تونس تنفي سماحها لتركيا استخدام أراضيها ضد ليبيا
تونس - نفت تونس اليوم الثلاثاء الشائعات التي راجت هذا الأسبوع حول استخدام تركيا قاعدة جوية في الجنوب التونسي لتنفيذ ضربات ضد ليبيا، قائلة إنها لن تسمح لأي قوات أجنبية باستعمال أراضيها في أي عمليات عسكرية.
وأكدت وزارة الدفاع التونسي في بيان الثلاثاء "عدم صحة الإدعاءات غير المسؤولة" و"الإشاعات المغرضة" التي روّجته لها "بعض المواقع الإلكترونية غير الرسمية" حول استعمال قوى أجنبية للأراضي التونسية منطلقا لعمليات عسكرية.
وأوضح البيان أن تلك الشائعات "تحاول النيل من سيادة تونس وأمنها القومي".
وتحدثت تقارير تم تناقلها هذا الأسبوع على مواقع التواصل الاجتماعي، عن استخدام قوات تركية لقاعدة "رمادة" العسكرية في الجنوب التونسي كمنصة لدعم تدخلها العسكري في ليبيا وتقديم الإمدادات اللازمة لحكومة الوفاق الليبية والميليشيات التي تدعمها أنقرة عسكريا للحفاظ على نفوذها في العاصمة طرابلس.
لكن وزارة الدفاع التونسي أكدت أن "تونس تمارس سيادتها المطلقة على كافة أراضيها برا وبحرا وجوا ولا تسمح لأي قوات أجنبية باستعمال أراضيها للقيام بعمليات عسكرية"، مشيرة إلى أن قواتها المسلحة المنتشرة على الحدود تضطلع بواجب الذود عن الوطن والمحافظة على سلامة ترابه".
وقاعدة رمادة الجوية تقع في محافظة تطاوين، وقد تم إحداثها في السنوات الأخيرة لدعم البنية الأساسية بالمنشئات العسكرية وتعزيز قدرات الجيش والأمن التونسي للتدخل في العمق الصحراوي في إطار مقاومة التهريب والإرهاب خصوصا مع تزايد مخاطر تسلل المسلحين والإرهابيين من ليبيا التي تشهد صراعا منذ 2011.
زاد الغموض حول الموقف التونسي بعد أن كشفت وكالة الأناضول التركية الرسمية الأربعاء الماضي عن اجراء وزير الدفاع التركي خلوصي أكار مكالمة هانفية مع نظيره التونسي عماد الحزقي، قالت أنها تناولت "التعاون بين البلدين في مكافحة فيروس كورونا".
ولم تُقدم وكالة الأنباء التركية المزيد من التفاصيل حول هذا الاتصال الهاتفي لكن التونسيين تسائلوا حول توقيته وأبعاده مؤكدين على ارتباطه بتطورات الملف الليبي، لاسيما أن أزمة كورونا يتم مناقشتها بين المسؤولين في الحكومة ووزراء الصحة وليس بين وزراء الدفاع.
ومنذ أن تدخلت تركيا عسكريا في ليبيا في يناير الماضي، يحذر نشطاء وسياسيون تونسيون من الضغوطات التي يمارسها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على بلادهم لاستخدامها كمنصّة لعمل استخباراتي وعسكري لصالح تركيا تنفيذا لمشروعه التوسعي في ليبيا.

وأثارت زيارة مفاجئة قام بها أردوغان لتونس في 25 ديسمبر/ كانون الأول 2019، لإجراء محادثات مع نظيره التونسي قيس سعيد، جدلا ورفضا شعبيا من قبل التونسيين الذين اعتبروها محاولة تركية لاستمالة بلادهم والزج بها في صراع إقليمي على حساب أمنها وأمن الشعب الليبي.
ويوجه التونسيون أصابع الاتهام لحركة النهضة الإسلامية لمحاولتها تسهيل عملية جرّ تونس إلى المحور التركي القطري الذي بدأ يفقد هامش المناورة نتيجة انكشاف نوايا أنقرة والدوحة في تنفيذ السيناريو السوري في ليبيا، حيث أرسلت تركيا في الأشهر الماضية آلاف المرتزقة من الفصائل السورية المسلحة والإرهابيين للقتال إلى جانب حكومة الوفاق التي يهيمن عليها الإخوان في طرابلس.
وراهن أردوغان على دعم حركة النهضة التي تهيمن على الحكومة، حيث عرض عدة مرات تقديم مساعدات مالية وعسكرية عبر مشاريع اقتصادية يسعى من خلالها إلى كسب موقف داعم للتدخل التركي في ليبيا ومساعدتها في نقل السلاح إلى حكومة الوفاق.
ورمت أنقرة بثقلها العسكري في الفترة الأخيرة للتصعيد ضد الجيش الوطني الليبي الذي يقوم بعملية عسكرية منذ عام لاستعادة العاصمة طرابلس من الميليشيات والإرهابيين، لكن الرئاسة التونسية أكدت عديد المرات أن تونس تقف على الحياد وتحاول تقريب وجهات نظر الفرقاء الليبيين ولن تنحاز لطرف على حساب الطرف الآخر.
وفي الأسابيع الماضية بينما دعا المجتمع الدولي أطراف الصراع في ليبيا إلى هدنة إنسانية تحسبا لتداعيات جائحة كورونا، اختارت أنقرة أن تسير عكس التيار وكثفت تدخّلاتها العسكرية الجوية دعما لحكومة الوفاق وذلك تحسبا لأيّ تغير في الموقف الدولي مع انشغال العالم بأزمة الوباء. وساعد الدعم التركي لحكومة فائز السراج والميليشيات التي تقاتل إلى جانبها في استعادة عدد من المدن غرب طرابلس التي كانت تحت سيطرة الجيش.
وعلى ضوء تلك التطورات كشف تقرير روسي أن تركيا متهمة بالتحضير لعملية جوية في ليبيا لدعم قوات السراج وستعمل خلال هذه الفترة على زيادة نشاطها وسعيها لإنشاء قناة جوية موثوقة بين تركيا وليبيا حتى تتمكن من تجاوز العملية البحرية التي أطلقها الاتحاد الأوروبي تحت اسم "إيريني" لمراقبة حظر الأسلحة المفروض على ليبيا.
وحسب التقرير الروسي فأن تنفيذ هذا النوع من العمليات "يتطلب إما إنشاء قاعدة عسكرية على اليابسة في ليبيا، أو وجود قاعدة جوية في المنطقة المجاورة مباشرة للأراضي الليبية"، في إشارة إلى تونس والجزائر.
لكن الواقع يشير إلى أن لا تونس ولا الجزائر التي حاول أردوغان أيضا استمالة موقفها، على استعداد لمنح تركيا هذه الفرصة في ظل المخاطر الأمنية التي يمكن أن تنجر عنها مع تكثيف أنقرة في وتيرة إرسال الإرهابيين والمرتزقة لليبيا بالإضافة للرفض الشعبي في كلا البلدين للخطط التوسعية للرئيس التركي في المنطقة.
وانتقلت تركيا لتعزيز هجماتها العسكرية في ليبيا عبر الجو بالتزامن مع تدشين عملية "إيريني" الأوروبية التي ستقف صدا منيعا أمام تهريب الأسلحة والمعدات العسكرية التركية عبر السفن إلى ليبيا.
وفي 17 و18 أبريل الجاري، رصدت دول مجاورة طلعات مثيرة قام بها سلاح الجو التركي بالقرب من المياه الإقليمية الليبية استخدمت خلالها طائرات للتزود بالوقود جوا من نوع “كي سي 135”، وطائرة حرب إلكترونية من نوع “بوينغ 737 بيس إيجل”، ونحو 16 مقاتلة من نوع “إف 16”، تهدف لجسّ النبض قبل أن تتمادى أنقرة في توسيع عملياتها العسكرية عبر المجال الجوي .