إيران تُلوح بالعودة لتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء عالية
طهران - هددت إيران اليوم الجمعة بالعودة سريعا لتخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء عالية في حال انسحبت واشنطن مجددا من الاتفاق النووي الذي يجري التفاوض بشأنه في فيينا بهدف إنعاشه بعد أن انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2018 وأعاد معه فرض عقوبات قاسية على الجمهورية الإسلامية وقابلته طهران بعد عام بانتهاك كبير لالتزاماتها المنصوص عليها في ذلك الاتفاق.
أكد رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي أن بلاده تملك القدرة على استئناف إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب "في أي لحظة" في حال الانسحاب الأميركي مجددا من الاتفاق الذي بلغت المفاوضات الهادفة لإحيائه مراحل حاسمة.
وحدد اتفاق فيينا عام 2015 أو ما يعرف بخطة العمل المشتركة، سقف التخصيب عند 3.67 بالمئة، لكن بعد انسحاب الولايات المتحدة منه، بدأت الأخيرة بالتراجع تدريجا عن التزاماتها.
ومطلع العام الماضي، رفعت إيران من مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 20 بالمئة ولاحقا إلى 60 بالمئة، في خطوة أثارت قلق الدول الغربية وخصوصا أن طهران باتت أقرب إلى مستوى 90 بالمئة، وهي النسبة التي تتيح استخدام اليورانيوم لأغراض عسكرية.
وقال إسلامي "لحسن الحظ، التخصيب نقوم به في البلاد وعند سقف أقصى هو 60 بالمئة، وهذا ما دفع الغرب إلى التفاوض" وذلك في تصريحات نشرها الموقع الالكتروني للمنظمة الجمعة.
وأضاف "ما يهمّ الآن هو أن القدرة تم توفيرها"، مشددا على أن "التخصيب يمكن أن يحصل في أي لحظة" بحال قرر المسؤولون الإيرانيون "ذلك أو كانت ثمة إرادة للقيام بذلك".
ومنذ أبريل/نيسان 2021، تجري إيران والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق، أي فرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا، مباحثات في فيينا لإحياء الاتفاق بشأن البرنامج النووي.
وتهدف المباحثات التي تشارك فيها واشنطن بشكل غير مباشر، إلى إعادة الأميركيين إلى الاتفاق خصوصا عبر رفع العقوبات التي أعادوا فرضها على طهران بعد انسحابهم وعودة الأخيرة لاحترام كامل التزاماتها التي تراجعت عن غالبيتها بعد الانسحاب الأميركي.
وتشدد طهران على أولوية رفع عقوبات حقبة ما بعد الانسحاب، والتحقق من ذلك عمليا، وضمان عدم تكرار خروج واشنطن من الاتفاق.

في المقابل، تركز الولايات المتحدة والأطراف الأوروبية على عودة إيران لاحترام كامل التزاماتها في الاتفاق.
وشدد إسلامي على أنه في حال "لم تمتثل الولايات المتحدة لالتزاماتها، سنعود إلى الوضع السابق" لجهة التخصيب.
وتجمع الأطراف المعنية على أن المفاوضات بلغت مراحل حاسمة، مع بقاء عدة نقاط تباين تحتاج على الأرجح إلى قرارات "سياسية" من الطرفين الأساسيين، إيران والولايات المتحدة.
واعتبر كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري الذي عاد إلى طهران هذا الأسبوع للتشاور، أن عبور "خط النهاية" في المباحثات يتطلب قرارات غربية.
وكتب عبر تويتر الخميس "بغض النظر عن مدى قربنا من خط النهاية، ليست هناك بالضرورة ضمانة لعبوره"، معتبرا أنه "لاستكمال العمل هناك قرارات معينة يجب على الأطراف الغربية اتخاذها".
من جهته، كرّر وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان التأكيد على أن طهران لن تتخلى عن "خطوطها الحمر"، وذلك خلال اتصال مع نظيره الروسي سيرغي لافروف الجمعة، وفق الخارجية الإيرانية.
وغير بعيد عن هذه السياقات، قال رجل الدين الإيراني البارز آية الله أحمد خاتمي اليوم الجمعة، إن إنهاء العزلة الاقتصادية لإيران برفع العقوبات المفروضة على البنوك وتجارة النفط هو أهم مطالب طهران في محادثات إحياء اتفاقها النووي المبرم عام 2015 مع الدول الكبرى.
وحثت إيران يوم الأربعاء الماضي الغرب على التحلي "بالواقعية" في المحادثات مع عودة كبير مفاوضيها إلى طهران لإجراء مشاورات قد تكون نهائية قبل اتفاق محتمل بعد شهور من محادثات غير مباشرة مع الولايات المتحدة.
وقال خاتمي في خطبة الجمعة في طهران "مفاوضونا... يبذلون قصارى جهدهم لضمان مصالح الشعب ويعرفون أن النقطة الأخيرة هي رفع جميع العقوبات، خاصة على البنوك والتجارة".
ونقلت وسائل الإعلام الرسمية عنه قوله "إذا لم ترفع هذه العقوبات فكأنما لم تكن هناك محادثات".
ويحدد مكتب المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي المحتوى العام لخطب صلاة الجمعة وله الكلمة الأخيرة في سياسة إيران النووية وجميع شؤون الدولة الأخرى.
وبعد محادثات بدأت قبل عشرة أشهر في فيينا، تم إحراز تقدم نحو العودة للاتفاق بهدف الحد من برنامج طهران النووي مقابل تخفيف العقوبات، لكن طهران وواشنطن حذرتا من أنه لا تزال هناك بعض الخلافات المهمة التي يجب التغلب عليها.
وطالب أغلب أعضاء البرلمان الإيراني الذي يقوده المتشددون في رسالة الأسبوع الماضي بأن تضمن الولايات المتحدة أنها لن تنسحب من الاتفاق بعد العودة إليه. ولم يصوت المجلس على الرسالة.
وقال مسؤول إيراني كبير إن بلاده أبدت مرونة من خلال الموافقة على "ضمانات أساسية" بأن الإدارة الأميركية لن تنسحب من الاتفاق، بينما تقول واشنطن إنه يستحيل على الرئيس جو بايدن تقديم الضمانات القانونية التي طلبتها إيران لسبب معلوم وهي أن الأمر يتعلق باتفاق أو تفاهمات وليس معاهدة دولية.
وتصر طهران على الإلغاء الفوري لجميع العقوبات المفروضة في عهد الرئيس الأميركي السابق في عملية يمكن التحقق منها بما في ذلك تلك المفروضة بموجب تدابير مكافحة الإرهاب أو الدفاع عن حقوق الإنسان.