تعقيدات تحول دون إخلاء طرابلس من الميليشيات

مركز أبحاث أميركي يعدد الأسباب التي تجعل من تنفيذ حكومة الوحدة الوطنية اتفاقا لإخراج المجموعات المسلحة من العاصمة، أمرا صعبا.

واشنطن - استبعد مركز أبحاث أميركي مغادرة الميليشيات المسلحة العاصمة الليبية طرابلس بعد شهر رمضان، مستندا في تقديراته إلى تعقيدات وأسباب منطقية تجعل من الصعب اختفاء تلك الميليشيات وأولها أنها مرتبطة في غالبيتها بحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها.

وتعتبر تلك المجموعات المسلحة رغم انخراطها في دعم الأجهزة الأمنية والعسكرية للسلطة التي تدير غرب ليبيا، قنابل موقوتة قابلة للانفجار في كل لحظة وقد شكلت حوادث أمنية دموية سابقة في طرابلس ومحيطها، شواهد على خطر انفلات السلاح حتى لأتفه الأسباب.

وثمة صراع نفوذ ومصالح بين بعض الميليشيات المدججة بالسلاح تسبب في أكثر من مناسبة مواجهات بالأسلحة الثقيلة وأفضت في كثير من الأحيان إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى.

وقال مركز الأبحاث الاستراتيجي والأمني الأميركي 'ستراتفور' إن هناك أربعة أسباب تجعل من احتمال مغادرة تلك المجموعات المسلحة العاصمة طرابلس بعد شهر رمضان، في تقدير يأتي تعليقا على تصريحات وزارة الداخلية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية.

وكان عماد الطرابلسي وزير الداخلية في حكومة عبدالحميد الدبيبة، قد أعلن أنه سيجري إخلاء العاصمة طرابلس من كل التشكيلات المسلحة وذلك بعد شهر رمضان، بينما لم تقدم السلطة في غرب ليبيا خطة واضحة لكيفية اخلاء العاصمة من الميليشيات المسلحة.

واعتبر التقرير الصادر عن مركز 'ستراتفور' أن ما يجعل من تنفيذ ما جاء على لسان وزير الداخلية الليبي أمر صعبا هو أن تلك الميليشيات مرتبطة أو "مندمجة بقوة داخل جهاز الدولة والعديد من أعضاء الحكومة المعترف بها دوليا لديهم علاقات بتلك المجموعات المسلحة".

ورأى أيضا أن أغلب تلك الميليشيات تتواجد في العاصمة ورسخت وجودها في أجزاء من المدينة وبالتالي يصعب إخراجها أو تجاوبها أصلا مع دعوتها للعودة لمقراتها.

كما لاحظ المركز الأميركي أن استبدال تلك الميليشيات بقوة شرطية بشكل كامل في العاصمة الليبية يبدو أمرا صعبا بسبب محدودية الموظفين الأمنيين والموارد الحكومية.

وتتولى المجموعات المسلحة الموالية لحكومة الوحدة، مسؤوليات أمنية ورقابية إلا أن الخلافات بينها أو صراع النفوذ عادة ما يفضي إلى مواجهات مسلحة دموية تحرج السلطة في غرب ليبيا.

وأشار تقرير مركز 'ستراتفور' إلى احتمال وجود اتفاق على إبعاد تلك الميليشيات عن أجزاء من العاصمة لإظهار قدرة الحكومة إلي يقودها عبدالحميد الدبيبة على السيطرة على الوضع، لكنها تبدو سيطرة محدودة في ظل انفلات السلاح في أكثر من مناسبة كان آخرها اشتباكات 18 فبراير/شباط الجاري.

وكان وزير الداخلية في حكومة الوحدة قد أعلن الأربعاء الماضي التوصل لاتفاق لإخلاء المجموعات المسلحة من العاصمة طرابلس وعودتها لمقراتها وثكناتها، لكن لم تتضح آليات تنفيذ هذه الخطوة وما إذا ما تم الاتفاق مع جميع المجموعات أم بعضها.

وقال عماد الطرابلسي في مؤتمر صحفي إن مفاوضات ومشاورات استمرت لأكثر من شهر افضت إلى التوصل لاتفاق مع الأجهزة الأمنية لاخلاء العاصمة بالكامل من المسلحين في غضون الفترة المقبلة.

وتابع "لن يكون فيها سوى عناصر الشرطة والنجدة والبحث الجنائي، في إشارة إلى الأجهزة النظامية التابعة لوزارة الداخلية، وهي "الأمن العام وجهاز دعم الاستقرار والردع واللواء 111 و444 قتال وقوة دعم المديريات".

وحتى هذه التشكيلات الأمنية النظامية ليست تشكيلات منضبطة إذ دارت اشتباكات سابقة بين بعض مكوناتها وهو ما يطرح الكثير من التحديات في التعاطي معها كأجهزة خاضعة لسلطة الداخلية.

وفي أغسطس/اب 2023، أسفرت الاشتباكات بين قوة الردع الخاصة واللواء 444 عن مقتل 55 شخصا وإصابة 146 آخرين.

وتسببت المنافسة بين مختلف التشكيلات المسلحة في مواجهات مدمرة وقتلى بين أفرادها وإلى زيادة منسوب العنف في العاصمة الليبية ومحيطها.

وقال مركز الأبحاث الأميركي "أدت الميليشيات التي تشكلت بعد ثورة 2011 إلى اغتيال الزعيم الليبي معمر القذافي وهي تعمل بشكل مستقل إلى حد كبير، على الرغم من حصولها على الأموال العامة".

وخيار دمج الجماعات المسلحة في المؤسستين العسكرية والأمنية التابعة لحكومة الوحدة يحمل في طياته مخاطر أمنية تماما مثلما حدث مع النموذج العراقي بعد دمج ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران في أجهزة الشرطة والجيش وهي كيان يتمتع بامتيازات وبصلاحيات جهاز مستقل أشبه بجيش داخل الجيش أو دولة داخل الدولة.