حزب الله يدفع للتزكية في الانتخابات البلدية لضمان فوز مرشحيه

المناطق الأساسية في الجنوب والبقاع تشهد عملا منظما لمحاولة الوصول إلى التزكية بمعنى أن لا يحصل هناك انتخابات بلدية.

بيروت – يعمل حزب الله في مناطق بيئته الحاضنة في لبنان على إنجاز توافق بين الشخصيات المتنافسة في الانتخابات البلدية التي انطلقت مرحلتها الأولى مؤخرًا، مع إنتاج لوائح تفوز بالتزكية، حتى لا يدخل التنافس ويضمن عدم وجود أصوات معارضة تفوز بمقاعد في البلديات.

وتُجرى الانتخابات البلدية بعد أن تأجلت ثلاث سنوات متتالية، على 4 مراحل، حيث بدأت الأحد المرحلة الأولى المخصصة لـجبل لبنان، والتي تضم مناطق بالضاحية الجنوبية بالعاصمة بيروت، والتي تعتبر المعقل الرئيسي لـحزب الله.

وتستمر الانتخابات البلدية في المحافظات اللبنانية، الأحد من كل أسبوع حتى نهاية الشهر الجاري، لتكون المرحلة الأخيرة في الجنوب، حيث الحضور الكبير للحاضنة الشعبية لحزب الله.

ويعتبر التنافس في غالبية القرى يكون عائليًّا باستثناء العاصمة والمدن الكبرى، حيث يكون هناك تنافس واضح بين أحزاب وشخصيات سياسية تدعم لوائح معينة

ومنذ بداية الحملة الانتخابية للبلديات، تحرك حزب الله في مناطق بيئته على إنجاز توافق بين الشخصيات المتنافسة، وإنتاج لوائح تفوز بالتزكية حتى لا يدخل التنافس في هذه المناطق، وعدم ظهور ائتلافات أو تيارات جديدة من المعارضين له، ما يؤدي الى تراجع تأثيره الذي انحسر أصلا بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل، ويسعى اليوم جاهدا لتثبيت حضوره السياسي في هذه المناطق.

وقال الصحافي والناشط السياسي علي الأمين، أن حزب الله في صلب هذا الاستحقاق وهذه المعركة الانتخابية، ويتركز وجوده الأساسي في الجنوب وفي البقاع، ومن الواضح أن السياسية التي يعتمدها بالتحالف مع حركة أمل، هي لجم العملية الانتخابية والذهاب نحو صيغة التزكية والتي تعني أن لا تجري الانتخابات، وهذا يتم بجزء منه نتيجة الأوضاع المأساوية التي تعيشها الكثير من المناطق في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية بعد الحرب.
وأشار الأمين في مداخلة على قناة "المشهد" أن المناطق الأساسية في الجنوب والبقاع تشهد عملا منظما لمحاولة الوصول إلى التزكية بمعنى أن لا يحصل هناك انتخابات.

وأوضح أن هناك ضغوطات فعلية تجري على المرشحين المنافسين للانسحاب، إما بالتهويل وإما بضغوط عائلية واجتماعية تحاول أن تضع أي ترشح من قبل هؤلاء كأنهم في مواجهة الشهداء ومواجهة كل المسار الذي تمثله حركة أمل وحزب الله.

وأشار إلى أن الطرفين يستفيدان من مؤسسات الدولة إلى حد كبير، تلك المؤسسات التي يسيطران عليها وموجودة في تلك المناطق، وبالتالي فإن القدرة على الترشح بشكل طبيعي أصبحت صعبة في العديد من القرى والبلدات، ولكن بالرغم من ذلك سنشهد تنافسا انتخابيا في المدن والبلدات الكبرى في وقت يتم ضبط البلدات الصغرى في إطار أن يكون هناك تزكية في عملية الإنتخاب.

ويدفع حزب الله نحو التزكية في الانتخابات البلدية لعدة أسباب، تتداخل فيها الاعتبارات السياسية والأمنية والاجتماعية، حيث يسعى إلى تجنب الانقسامات الداخلية داخل مجتمعه، والتي قد تنجم عن المنافسة الانتخابية.

وتسمح التزكية للحزب بالحفاظ على وحدة الصف وتجنب الخلافات التي قد تؤثر على صورته وقوته. ففي ظل الظروف الأمنية والسياسية المتوترة في لبنان، يعتبر حزب الله أن التزكية تساهم في الحفاظ على الاستقرار المحلي.

ويرى أن المعارك الانتخابية قد تؤدي إلى توترات ونزاعات، خاصة في المناطق التي تشهد حساسية طائفية وسياسية. من خلال التزكية، يضمن حزب الله فوز مرشحيه أو مرشحي حلفائه، مما يعزز نفوذه في المجالس البلدية.

ويسمح ذلك للحزب بتنفيذ سياساته وتوجهاته على المستوى المحلي، وتأمين الخدمات والمصالح لقاعدته الشعبية.

كما أنه في ظل الظروف الأمنية الراهنة التي يمر بها الجنوب اللبناني، يسعى حزب الله لتجنب أي احتكاكات أو توترات قد تنشأ من خلال العملية الانتخابية.

ويعتبر الحزب أن التزكية تقلل من فرص حدوث أي اضطرابات أمنية. وبعد الأضرار التي لحقت بالبنى التحتية جراء الحرب الأخيرة، يسعى لتسهيل عملية إعادة الإعمار، ويرى أن التزكية تساعد على توحيد الجهود في هذا الإطار.

وتحدث التزكية عندما يتساوى عدد المرشحين مع عدد المقاعد المتاحة في المجلس البلدي بعد انتهاء فترة الترشح، ما يؤدي إلى إعلان فوزهم تلقائيا دون الحاجة لإجراء انتخابات.

وغالبا ما تجري التزكية في بعض البلدات الصغيرة نتيجة التفاهم بين العائلات. ففي الانتخابات، يحصل المرشح على الفوز عند حصوله على أكبر عدد من أصوات الناخبين، بحسب النظام الأكثري، وفي حال تساوي الأصوات، يحصل الفائز الأكبر سناً، وإذا تساوى العمر، يتم اللجوء إلى القرعة التي تحددها لجنة القيد وفقا للمادة السابعة من هذا القانون.

ويعتبر البعض أنّ التزكية هي حالة غير ديمقراطية، كونها تُعطّل حقّ الاقتراع، مستندين إلى قرار المجلس الدستوري رقم 6/2023 الذي أكّد أن مبدأ الانتخاب هو التعبير الأمثل للديمقراطية من خلال العودة دورياً إلى الهيئة الناخبة للتعبير عن إرادتها وممارسة سيادتها ومحاسبة من انتخبتهم والتمديد لهم أو انتخاب سواهم، علماً أن القرار الدستوري أتى في سياق الطعن بتأجيل البلديات.

وفي ظل التنافسي العائلي والحزبي، يعتبر الإنماء هو أساس العمل البلدي، غير أنّ بعض البلديات تطرح في صناديقها  الانتخابية مسائل تُعنى بالهوية التاريخية والمجتمعية نظراً لتداخل العوامل السياسية والحزبية والطائفية في آن واحد.