تعثر مفاوضات الموازنة يضع فرنسا على أعتاب أزمة جديدة
باريس – تقف فرنسا على أعتبا أزمة سياسية جديدة مع تعثر مفاوضات الموازنة اذ وصلت إلى حافة الانهيار اليوم الأربعاء بعد يوم من تعليق مسؤولي الحزب الاشتراكي مشاركتهم فيها احتجاجا على تصريحات رئيس الوزراء فرانسوا بايرو بشأن الهجرة مما يهدد حكومته.
وقال بايرو إن العديد من الفرنسيين يشعرون بأن أعداد المهاجرين "طاغية" مما أثار الغضب وأدى إلى تعقيد محاولاته لتحقيق التوازن السياسي.
لم يكن ينتظر رئيس الحكومة الفرنسية الجديد فرانسوا بايروا أن يفتح جبهة صراع سياسية جديدة مع الحزب الاشتراكي واليسار بشكل عام وقسم من حلفائه بعدما صرح بأن المهاجرين "يغرقون" فرنسا.
ورحب نواب اليمين المتطرف من حزب التجمع الوطني بتصريحات رئيس الوزراء، لكن الاشتراكيين اعترضوا عليها وانسحبوا من محادثات الموازنة مما هدد مساعي إقرارها وأثار شكوكا جديدة حول استقرار حكومة بايرو.
ويأتي انسحاب الاشتراكيين في لحظة حاسمة مع دخول مشروع موازنة عام 2025 مرحلته النهائية. ومن المقرر أن تقوم لجنة مصغرة من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ غدا الخميس بصياغة النص النهائي قبل إحالته لمجلس النواب يوم الاثنين.
ورأى جيرالد دارمانان وزير العدل الذي ينتمي إلى حزب 'النهضة' الرئاسي، أن "إقدام رجل وسطي معتدل متوازن بعد شهر ونصف من توليه مهامه على رأس الحكومة، على مثل هذا التصريح (هناك نسبة من الأجانب لا يجب تجاوزها على التراب الوطني)، يعتبر خطوة إلى الأمام".
وبينما أثنى نائب رئيس حزب الجبهة الوطنية سيباستيان شينو بما وصفه بـ"الانتصار في المعركة الإيديولوجية"، قالت مارين لوبان رئيسة كتلة الحزب في الجمعية الوطنية، إنها تنتظر أن يتخذ بايرو "إجراءات تبعا للاستنتاجات" التي خلص إليها.
لكن تصريحات رئيس الوزراء الفرنسي التي بدت مغازلة لليمين المتطرف كان لها وقع الصدمة لدى الجناح اليساري في المعسكر الرئاسي، فقد قالت يائيل براون بيفيه رئيسة الجمعية الوطنية "لم أكن لأدلي بهذه التصريحات أبدا وهي تزعجني.. نحن نتحدث عن رجال ونساء.. عن بلادنا فرنسا التي لطالما استضافت وبنيت على هذا التقليد من خلال تاريخها وجغرافيتها وثقافتها".
وكانت انتقادات اليسار لتصريحات رئيس الوزراء أشد، اذ قالت سيريل شاتلين رئيسة كتلة الخضر في الجمعية الوطنية إنها تشعر بصدمة شديدة من تصريحات بايرو التي وصفتها بأنها "مخزية"، مؤكدة أنها تعكس "فكرة خاطئة يروج لها اليمين المتطرف".
وقال رئيس كتلة الاشتراكيين في الجمعية الوطنية بوريس فالو "نحن لا نستعير عبارات أو هوامات اليمين المتطرف"، معتبرا تصريحات بايرو "شائنة"، محذرا من أن تصريحات بايرو من شأنها "التأثير" على قرار حزبه دعم رئيس الوزراء في تصويت مستقبلي لحجب الثقة عنه.
وقال بايرو ردا على سؤال حول تصريحاته خلال جلسة مساءلة في الجمعية الوطنية الثلاثاء، إنه متمسك باختياره للمصطلحات، مشيرا إلى إقليم مايوت الفرنسي في المحيط الهندي الذي يواجه هجرة مكثفة غير نظامية من جزر القمر المجاورة.
وقال فيليب برون وهو نائب برلماني من الحزب الاشتراكي شارك في المحادثات، في مقابلة مع راديو سود اليوم الأربعاء "علقنا مفاوضاتنا لأن تصريحات رئيس الوزراء لم تكن لائقة".
وذكر أن الاشتراكيين قد يعودون إلى طاولة المفاوضات إذا سحب بايرو تصريحاته بشأن الهجرة. وقالت المتحدثة باسم الحكومة صوفي بريما إن رئيس الوزراء لا يعتزم القيام بذلك ولا ينبغي أن "تؤخذ الموازنة رهينة" للنزاع، مضيفة أن المفاوضات لم تنته بعد، فيما عبر برون عن أمله في استئنافها.
وأدى الإخفاق في إقرار موازنة 2025 إلى إرباك المستثمرين بالفعل وتآكل ثقة الشركات والأسر. واضطرت الحكومة إلى تقديم تنازلات بمليارات اليوروات لصياغة مشروع موازنة قابل للنجاح.
وقد تستخدم الحكومة سلطاتها الدستورية وتتخطى المشرعين في حالة غياب الأغلبية مما سيدفع النواب المعارضين على الأرجح إلى التصويت بحجب الثقة.
وكانت الحكومة تعول على امتناع الاشتراكيين عن ذلك لتنجو من تصويت محتمل بحجب الثقة وتراجعت بالفعل عن تخفيضات عديدة للإنفاق لكسب تأييدهم.
ونجت حكومة بايرو من تصويت واحد بحجب الثقة بعد أن رفض الحزب الاشتراكي تأييده. ومع ذلك، قال برون إن الاشتراكيين سيفكرون في تأييد اقتراح آخر بحجب الثقة إذا لم يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق بشأن الموازنة.