تهديدات ترامب تهوي بالليرة التركية إلى هوة سحيقة

القلق ينتاب مستثمري الأسواق الناشئة بشأن عبء الدين الخارجي لتركيا وقدرة شركاتها وبنوكها على السداد بعد طفرة في الإصدارات بالعملة الصعبة كانت تهدف إلى المساعدة في تمويل اقتصاد سريع النمو.

لدى تركيا أعلى دين مقوم بالعملة الأجنبية في الأسواق الناشئة
اردوغان يواجه أسوأ أزمة اقتصادية ودبلوماسية بانفعالية وخطب شعبوية
الضغوط الأميركية تفاقم متاعب الليرة لكنها ليست السبب المباشر في انهيارها
جذور أزمة الليرة سياسية بالأساس
الليرة تفقد 7 بالمئة من قيمتها بعد تهديد ترامب بخنق تركيا اقتصاديا
القضاء التركي يرفض التماسا بالافراج عن القس الاميركي

اسطنبول - هوت قيمة الليرة التركية اليوم الجمعة بنحو 7 بالمئة وسط قلق المستثمرين بشأن تحذير الولايات المتحدة من أن تركيا يجب أن تتوقع المزيد من العقوبات الاقتصادية ما لم تفرج عن القس الأميركي المحتجز لديها بتهم تتعلق بـ"الإرهاب".

وفاقمت الضغوط الأميركية متاعب العملة التركية إلا أنها لم تكن السبب المباشر في فقدانها أكثر من 40 بالمئة من قيمتها منذ بداية العام الحالي، حيث تعود نكسة الليرة أمام الدولار واليورو إلى أسباب سياسية بالأساس تتعلق بسياسات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وتدخلاته في السياسة النقدية ومحاولة تطويع مؤسسات الدولة على خلاف ما تقتضيه مصلحة البلاد.

وعمقت سياسات اردوغان مخاوف المستثمرين وألقت بظلال ثقيلة على وضع الليرة والاقتصاد التركي عموما.

وفي أحدث موجة انحدار، هبطت العملة التركية إلى 6.2499 ليرة للدولار قبل عطلة عيد الاضحى الطويلة التي تبدأ يوم الاثنين.

وزادت خسائرها مقابل الدولار هذا العام إلى 39 بالمئة، حيث فاقم الخلاف مع الولايات المتحدة الخسائر التي نتجت عن مخاوف بشأن نفوذ اردوغان على السياسة النقدية.

وفي المقابل فإن رد فعل الرئيس التركي اتسم بالشعبوية والانفعالية ومحاولة الهروب للأمام بالحديث عن مؤامرة تستهدف الاقتصاد التركي.

واتخذت تركيا حزمة إجراءات لكبح تهاوي عملتها، إلا أن التهديدات الأميركية بددت تعافي الليرة النسبي خلال الأيام القليلة الماضية.

ولا تملك تركيا خيارات واسعة في مواجهة أزمة انهيار الليرة والأزمة الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، ما يجعل من هامش المناورات التركية ضيقا.

وامتدت ارتدادات انهيار الليرة إلى الشركات التي ستواجه في أكتوبر/تشرين الأول وضعا صعبا مع سداد قيمة سندات بالعملة الصعبة بكلفة أكبر مما كان مقررا.

ومن المنتظر أن تسدد أنقرة وشركاتها سندات بالعملات الأجنبية تصل قيمتها إلى نحو 3.8 مليار دولار في أكتوبر/تشرين الأول، في الوقت الذي تواجه فيه البلاد صعوبات جراء هبوط قيمة العملة الوطنية التي خسرت ما يزيد عن ثلث قيمتها منذ بداية العام.

وسيكون شهر أكتوبر/تشرين الأول الأثقل من حيث سداد السندات، حيث ستصل قيمة أصل المبلغ إلى ثلاثة مليارات فضلا عن 762 مليون دولار قيمة الفائدة.

400 مليار دولار قيمة إجمالي الدين الخارجي لتركيا

وتُظهر حسابات سوسيتيه جنرال أن شركات تركية سيتعين عليها سداد سندات مقومة بالعملة الصعبة بقيمة 1.8 مليار دولار بحلول نهاية العام، فيما سيحل أجل استحقاق سندات حكومية بقيمة 1.25 مليار دولار.

وينتاب القلق مستثمري الأسواق الناشئة بشأن عبء الدين الخارجي لتركيا وقدرة شركاتها وبنوكها على السداد بعد طفرة في الإصدارات بالعملة الصعبة كانت تهدف إلى المساعدة في تمويل اقتصاد سريع النمو.

وبالنسبة للشركات، فإن تكلفة خدمة الدين الخارجي المقوم بالعملة الصعبة زادت بنحو الربع في الشهرين الأخيرين وحدهما عند احتسابها بالليرة.

وكتب جيسون داو من سوسيتيه جنرال في مذكرة إلى العملاء "متطلبات التمويل الخارجي لتركيا كبيرة. لديها أعلى دين مُقوم بالعملة الأجنبية في الأسواق الناشئة ودين خارجي قصير الأجل بقيمة 180 مليار دولار وإجمالي دين خارجي بقيمة 400 مليار دولار".

وكتب داو "يتعين مراقبة مدفوعات أصل الدين والفائدة عن كثب حتى نهاية العام. التكلفة التي يتحملها قطاع الشركات لسداد التزاماته تزيد 25 بالمئة مقارنة مع يونيو/حزيران بالنظر إلى انخفاض قيمة العملة".

لكنه أشار إلى أن أحد العوامل المخففة للضغط ربما يتمثل في أن معظم الدين الخارجي قصير الأجل في صورة أدوات كالقروض المصرفية والائتمان التجاري، وقد تكون إعادة هيكلة هذه الأدوات أو تمديد آجال استحقاقها أيسر مقارنة مع السندات.

وتظهر بيانات من إل.بي.سي أن قروضا بنحو سبعة مليارات دولار من المقرر أن يحل موعد استحقاقها حتى نهاية العام، وتشكل القروض المصرفية ما يزيد عن 90 بالمئة منها.

وقالت وزارة المالية التركية اليوم الجمعة إن قنوات الائتمان ستظل مفتوحة وإنها ستتخذ تدابير لتخفيف الضغط عن البنوك والقطاع العقاري بعد هبوط الليرة التركية إلى مستويات قياسية مقابل الدولار في وقت سابق من هذا الأسبوع.

وبلغت الليرة مستوى قياسيا منخفضا عند 7.24 ليرة للدولار بفعل مخاوف بشأن نفوذ اردوغان على السياسة النقدية والخلاف المستمر مع الولايات المتحدة.

وأبلغ وزير المالية براء ألبيرق المستثمرين يوم الخميس بأن تركيا ستخرج أقوى من الأزمة التي وصفتها أنقرة بأنها حرب تجارية، في محاولة لطمأنة المستثمرين وفي توقعات تبدو مفرطة في التفاؤل.

وقالت الوزارة في بيان أيضا إنها ستتخذ تدابير إضافية لتجنب أي عقبات قد تواجهها الشركات في الاقتراض.

القس الأميركي  أندرو برونسون المحتجز لدى تركيا
أندرو برونسون يواجه 35 سنة سجنا في حال ادانته

وتتجه الأزمة الدبلوماسية بين أنقرة وواشنطن إلى المزيد من التصعيد خاصة بعد رفض القضاء التركي الجمعة التماسا ثانيا للإفراج عن القس الأميركي أندرو برونسون الذي أثار احتجازه ثم وضعه في الإقامة الجبرية توترا بين العضوين في حلف شمال الأطلسي.

وقال محاميه جيم هالافورت إن المحكمة قضت ببقاء برونسون قيد الإقامة الجبرية، مضيفا أنه سيستأنف القرار بعد 15 يوما.

ويواجه برونسون الذي احتجز في أكتوبر/تشرين الأول 2016 بتهمة الإرهاب والتجسس، عقوبات قد تصل للسجن 35 عاما في حال إدانته.

وأثارت قضيته أزمة بين تركيا والولايات المتحدة فيما هدد الرئيس دونالد ترامب في حال عدم الإفراج عنه بفرض عقوبات جديدة على تركيا بد أن ضاعف الرسوم الجمركية على الألمنيوم والصلب المستوردين من تركيا الأسبوع الماضي، مساهما في خفض سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار.

ووصف ترامب الخميس برانسون الذي يشرف على كنيسة صغيرة في إزمير بأنه "وطني عظيم" وقال إنه محتجز "رهينة".