتها على التأقلم مع التطورات الإقليمية الأخيرة، خاصة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، بينما تقف عاجزة عن صياغة رؤية خارجية منسجمة، في وقت تواجه فيه اتهامات بالتدخل في شؤون الآخرين وتركيزها على استعادة نفوذها المنحسر دون طرح أي برامج تنموية أو مبادرات تتضمن حلولا لأزمات المنطقة.
ويرى مراقبون أن الجزائر لم تستطع مواكبة التغيرات المتسارعة في المنطقة، خاصة بعد صعود قوى إقليمية ودولية أخرى، بالإضافة إلى توجه تحالف الساحل إلى التعاون مع روسيا.
كما يضاعف زخم العلاقات بين تحالف الساحل الأفريقي والمغرب وتنامي التعاون الثنائي قلق الجزائر، خاصة بعد أن انخرطت مالي والنيجر وبوركينا فاسو في مبادرة الأطلسي لتسهيل وصول دول المنطقة إلى الممر المائي انطلاقا من الموانئ المغربية، بينما فشلت السلطات الجزائرية في مجاراة النجاحات التي حققتها الرباط على طريق ترسيخ مكانتها كبوابة على أفريقيا.