
توقف قناة تركية معارضة عن البث بسبب ضغوط أردوغان
انقرة - لا تزال حكومة حزب العدالة والتنمية تمارس كل أشكال القمع والترهيب واسكات الأصوات بحق وسائل الإعلام المعارضة.
وفي هذا الصدد أوقفت قناة أولاي التليفزيونية التركية بثها الجمعة، بسبب ضغوط كبيرة مسلطة عليها من قبل السلطات التركية.
وقال رئيس تحرير القناة سليمان ساريلار انه لم يعد بإمكان مالك القناة مقاومة "ضغوط شديدة" من جانب الحكومة بسبب تغطية القناة الإخبارية.
وقالت قناة "أولاي تي في ساريلار" خلال برنامج أخير على القناة إننا "أدركنا أنه لم يعد بإمكاننا مواصلة البث" في اشارة الى ان حجم الضغوط أصبحت لا تطاق ولا يمكن معها الاستمرار.
وقال مالك القناة كافيت كاجلار وفق ما نقله عنه سليمان ساريلار إنه "لم يعد بإمكانه الاستمرار" بسبب تدخل الحكومة.
وتأسست القناة عام 1994 من قبل رجل الأعمال والوزير السابق كاجلار، وتعرضت للإغلاق في عام .2019 لكن كاجلار اعاد اطلاقها إطلاقها تشرين ثان/ نوفمبر.
وقام الوزير السابق بجمع الصحفيين المعروفين بتغطيتهم المعارضة للحكومة لاعادة احياء القناة فيما تكهنت صحيفتا إيفرينسل وبيرجون المحليتان بأن القناة تعرضت لهجوم حكومي بعدما بثت اجتماعا كاملا لمجموعة برلمانية لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد.
وليست هذه المرة الاولى التي تستهدف فيها الحكومة التركية حرية الاعلام وخاصة القنوات التلفزية والاذاعية ففي 2016 امرت السلطات بإغلاق 20 قناة تلفزيونية ومحطة إذاعية تبث إحداها برامج للأطفال بتهمة نشر "دعاية إرهابية" وذلك عقب الانقلاب الفاشل.
وتعود اغلب تلك القنوات للأكراد او للعلويين حيث تتهم السلطات تلك القنوات بانها تقدم دعاية لحزب العمال الكردستاني وتهدد الامن القومي بانتقاد قوات الامن والجيش في معاركها ضد الحزب الذي يتخذ من جبال شمال العراق منطلقا لتنفيذ هجمات مسلحة داخل تركيا.
وتمارس تركيا قمعا غير مسبوق على الصحفيين ففي حزيران/يونيو اعتقلت السلطات التركية صحفيين معارضين بذريعة تحقيق يتعلق بتهمة "التجسس السياسي والعسكري" بخصوص نشر معطيات حول التواجد التركي في ليبيا.

وفي مارس/آذار تم اعتقال صحفيين من 'أودا تي في' يواجهان عقوبة بالسجن تصل إلى تسع سنوات بسبب كتابة مقال عن جنازة عنصر مزعوم في المخابرات قتل في ليبيا.
وذكرت مصادر إعلامية تركية أن عدد الصحفيين المعتقلين بالسجون هو الأعلى عالميا، مع تراجع مستمر لقطاع الإعلام منذ الانقلاب الفاشل سنة 2016.
وتحتل تركيا المرتبة 157 من أصل 180 في مؤشر حرية الصحافة الذي نشرته منظمة مراسلون بلا حدود.
وباتت تركيا اليوم من أكثر بلدان العالم التي تشن حملات اعتقال بحق أتراك، تحت ذريعة الاشتباه في صلاتهم بجماعات إرهابية، حيث طالت حملات القمع الصحفيين والسياسيين وكل من ينتقد سياسات أردوغان.
وندد الاتحاد الأوروبي بالحكم القضائي المشدّد الصادر غيابيا في تركيا بحقّ الصحافي جان دوندار، وحذر أنقرة من تداعيات "التطور السلبي" لوضعية حقوق الإنسان على العلاقة بينهما.
وأصدرت محكمة تركية على دوندار المقيم في المنفى في ألمانيا حكما بالسجن 27 عاما على خلفية تحقيق نشره عام 2015 حول تسليم المخابرات التركية شحنات أسلحة لجماعات إسلامية في سوريا.
وقالت نبيلة نسرالي، المتحدثة باسم وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إن "الاتحاد الأوروبي أعرب في عدة مرات عن قلقه العميق إزاء التطور السلبي المستمر لوضعية دولة القانون والحقوق الأساسية والنظام القضائي في تركيا".
الاتحاد الأوروبي أعرب عن قلقه العميق إزاء التطور السلبي المستمر لوضعية دولة القانون والحقوق الأساسية والنظام القضائي في تركيا
وأضافت "قُدمت توصيات إلى تركيا لمعالجة الوضع، لكن الحكم الصادر عن محكمة تركية في حق الصحافي جان دوندار على خلفية حقه الأساسي في حرية التعبير يذهب للأسف في الاتجاه المعاكس، على غرار التوقيف الاحتياطي المتواصل (لرجل الأعمال) عثمان كافالا".
ونبهت إلى أنه "باعتبارها بلدا مرشحا (لعضوية الاتحاد) وعضوا منذ أمد طويل في مجلس أوروبا، يجب على تركيا بشكل عاجل تحقيق تقدم ملموس ومستدام في حماية الحقوق الأساسية التي تمثل حجر زاوية في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا".
وشددت على أن ذلك "يشمل إسراع النظام القضائي التركي في تطبيق قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان والإفراج العاجل عن عثمان كافالا وصلاح الدين دميرتاش (الرئيس المشارك لحزب الشعوب الديموقراطي)".
وأنهكت السياسات القمعية التي ينتهجها حزب العدالة والتنمية منذ توليه السلطة، شريحة عريضة من المجتمع التركي وخاصة المعارضون والمخالفون لسياسة أردوغان، حيث تضررت أكثر أحزاب المعارضة من هذه السياسات فضلا عن المنتقدين والصحفيين والنشطاء، ما دفع بهم إلى حالة كبيرة من الشعور باليأس أمام حزب حاكم لا يقبل المنافسة السياسية والانتقادات بأي شكل من الأشكال.
وارتفعت في تركيا مؤخرا معدلات القمع واستفحل فيها الظلم، فاُلجم فيها الإعلام واُعتقل فيها الصحفيون، فيما يتشبث حزب العدالة والتنمية بسياساته الباهتة وغير المجدية في ظل استفحال القمع.
ولم يستثني القمع بحسب اتهامات موجهة لأردوغان، الفنانون والمثقفون في تركيا، حيث يقع تشديد القبضة الأمنية على كل من يخالف الرئيس التركي.