حرب غزة تكلف إسرائيل 40 مليار دولار حتى نهاية العام الماضي
القدس/غزة - كشفت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية العبرية أن تكلفة الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قد بلغت نحو 141.6 مليار شيكل، أي ما يعادل قرابة 40 مليار دولار أميركي، حتى نهاية عام 2024. ويأتي هذا الرقم وفقاً لبيانات رسمية صادرة عن المحاسب العام في وزارة المالية الإسرائيلية.
وبحسب التقرير الصادر يوم الأربعاء، فإن التكلفة الإجمالية تشمل الإنفاق العسكري المباشر، بالإضافة إلى النفقات المدنية ذات الصلة، والمبالغ التي تم تخصيصها لصندوق تعويض الأضرار والخسائر التي تكبدها المدنيون والمؤسسات جراء العمليات القتالية في المناطق الإسرائيلية المتاخمة لقطاع غزة.
وذكرت الصحيفة أن الجزء الأكبر من النفقات، والذي يمثل حوالي 80 في المائة من إجمالي التكلفة، صُرف على المجهود العسكري. فقد بلغت المصروفات العسكرية وحدها 98.4 مليار شيكل (نحو 27.7 مليار دولار)، منها 80.2 مليار شيكل (22.6 مليار دولار) خلال عام 2024 وحده. ويعكس هذا الرقم العبء المالي الضخم الذي تتحمله إسرائيل جراء استمرار العمليات العسكرية في غزة على مدار أكثر من عام.
وسجلت وزارة المالية الإسرائيلية ذروة الإنفاق العسكري في شهر ديسمبر/كانون الأول 2023، حين بلغت نفقات ذلك الشهر وحده 17.2 مليار شيكل (حوالي 4.8 مليار دولار)، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ ميزانيات الدفاع الإسرائيلية خلال السنوات الأخيرة. ويعكس ذلك حجم العمليات العسكرية التي تم تنفيذها في تلك الفترة، بما يشمل الهجمات الجوية والبرية، وتكاليف تعبئة الاحتياط، والدعم اللوجستي.
ورغم ضخامة هذه الأرقام، فإنها لا تعكس الصورة الكاملة للأثر الاقتصادي للحرب، حيث لم تتضمن الخسائر غير المباشرة الناجمة عن تراجع النشاط الاقتصادي داخل إسرائيل. ومن أبرز هذه الخسائر: انخفاض الإيرادات الحكومية نتيجة تراجع الإنتاج، وهبوط معدلات الاستهلاك المحلي، وتقلص الاستثمار الأجنبي، بالإضافة إلى الضرر الكبير الذي أصاب قطاع السياحة، والذي يُعد من مصادر الدخل الحيوية لإسرائيل.
كما غابت عن البيانات المنشورة أي تقديرات لتكاليف إعادة الإعمار، سواء في المستوطنات والمدن الإسرائيلية القريبة من حدود غزة، التي تعرضت لصواريخ وعمليات تسلل، أو في المناطق الشمالية المتأثرة بالمواجهات المتصاعدة مع "حزب الله" على الحدود اللبنانية، والتي أدت إلى تهجير آلاف السكان وإلحاق أضرار بالغة بالبنى التحتية.
أما على الجانب الفلسطيني، فقد تسببت الحرب المستمرة في كارثة إنسانية واقتصادية غير مسبوقة في قطاع غزة. فبحسب تقارير أممية ومنظمات إنسانية، خلفت العمليات الإسرائيلية أكثر من 177 ألف قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات آلاف النازحين داخلياً في ظروف معيشية متدهورة، في ظل تدمير واسع للبنية التحتية وندرة شديدة في الغذاء والدواء.
وتشير التقارير الحقوقية إلى أن القطاع يعيش حالة مجاعة حقيقية أزهقت أرواح العديد من الأطفال والمرضى، نتيجة الحصار المشدد وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية. كما تُتهم إسرائيل بتنفيذ حرب إبادة ممنهجة بحق المدنيين في غزة، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقف العمليات العسكرية.
ولا تزال الحكومة الإسرائيلية تتكتم على تفاصيل ميزانية الحرب لعام 2025، في حين تشير التقديرات الأولية إلى أن تكاليف العمليات لن تتراجع بشكل كبير، خاصة في ظل احتمال استمرار التصعيد على أكثر من جبهة، وغياب أي أفق سياسي للحل.
وفي ضوء هذه المعطيات، يرى خبراء الاقتصاد أن الحرب تفرض تحديات اقتصادية عميقة على إسرائيل، ليس فقط من حيث التكاليف المباشرة، بل أيضاً من ناحية التأثير طويل الأمد على الاقتصاد الكلي، خاصة مع تراجع الثقة الاستثمارية وتزايد الدين العام. كما يُتوقع أن يضطر بنك إسرائيل والحكومة إلى إعادة تقييم السياسات المالية والنقدية لمواجهة تداعيات الأزمة، في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع التكاليف الأمنية والاجتماعية.