تونس تقترب من زيادة رابعة لأسعار المحروقات في ظرف وجيز

وزيرة الطاقة تقول إن الحرب الروسية الأوكرانية ساهمت في تعميق اختلال الميزان الطاقي ولا حل إلا الزيادة في الأسعار في انتظار رفع الدعم نهائيا.
تونس

تقول تونس إنه بسبب اختلال الميزان الطاقي سيتم تعديل أسعار المحروقات  للمرة الرابعة في ظرف 6 أشهر، في وقت تجري فيه الاستعدادات لرفع الدعم (التعويض) نهائيا عن أسعار المحروقات والغاز والكهرباء في أفق 2026.
وصرحت وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم نائلة القنجي الثلاثاء لوسائل الإعلام المحلية أن "الظرف الطاقي الراهن في تونس يقتضي إجراء تعديل طفيف على أسعار المحروقات"، مشيرة إلى أن "الحل على المدى القصير جدا يستوجب القيام بتعديل في أسعار المحروقات".
وتعاني تونس من أزمات اقتصادية ومالية مركبة رافقتها منذ أكثر من 10 سنوات لتتفاقم مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وما تبعها من ارتفاع في أسعار النفط والغاز بشكل خاص.
وشهد العام الجاري 3 زيادات في أسعار المحروقات، توزعت على أشهر شباط/ فبراير وآذار/ مارس ونيسان/ أبريل.
وتتراوح الزيادة في كل مرة بين 50 و100 مليم في اللتر الواحد (حولي 16 و32 سنتا).
ويُتوقع ألا تشمل الزيادة في أسعار المحروقات، أسعار اسطوانات الغاز المعد للاستخدام المنزلي على اعتبار أن الفئات متوسطة وضعيفة الدخل هي التي تستخدم هذا الصنف من الغاز. بينما ستشمل الزيادة أسعار كل أنواع البنزين والغازوال.

موازنة 2022 بُنيت على أساس 75 دولارا للبرميل بينما بلغ 108 دولارات بسبب الحرب في أوكرانيا

ولئن لم تحدد الوزيرة موعد الزيادة إلا أنها ألمحت إلى أن الموعد وشيك جدا.
وبررت الوزيرة نية الحكومة الترفيع في أسعار المحروقات بالفرضية اليت بُنيت على أساسها الموازنة العامة للسنة الحالية، حيث تم احتساب سعر برميل النفط برنت بـ75 دولارا بينما بلغ السعر بسبب الحرب الروسية الأوكراني 108 دولارات.
ويرى خبراء اقتصاديون أن تونس تسبح منذ سنوات في حلقة مفرغة بين الزيادة في الأسعار تجاوبا مع إكراهات السوق الدولية من ناحية، وبين تكلفة الدعم المتفاقمة من جهة أخرى.
ويرى هؤلاء الخبراء أن الحل يكمن في "إدخال إصلاحات هيكلية على المنوال الاقتصادي التونسي بعيدا عن الحلول الترقيعية".
وكشفت الحكومة التونسية في الـ7 من يونيو/ حزيران في مؤتمر صحافي بالعاصمة حضره 13 وزيرا من حكومة نجلاء بودن عن برنامج وطني للاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية يشمل "جملة من الإصلاحات الهيكلية والعميقة"، تنطلق بالخصوص من سياسة رفع الدعم عن المواد الأساسية تدريجيا، وإلغاء دعم المحروقات والغاز والكهرباء في أفق سنة 2026.
وقالت بودن في الندوة إن الحكومة لن تتخلى عن واجبها الاجتماعي وستكفل العائلات التونسية محدودة الدخل التي ستتضرر من رفع الدعم إقرار نظام تحويلات مالية لتلك العائلات.
وتفيد مصادر بالحكومة التونسية أن وزارة الصناعة والطاقة والمناجم تعتزم إقرار برنامج تعديل آلي تحدثت لأسعار المحروقات بشكل شهري.
وتعاني تونس من ارتفاع نسبة التضخم بشكل مضطرد إذ تجاوزت خلال يوليو الماضي 8 بالمئة مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وبروز مؤشرات جدية على أن البلاد قد تدخل قريبا في أزمة غذائية علاوة عن الأزمة في مجال الطاقة.
وزادت الحكومة في أيار/ مايو المنقضي في أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي الذي تؤمّنه الشركة التونسية للكهرباء والغاز (حكومية) التي تعاني من وضعية مالية خانقة هي الأخرى.
وكثيرا ما يتذمر المواطنون من تعاقب الزيادات التي تثقل قدرتهم الشرائية.
لكن الحكومة ترى أنه لا مناص من تلك الزيادات لتفادي اضطرابات التوازنات المالية في ما يخص دعم المحروقات والطاقة، معتبرة أنها تدخل في باب الإصلاحات الواجب إدخالها لإنقاذ البلاد من الإفلاس.

اتحاد الشغل يعارض إصلاحات الحكومة ويرى أنها رضوخ لإرادة صندوق النقد الدولي

ويعارض الاتحاد العام التونسي للشغل بشدة إصلاحات حكومة بودن، معربا عن اعتقاده بأن الترفيع الدوري في أسعار المحروقات والكهرباء "سيضر بقدرة التونسيين على العيش الكريم بشكل فادح".
وحذر اتحاد الشغل الحكومة التونسية في مناسبات عديدة من مغبة خصخصة الشركة التونسية للكهرباء والغاز بداعي الإصلاح.
وتصدى الاتحاد خلال السنوات الماضية لمحاولات حركة النهضة والأحزاب التي شاركتها الحكم بيع الشركات والمؤسسات العمومية (الحكومية) على غرار شركة الكهرباء والغاز وشركة الخطوط الجوية التونسية.
ويتهم اتحاد الشغل الحكومة بأن "برنامجها الإصلاحي ليس إلا إرضاء لتعليمات صندوق النقد الدولي، لكي يوافق على منح تونس قرض مالي جديد، وتمكين البلاد من الخروج للأسواق المالية العالمية.
وأبدى الاتحاد بعض المرونة في موقفه من صندوق النقد الدولي بعد لقاء أمينه العام نور الدين الطبوبي في يوليو الماضي بمجموعة خبراء تابعين للصندوق الذين قدموا تقريرا إيجابيا للصندوق واعتبروا لقاءاتهم مع المسؤولين السياسيين والماليين والنقابيين التونسيين "مثمرة".