تونس تكشف عن تورط نقابة أمنية في فساد بملايين الدولارات
تونس - قررت السلطات التونسية الاحتفاظ بتسعة أشخاص بينهم أعضاء في المكتب التنفيذي لإحدى النقابات الأمنية ووسطاء بتهمة الاختلاس والقيام بعمليات مالية احتيالية وتزوير وتلاعب مالي بلغ 134 مليون دينار (نحو 45 مليون دولار) في خطوة هامة من قبل الدولة لمواجهة الفساد داخل النقابات الأمنية وضمن تعهد الرئيس التونسي قيس سعيد بتفعيل المحاسبة لتشمل جميع القطاعات.
وقالت الداخلية التونسية في بيان نشرته في صفحتها الرسمية على الفايسبوك اليوم السبت "أن نتائج عمليات التدقيق المالي والأبحاث المنشورة لدى الفرقة المركزيّة الأولى للأبحاث بالإدارة العامّة للحرس الوطني بالعوينة، والمتبعة ضدّ أعضاء المكتب التنفيذي لإحدى النقابات الأمنية والمأذون بهـا من النيابة العموميّة بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي،وبعد الاستعانة بخبراء هيئة الرّقابة العامّة للماليّة ، بينت وجود شبهة توظيف غير مشروع لأموال المنخرطين وممارسات احتياليّة مختلفة وواسعة النطاق وتلاعب بمقدّرات النقابة التي قد تناهز 134 مليون دينار".
وأكدت الداخلية أن الأبحاث بشان القضية كشفت "عن شبهة إنشاء طلبات دفع مزوّرة وتضخيم فواتير وإجراء تحويلات بنكيّة غير مدعومة وأخرى مشبوهة إلى حسابات خاصة لوسطاء من أقارب ومعارف أعضاء المكتب التنفيذي تمّ توظيفهم للتبرير المغلوط لنفقات وهمية وتحريفها على أنها لقاء خدمات مهنية أو اجتماعية والاستيلاء عليها وإجراء عمليات سحب نقدي لمبالغ هامة بقي مآلها مجهولا".
ومثل ملف الفساد داخل النقابات بما فيها النقابات الأمنية احد ابرز المطالب الشعبية التي تعهد الرئيس سعيد بالبت فيها.
ونشأت عشرات النقابات الأمنية في الأشهر الأولى بعد الثورة بدون أي إطار قانوني ينظمها، قبل أن تتحصّل في أيار/ مايو 2011 على اعتراف رسمي، عبر إصدار المرسوم عدد 42 المنقّح للنظام الأساسي العام لقوات الأمن الداخلي الذي أجاز العمل النقابي لأعوان الأمن لكن دون الحق في الإضراب.
وتم تأكيد هذا المبدأ لاحقا في الفصل 36 من دستور 2014 المنتهية صلاحيته لكن الرئيس سعيد شدد على ضرورة توحيد النقابات التي تجاوزت 100 نقابة في هيكل نقابي واحد وان لا ينخرط في العمل السياسي وان تكون مهمته الدفاع عن الحقوق المهنية والاجتماعية للأمنيين.
وليست هذه المرة الأولى التي تتهم فيها نقابات أمنية في ملفات مشبوهة متعلقة بالفساد المالي حيث اكدت الداخلية في سبتمبر/ايلول الماضي ان عملية إخلاء مقر احدى النقابات الأمنية مكن من العثور على مبلغ مالي نقدي قُدّر بحوالي 600 ألف دينار.
وتفجر الخلاف بين النقابات الأمنية ووزارة الداخلية بعد حفل فني للكوميدي لطفي العبدلي الشهر الماضي، حيث صعد نقابيون أمنيون على خشبة المسرح محاولين وقف المسرحية محتجين على نقد الممثل الكوميدي للشرطة والسلطات في حادثة أثارت جدلا واسعا حول حدود دور هذه النقابات.
وقد ألقت قوات الأمن القبض على 8 من أعضاء نقابة أمنية بعد المشاركة في اعتصام واحتجاجات حيث اتهمتهم وزارة الداخلية بإرباك الأمن العام والعصيان وهو ما دفع النقابات الأمنية للتخفيف من حدة لهجتها تجاه السلطة ووزير الداخلية توفيق شرف الدين.
وتأتي هذه التطورات في خضم صراع كذلك بين الرئيس سعيد والنقابات العمالية التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل حيث تؤكد السلطة انها تريد محاسبة الفاسدين وليس التضييق على العمل النقابي باعتباره من الحقوق المكفولة في الدستور.