حفتر ملتزم بوقف إطلاق النار في انتظار مقررات مؤتمر برلين

مؤتمر برلين حول ليبيا يأتي وسط قلق أوروبا من التدخل التركي العسكري وخوفا من أن تفلت الأمور من أيديها بعد وساطة روسية بين حفتر والسراج انتهت من دون توقيع رسمي لاتفاق وقف إطلاق النار.
المشاركة التركية في مؤتمر برلين تسمم الأجواء
إرسال أردوغان جنودا إلى غرب ليبيا يثبت دفعا تركيا لتقويض جهود التهدئة
ألمانيا: حفتر مستعد من حيث المبدأ للمشاركة في مؤتمر برلين حول ليبيا

 

برلين/طرابلس - قال وزير خارجية ألمانيا هايكو ماس اليوم الخميس إن خليفة حفتر قائد قوات الجيش الوطني الليبي الذي يشن هجوما منذ ابريل/نيسان 2019 لتحرير العاصمة طرابلس من الإرهاب، ملتزم بوقف إطلاق النار، فيما تستضيف برلين مؤتمرا حول ليبيا تغيب عنها تونس وتحضرها الجزائر ودول مجاورة، بينما أبدى حفتر من حيث المبدأ استعداده للمشاركة.

ويأتي الإعلان الألماني فيما يبدو أنه تقدم في المساعي لإنهاء الاضطرابات المستمرة في ليبيا منذ نحو عشر سنوات، إلا أن الحضور التركي في مؤتمر برلين يلقي بظلاله على أي حلّ محتمل للأزمة حيث أنها جزء من المشكلة بانحيازها لميليشيات حكومة الوفاق الوطني.

ونقلت وزارة الخارجية الألمانية عن ماس قوله بعد زيارة مدينة بنغازي في شرق ليبيا إن حفتر مستعد أيضا لحضور مؤتمر في برلين يوم الأحد يهدف إلى بحث الصراع.

ويأتي تصريح ماس بعد محاولات فاشلة من روسيا وتركيا لإقناع حفتر أثناء زيارة لموسكو هذا الأسبوع بالموافقة على اتفاق وقف دائم لإطلاق النار وتعليق الهجوم على العاصمة الليبية. وغادر حفتر موسكو دون التوقيع على الاتفاق.

والمعركة المستمرة منذ تسعة أشهر على طرابلس هي الأحدث في سياق حرب القوات الليبية المسلحة على الإرهاب في ليبيا عضو أوبك التي باتت معقلا لمهربي البشر الذين يقومون بتهريب المهاجرين في قوارب إلى إيطاليا، في حين يستغل المتشددون الإسلاميون أيضا الوضع المضطرب.

وتستضيف ألمانيا يوم الأحد قمة تجمع الطرفين المتنافسين في ليبيا والقوى الأجنبية الداعمة لها في مسعى لإنهاء الحرب على طرابلس واستئناف المحادثات للتوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة.

وسافر ماس إلى شرق ليبيا مقر القيادة العامة للقوات العربية الليبية المسلحة الخميس لبحث قمة برلين.

قيادة الجيش الليبي تعتبر حكومة الوفاق واجهة سياسة لحكم الاخوان في غرب ليبيا
قيادة الجيش الليبي تعتبر حكومة الوفاق واجهة سياسة لحكم الاخوان في غرب ليبيا

ونقل حساب وزارة الخارجية على تويتر عن ماس قوله بعد الاجتماعات في بنغازي "اللواء حفتر أبدى استعداده للمساهمة في إنجاح مؤتمر برلين حول ليبيا وهو مستعد للمشاركة. كما كرر التزامه بوقف إطلاق النار الحالي".

وتعاني البلاد من انقسام وعدم استقرار، في الوقت الذي تقدم فيه قوى خارجية الدعم للطرفين المتنافسين منذ سقوط نظام معمر القذافي في انتفاضة عام 2011. وتدعم تركيا حكومة فايز السراج والميليشيات المتشددة التي تقاتل معها.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الخميس إن تركيا بدأت إرسال جنود إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق في طرابلس.

وقال أردوغان الذي تحدث في أنقرة "من أجل أن تبقى الحكومة الشرعية في ليبيا صامدة ومن أجل تحقيق الاستقرار نرسل جنودنا إلى هذا البلد".

وحذر يوم الثلاثاء من أن تركيا لن تتوانى عن تلقين قوات حفتر "درسا" إذا استمرت في هجومها على حكومة الوفاق الوطني في تهديد سلط الضوء على الاندفاع التركي المحكوم بأطماع استعمارية وعلى ثقل عسكري يهدف منع انهيار آخر معقل للإخوان في غرب ليبيا.

ووقعت تركيا وليبيا اتفاقين في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 أحدهما بشأن التعاون العسكري والآخر يتعلق بالحدود البحرية في شرق البحر المتوسط. وقال أردوغان إن بلاده ستبدأ قريبا في منح تراخيص للتنقيب والحفر في شرق المتوسط.

وتابع "في المناطق البحرية بين تركيا وليبيا أصبح من المستحيل من الناحية القانونية الآن القيام بأنشطة تنقيب وحفر أو مد خطوط أنابيب دون موافقة الجانبين".

ورحبت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل باستعداد حفتر للالتزام بوقف إطلاق النار في ليبيا وقالت إن مؤتمر برلين يوم الأحد ينبغي أن يسعى لإعادة فرض حظر الأسلحة هناك.

وقالت ميركل للصحفيين "خلال مؤتمر ليبيا ينبغي قبل أي شيء أن نرى معاودة الالتزام بحظر الأسلحة والذي تم الاتفاق عليه في الأمم المتحدة لكن للأسف لم يتم الالتزام به".

تفكيك الميليشيات المتشددة في طرابلس مفتاح تسوية الأزمة في ليبيا
تفكيك الميليشيات المتشددة في طرابلس مفتاح تسوية الأزمة في ليبيا

وإزاء الخشية من تدويل النزاع الليبي وتدفق موجات هجرة جديدة باتجاههم، ضاعف الأوروبيون بشكل خاص جهودهم، لاسيما من خلال تنظيم مؤتمر في برلين برعاية الأمم المتحدة، فيما أكد السراج الخميس مشاركته في المؤتمر.

وستتمثّل عدة دول في مؤتمر برلين بينها روسيا وتركيا والولايات المتحدة والصين وإيطاليا وفرنسا التي سيمثّلها رئيسها إيمانويل ماكرون.

ويهدف المؤتمر إلى ترسيخ الهدنة الميدانية ومنع التدخلات الأجنبية عبر تقديم الدعم العسكري. وبناء على ذلك، أشارت برلين إلى أنّه سيتم اقتراح حظر على توريد الأسلحة على المشاركين.

والخميس، أجرى رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي محادثات حول ليبيا في الجزائر، بينما ندد المسؤول عن السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوسيب بوريل بـ"الانخراط العسكري" لروسيا وتركيا في ليبيا وأجرى مقارنة مع النزاع الذي تشهده سوريا.

وقال إنّ "الأمور في ليبيا تفلت من أيدينا"، مضيفا "نقول إنّ لا حلّ عسكريا للنزاع. لكنّ هذا الشعار قلناه عن الحرب السورية. وما الذي نشهده في سوريا؟ إننا نشهد حلا عسكريا. هناك خطر بأن يتكرّر هذا الوضع في ليبيا".

حفتر يصل اليونان في زيارة تأتي بعد لقائه وزير الخارجية الألماني في بنغازي وعلى وقع تحضيرات ألمانية لاستضافة مؤتمر حول ليبيا

وحصل الرئيس التركي في الآونة الأخيرة على تفويض برلماني في بلاده يتيح إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا بناء على اتفاق توصل إليه مع حكومة السراج.

ويخشى المجتمع الدولي من تصاعد النزاع في ظل التدخلات التركية وانتشار الجماعات المسلحة والجهادية في الداخل الليبي إلى جانب تجار الأسلحة ومهربي المهاجرين غير الشرعيين.

ووصل حفتر لاحقا إلى العاصمة اليونانية أثينا لإجراء محادثات تسبق مؤتمر السلام حول ليبيا الذي تستضيفه برلين الأحد، وفق ما أفاد مصدر قريب من المفاوضات الخميس.

وقال مصدر ملاحي "حفتر وصل إلى اثينا"، فيما ذكرت وسائل إعلام يونانية أنه سيجري الجمعة محادثات مع رئيس الوزراء اليوناني ووزير الخارجية.

ولم تدع اليونان للمشاركة في مؤتمر برلين وهي ترفض الاتفاقات التي وقعتها حكومة الوفاق الليبية في 27 نوفمبر/تشرين الثاني مع الرئيس التركي والتي تتيح لأنقرة المطالبة بحقوق في مناطق واسعة من شرق البحر المتوسط.

وفي بيان صدر قبل أسبوع، أكدت قبرص ومصر وفرنسا واليونان أن هذه الاتفاقات "باطلة". كما سعت أثينا إلى تعزيز علاقاتها مع حفتر وقد التقاه وزير الخارجية اليوناني الشهر الماضي في معقله بنغازي.

وحذر رئيس الوزراء اليوناني الخميس من أن اليونان سترفض داخل الاتحاد الأوروبي أي اتفاق سلام في ليبيا إذا لم تلغ الاتفاقات بين أنقرة وحكومة طرابلس.

وأعلنت إيطاليا والجزائر مساء الخميس أنهما ستعملان على "تكثيف الجهود" لوقف إطلاق النار في ليبيا وذلك خلال زيارة عمل قام بها رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي للعاصمة الجزائرية، وفق ما أعلن مصدر رسمي.

وأوضحت الرئاسة الجزائرية في بيان صدر في ختام لقاء بين كونتي والرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أن الجانبين اتفقا على "تكثيف الجهود وتعزيز التنسيق لإدامة وقف إطلاق النار" الساري منذ الأحد في ليبيا.

وشددا على الحاجة إلى "استئناف الحوار بين أطراف النزاع" وإعادة إطلاق عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة "بعيدا عن أي تدخل عسكري أجنبي"، مضيفا أن الجزائر وروما عبرتا عن "تمسكهما بالحل السياسي باعتباره السبيل الوحيد لحل الأزمة".

وتكثف الجزائر التي تشارك ليبيا حدودا بطول ألف كيلومتر المشاورات لمحاولة العمل على حل سياسي للأزمة في هذا البلد.

وفي سياق الحراك الدبلوماسي يصل وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان إلى الجزائر الأسبوع المقبل.

وتأتي زيارة كونتي بعد زيارة وزير خارجيته لويجي دي مايو ووزير الخارجية المصري سامح شكري قبل أسبوع.

وسيشارك تبون في المؤتمر الدولي المزمع عقده في برلين الأحد حول ليبيا برعاية الأمم المتحدة وبمشاركة طرفي النزاع والدول الفاعلة فيه.

وقال كونتي في ختام لقائه تبون "نعمل سويا من أجل عملية برلين هذه وسنحاول الاستفادة من جميع الإمكانات التي تتيحها هذه العملية للسير بالأزمة الليبية نحو حل سلمي وسياسي".

وأضاف أن "الخطوة الأولى هي وقف إطلاق النار في هذه المرحلة ليس من المهم أن يكون هذا القرار رسميا أو فعليا. المهم أن يكون وقف إطلاق النار هذا دائما ويسمح بالحوار والمناقشة".