
حصار سرت يفجر الخلاف الروسي التركي حول ليبيا
طرابلس - رغم ما يدور في الكواليس حول توافقات تركية روسية بخصوص ما حصل من تطورات عسكرية شهدها الغرب الليبي طيلة الاسابيع الماضية لكن الخلافات بين موسكو وانقرة تظل حاضرة بقوة.
ومثل اصرار حكومة الوفاق على محاصرة مدينة سرت شرق العاصمة طرابلس بدعم عسكري تركي نقطة الخلاف الرئيسية بين الحكومتين التركية والروسية.
وفي هذا الصدد قال مسؤول تركي الاثنين إن روسيا وتركيا أجلتا محادثاتهما بشأن نزع فتيل القتال في ليبيا بسبب خلاف يتعلق بمسعى حكومة طرابلس المدعومة من أنقرة لاستعادة السيطرة على مدينة سرت الساحلية الرئيسية من الجيش الوطني الليبي.
ويظهر جليا الغضب الروسي من اصرار تركيا على تقديم الحلول العسكرية رغم حديثها العلني عن دعم الجهود الدولية لاحلال السلام واطلاق مفاوضات سياسية تنهي الازمة.
وتحاصر ميليشيات الوفاق مدينة سرت بعد ان تمكنت في الفترة الأخيرة من السيطرة على عدد من المدن في الغرب الليبي خاصة مدينة ترهونة وقاعدة الوطية الجوية.
ومثل الدعم التركي بالاسلحة والمرتزقة العمود الفقري الذي ارتكزت عليه قوات الوفاق لتحقيق تقدم ميداني.
لكن التقدم الميداني لم يكن ليحدث لولا تفاهمات وتوافقات بين روسيا وتركيا على ايجاد صيغة معينة تهدف الى اطلاق حوار سياسي ويظهر اليوم ان انقرة تتنصل من تلك الوعود عبر دعمها المتواصل لقوات الوفاق.

ويعتقد مراقبون ان ما حدث من تقدم ميداني ليس في الحقيقة سوى انسحاب من قبل الجيش الوطني الذي تلقى وعودا دولية يبدو انها روسية لانهاء الازمة والضغط على انقرة لوقف تدخلها السافر في ليبيا وانهاء كل الحجج حول استمرار هذا الدعم.
ويظهر اليوم مع تواصل العمليات العسكرية تنصل تركيا من وعودها ما اغضب على ما يبدو موسكو التي سحبت عددا من مقاتلي الفاغنار في اطار الدفع بالعملية السياسية لكنها لم تجد في المقابل صدى من تركيا وحلفائها.
ومثلت سرت وقاعدة الجفرة القريبة منها خطوطا حمراء روسية ترفض موسكو تجاوزها مهما كانت الظروف.
وحاول وزير الخارجية التركي مولود جاويش اوغلو تهدئة الغضب الروسي عندما صرح اليوم الاثنين إنه لا توجد خلافات فنية مع روسيا فيما يتعلق بالصراع في ليبيا وإن البلدين سيواصلان السعي المشترك للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار هناك.
وفي كلمة بجانب نظيره الإيراني محمد جواد ظريف خلال مؤتمر صحفي، قال جاويش أوغلو إن التأجيل ليس له صلة بأي قضايا عالقة بشأن "المبادئ الأساسية" بين الجانبين بخصوص ليبيا وسوريا.
وترفض حكومة الوفاق بدعم تركي اية حلول سلمية وتصر على الحسم العسكري حيث عبر رئيس الحكومة فائز السراج رفضه للمبادرة المصرية التي اعلنها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لانهاء الازمة والتي حظيت بدعم دولي خاصة دعم روسي.
وعلى غرار التوافق التركي الروسي في شمال سوريا والذي خفف من حدة التوتر في محافظة ادلب رغم بعض الخروقات يحاول الطرفين ايجاد صيغة توافقية في سرت يبدو انها لم تنجح بعد.

وفي الحقيقة فان التشدد التركي حيال ملف سرت هو ترجمة للمواقف الاميركية والغربية الرافضة للوجود الروسي في المياه الدافئة جنوب المتوسط ولولا الضوء الاخضر من واشنطن لما استطاعت الحكومة التركية المضي قدما في تدخلها.
ويرى كثيرون بان فشل المحادثات الروسية التركية بخصوص ليبيا واصرار تركيا على الحلول العسكرية سيؤدي في النهاية الى تدخل روسي اكثر وضوحا وحدة خاصة وان قاعدة الجفرة القريبة من سرت تشهد زخما عسكريا روسيا بوجود عدد من طائراتها الميغ والسوخوي.
وتحولت ليبيا بفعل هذه التدخلات الدولية الى ساحة للحروب بالوكالة يدفع الشعب الليبي ثمنها حيث يعتقد كثيرون انه لا حلول في ليبيا الا بحوار ليبي-ليبي بدعم واشراف اقليمي خاصة من مصر والجزائر وتونس.
وتاتي تحركات رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح في الجزائر ومصر واتصاله بالمسؤولين التونسيين في اطار إخراج ليبيا من تلك التجاذبات الخارجية وايجاد حلول من الداخل.