جلسة طارئة للبرلمان العراقي بعد مقتل عشرات المحتجين

البرلمان سيبحث في الجلسة الخاصة مطالب المحتجين بعد مجزرة بحقهم ارتكبتها ميليشيات موالية لإيران في وقت يؤكد فيه المتظاهرون نيتهم الدخول في اعتصام مفتوح في بغداد وتسع محافظات.
مئات المتظاهرين يحتشدون في ساحة التحرير لمواصلة تحركاتهم
الشرطة العراقية تحاول تفريق المتظاهرين عبر خراطيم المياه
الحكومة تصعد بإصدار أوامر قبض قضائية ضد من تصفهم بالعابثين في المظاهرات

بغداد - أعلن البرلمان العراقي السبت انه سيعقد جلسة خاصة وطارئة للبحث في مطالب المحتجين وذلك اثر سقوط عشرات القتلى والجرحى في احتجاجات الجمعة.
وارتكبت فصائل شيعية عراقية موالية لإيران الجمعة مجزرة بحق المتظاهرين الذين خرجوا تنديدا بالفساد وبالنفوذ الإيراني في احتجاجات عابرة للطائفية لم تهدأ منذ أسابيع.
وقالت المفوضية العليا المستقلة لحقوق الانسان في العراق (مؤسسة رسمية ترتبط في البرلمان) السبت إن 31 قتيلاً و2312 جريحا سقطوا في احتجاجات الجمعة في بغداد ومدن الوسط والجنوب فيما اشارت مصادر ان عدد القتلى بلغ 42 شخصا.
وافاد البرلمان العراقي في بيانه ان الجلسة ستناقش مطالب المتظاهرين، وقرارات مجلس الوزراء، وتنفيذ حزم الإصلاحات التي دعا اليها رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي.

في غضون ذلك، أصيب البرلمان بالشلل بسبب الانقسامات بين كتله السياسية، ولم يتمكن من التصويت على تعديل وزاري لعدم اكتمال النصاب القانوني في أكثر من مناسبة.
ولم تلب حزمة الإصلاحات التي أعلنتها حكومة عبد المهدي على مدى الأيام الماضية طموح المحتجين، بل أثارت نتائج لجنة التحقيق الحكومية في موجة القمع التي رافقت المظاهرات والتي راح ضحيتها 149 مدنيا، غضب الشارع، حيث لم تقم بتسمية المسؤولين عن قتل المتظاهرين ومحاسبتهم.
ووجّه عبدالمهدي الخميس خطابًا إلى الأمّة دافع فيه عن إنجازاته، واتّهم أسلافه بأنهم سلّموه دولة ذات اقتصاد مستنزف وأمن هش. كما انتقد الصدر من دون أن يُسمّيه.

واحتشد مئات المتظاهرين السبت في ساحة التحرير وسط بغداد، حيث استخدمت القوات الأمنية القنابل المسيلة للدموع لتفريقه. 

وحاولت قوات الأمن صد المتظاهرين الذين احتشدوا في ساحة التحرير وعند جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء، حيث المقار الحكومية والبرلمان والسفارات الأجنبية، عبر إطلاق وابل من قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية.
وأعلن المتظاهرون تحويل احتجاجاتهم الى اعتصام مفتوح في العاصمة، بغداد، ومحافظات الوسط والجنوب الـ9 حتى تحقيق المطالب الخاصة بإستقالة الحكومة وتقديم قتلة المحتجين الى القضاء.
وفرضت قوات الأمن بتخويل من رئيس الوزراء حظراً للتجوال في محافظات واسط والبصرة وميسان وذي قار والمثنى وبابل والديوانية بعد تصاعد حدة الإشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين. 

ليلة دامية اسفرت عن مقتل31 محتجا وجرح المئات
ليلة دامية اسفرت عن مقتل31 محتجا وجرح المئات

وقال كريم الشاملي منسق في احتجاجات البصرة، "قررنا تحويل التظاهرة الى اعتصام مفتوح بعد اعلان الحكومة فرض حظر للتجوال، لن نتراجع ولن نخضع لجميع اساليب الترهيب". 
وأوضح الشاملي "ماحصل في البصرة يوم أمس (الجمعة) من قتل متعمد للمتظاهرين لن يمر مرور الكرام، الاعتصام لن ينتهي إلا بتحقيق المطالب". 
وفي محافظة ذي قار جنوبي البلاد، قال ياسين المكصوصي منسق في التظاهرات، إن "منسقي الاحتجاجات في جميع المحافظات المنتفضة في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب اتفقوا على تحويل التظاهرات الى اعتصام مفتوح، ما يعني بقاءنا في الشوارع حتى تحقيق مطالبنا". 
وأوضح المكصوصي "لن تكون هناك مساومات هذه المرة، سنواجه الرصاص بالثبات على مواقفنا"، مشيرا الى ان "الجهات التي قتلت المتظاهرين الجمعة معروفة لدى الجميع وموثقة في مقاطع فيديو ولاتحتاج الحكومة او القضاء الى لجان تحقيق للكشف عن الحقيقة".

لن تكون هناك مساومات هذه المرة، سنواجه الرصاص بالثبات على مواقفنا

وتقابل السلطات العراقية دعوات المحتجين بمزيد من التصعيد حيث أصدرت وزارة الداخلية العراقية، السبت، مذكرات قبض قضائية ضد المعتدين على المباني الحكومية والممتلكات العامة والخاصة خلال تظاهرات الجمعة.
وقال الناطق باسم الوزارة العميد خالد المحنا، في بيان متلفز، "سُجلت حالات كثيرة من الاعتداءات على المباني الحكومية والمدارس والممتلكات العامة والخاصة ومقرات الحركات السياسية، لذا تم إصدار العديد من أوامر القبض القضائية ضد العابثين".
وأضاف أن ذلك تم "استنادا لبيان مجلس القضاء الأعلى وطبقا لأحكام المادة (197) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل، التي قد حددت عقوبات مشددة ضد كل من يحاول بالقوة احتلال شيء من أملاك أو المباني العامة أو المخصصة للمصالح أو الدوائر الحكومية أو المرافق أو المؤسسات العامة".
وتابع: "استهداف العابثين لمقرات الحكومة الاتحادية في العاصمة بغداد خلافا للتعليمات مستغلين سلمية التظاهرات، وهذا ينذر بخطر كبير اتجاه رمزية الدولة والنظام العام التي وجدت لمصلحة المواطنين وأمنهم".
وأشاد المحنا بـ "الدور الكبير الذي قامت به القوات الأمنية، والتي التزمت بقواعد الاشتباك ومبادئ حقوق الإنسان بالتعامل السلمي، من دون استخدام أية قوة مفرطة اتجاههم، وعدم حمل الأسلحة النارية مطلقا".
كما أشاد بـ "المتظاهرين السلميين الذين كانوا يحيون القوات الأمنية ويتعاونون معهم بكل ودية ومحبة".
وأدان المحنا، بـ "شدة أعمال الحرق للمؤسسات العامة ومقار المنشآت وبيوت المواطنين، إذ أن القانون يعدها جرائم جنائية يعاقب عليها بشدة، ولا علاقة لها بالتظاهر السلمي".

وتحدثت مصادر اعلامية ان معظم القتلى سقطوا برصاص ميليشيا عصائب أهل الحق احدى أكبر فصائل الحشد الشعبي التي تم دمجها في القوات المسلحة.
وسبق للميليشيات الشيعية التي تدربت في إيران وتدين لها بالولاء أكثر من ولائها للعراق، أن حاولت فض الحراك الشعبي العراقي وسط معلومات أكدت قبل أيام تورط تلك الميليشيات في قنص متظاهرين.
وقالت مصادر بالشرطة "إن ضابط مخابرات وعضوا في جماعة عصائب أهل الحق القوية، قتلا في اشتباك مع محتجين في مدينة العمارة بجنوب البلاد".
ودعا ممثّل آية الله علي السيستاني، أعلى مرجعيّة شيعيّة في العراق، في خطبة الجمعة إلى "ضبط النفس" لتجنب "الفوضى".
وأكد السيستاني على ضرورة أن تكون الاحتجاجات سلمية خالية من العنف ينطلق "من حرصها البالغ على مستقبل هذا البلد" و"يخشى معها من أن ينزلق بالعنف والعنف المقابل إلى الفوضى والخراب، ويفسح ذلك المجال لمزيد من التدخل الخارجي ويصبح ساحة لتصفية الحسابات بين بعض القوى الدولية والإقليمية".
وكانت القوات الأمنية قد فرقت الخميس بخراطيم المياه متظاهرين عند مدخل المنطقة الخضراء لكن المحتجين تمكنوا فجر الجمعة من رفع جميع الحواجز والدخول الى المنطقة الخضراء.
وكان هتاف المتظاهرين موحداً "كلهم حرامية"، داعين إلى إسقاط الحكومة في بلد غني بالنفط لكنّه يعاني نقصًا مزمنًا في الكهرباء ومياه الشرب.