'جرب تشوف' يبرز قوة الكتب في كشف الأكاذيب السياسية بأسلوب كوميدي

المخرج المغربي لطفي أيت الجاوي يكشف في تصريح عن دراما كوميدية اجتماعية خفيفة الظل يعتبرها تكريماً لجيل الثمانينات والتسعينات والمكتبة والخزانة العمومية.

الرباط - تنطلق أحداث الفيلم التلفزيوني "جرب تشوف" للمخرج لطفي أيت الجاوي  حول تفاصيل حياة "صالح" التي تتسم بالهدوء والبساطة، والذي يعمل في الخزانة البلدية لمدينته، إذ يدخل في حالة من الحزن إثر تلقيه رسالة مفادها تحويل الخزانة إلى قاعة أفراح، فيفشل في محاولة الحفاظ عليها أمام السلطة وجشع المسؤولين.

العمل من سيناريو بوبكر فهمي، وبطولة كل من عزيز داداس، ماجدولين الإدريسي، إبراهيم خاي، رفيق بوبكر.

تتوالى الأحداث وتصطدم شخصية "صالح" الذي لعب دوره الممثل عزيز داداس بظهور "طيف" الذي أدى دوره الممثل رفيق بوبكر من أحد رفوف الخزانة التي يعمل أمينا عليها، فيقدم "الطيف" نفسه على أنه يملك القدرة على جعل الشخص يغير طبيعته الشخصية بواسطة كتاب سحري، الشيء الذي جعل "صالح" يقبل عرض هذا  الطيف" القابع بين الحقيقة والخيال، ليشرع في تصفح الكتاب الذي يحمل كل عنوان فيه خصلة معروفة، كالكرم والشجاعة والمروءة ونكران الذات.

يتميز تكوين اللقطات والايقاع الزمني لسرد الأحداث بمنطقية تجذب الانتباه وتحافظ على تركيز المشاهد، فلا مجال للملل أو التشتت أثناء متابعة التطورات، إذ تأتي بداية هذا السرد في المشاهد التي تغير فيها شخصية "صالح" جذريًا بعد أخذه صفحة من خصلة الشجاعة، والتي بالرغم من أن تأثيرها مقتصر على يوم واحد، إلا أن تداعياتها تظهر على سلوكه وعلى تفاعل المارة في الشارع، الشيء الذي جعل "صالح"  يتلقى الاحترام والتقدير من سكان الحي.

تعكس ردود أفعال الشخصيات المحيطة بـ "صالح" الزوبعة التي أثارتها تحولاته النفسية، بدءا من زوجته التي لعبت دورها الممثلة ماجدولين الادريسي، حيث أصبحت تتردد في تصرفاتها معه، مما يضفي على القصة جوًا كوميديًا مشوقًا، بينما يحاول المسؤولون في البلدية استمالة "صالح" وإغرائه بطرق مختلفة، في محاولة لتطويق موضوع الخزانة.

يُعتبرُ أداءُ الممثل عزيز داداس في غاية الإقناع، خاصةً في تكوين اللقطات التي تبرز مقابلة "صالح" و"طيف" الخزانة، أثناء المشهد الذي قدّم فيه "الطيف" اقتراحًا على "صالح" بصفة اللامبالاة لكي لا يهتم بشؤون الآخرين، ولكن "الطيف" أخطأ وناوله الخِسة والدناءة، فيجد "صالح" نفسه مجددًا في مواقف محرجة ومثيرة للضحك.

أما أداء الممثل رفيق بوبكر، فهو رصين ومتمكن من أدواته التعبيرية، لا على مستوى ملامح الوجه ولا على مستوى الحركات، وعلاقته مع شخصية "صالح" منسجمة،  ففي كل مرة تحدث التجربة بينهم طرائق كوميدية.

وتبرز متتالية المشاهد جانبًا من السياسة في قالب يجمع السخرية والدراما والكوميديا السوداء، وخاصة في تكوين اللقطات التي تبين محاولة المسؤولين استغلال السمعة الطيبة التي يتمتع بها "صالح" في الحي لدفعه إلى الترشيح في الانتخابات، لكن سرعان ما ينقلب عليهم السحر، في اللقطة التي يقصد فيها "صالح" "الطيف" ليأخذ منه خصلة المسؤولية، ليكون منتخبًا نزيهًا وصالحًا، لكن الخطأ يقع مرة أخرى ويأخذ أوراقًا من كتاب الصراحة عوض المسؤولية، وأثناء تقديم برنامجه للساكنة، تقوم الصراحة بمفعولها، إذ جعلت " صالح" يفضح المسؤولين، ثم امتدت الصراحة إلى علاقته بزوجته، فتوالت المواقف المضحكة والمحرجة في نفس الوقت.

يظهر المخرج لطفي أيت الجاوي تمكنه من اللغة البصرية، إذ تبين مهارته في اختيار زوايا دقيقة تبرز جماليات مدينة مراكش، من خلال تصوير الأزقة الضيقة والشوارع الحيوية، إذ يساهم استخدام الكاميرا المتحركة في المنظر العام في تعزيز الحركة والديناميكية، كما يستخدم المخرج اللقطات المتوسطة والقريبة بشكل متقن لينقل العواطف والمشاعر بشكل يجعل القصة أكثر قربًا وواقعية من الأحداث الهزلية التي تحدث في المجتمع.