حفيظة قارة بيبان: كتاباتي حول المرأة إدانة للمجتمع الذّكوري
تقودنا اليوم الكاتبة حفيظة قارة بيبان في رحلة أدبية مميزة تتجلى فيها قوتها السردية وعمق رؤيتها. تتّخذ قارة بيبان من كتاباتها منبرًا للصرخة والاحتجاج ضد الظلم والتمييز الذي يواجهه الفرد في مجتمعاتنا العربية. في أغلب أعمالها ("دروب الفرار" و"العراء" و"مرايا الأنفاق"...)، تستكشف "بنت البحر" عوالم النساء المضطهدات وتسلط الضوء على قضايا الحرية والمساواة بأسلوب يتسم بالشجاعة والإلهام. كاتبة تنقل رسالة إنسانية عميقة تتجاوز الجنس والثقافة، وتدعو إلى تحقيق التغيير والعدالة في مجتمعاتنا."
"مرايا الانفاق" ،"العراء"، "دروب الفرار" وأعمال روائية وقصصية أخرى تطرح سؤال الذات (المرأة) المتمركزة في منطقة غير متكافئة مع الرجل في "مجتمع لا يزال يكرّس ثقافة معينة تنحو في اتجاه تكريس الصوت الذكوري .
إلى أي مدى تنتصر حفيظة قارة بيبان في كتاباتها إلى المرأة؟
أنا أنتصر للإنسان المقاوم أقداره، للإنسان العربي الباحث عن حريته داخل أسواره المتعددة، رجلا كان أو امرأة.
كتابتي عن المرأة، منذ كتابي الأول "الطفلة انتحرت" (1984)، إلى روايتي "دروب الفرار" (2004)، إلى آخر كتبي، المختارات القصصيىة "مرايا الأنفاق" الصادرة أخيرا عن دار اليمينة للنشر، كانت - خاصة في كتبي الأولى- صرخة إدانة للمجتمع الذكوري، لازدواجية مقيتة تحكمه، لواقع عربي مترد، تكون المرأة، أحيانا كثيرة، أولى ضحاياه. ما يؤدي بها إلى السقوط وحتى إلى الجريمة، كما حدث لشرود المؤمنة بأن الحب يفتح كل الدروب، الحالمة بعزف نغم يوقظ المدينة، ولكنها لا تجد في النهاية غير "دروب الفرار"، عنوان الرواية، أو كما حدث للخادمة في قصة التحقيق الواردة في كتاب "قهوة إكسبريس" والمختارة ضمن قصص الكتاب الأخير "مرايا الأنفاق" والتي تنتهي والكلابات في يديها.
ولكن، من خلال كتابتي عن المرأة، والغوص في أعماقها، يتجلى الهم الإنساني وحلم التجاوز الذي نشترك فيه جميعا، رجالا ونساء. وهذا ما جعل الناقد الفلسطيني د. فيصل دراج، يقول في تقديمه الطبعة السورية الصادرة عن دار كنعان لرواية "دروب الفرار":
"هي رواية شهادة، تعالج وضع المرأة في مجتمع قامع مقموع، دون أن تكون نصا نسويا ينضاف إلى نصوص نسوية أخرى. إنها رواية الإنسان المستنير الحالم بالحياة في مجتمع مظلم شغوف بالموت... "
اقترنت رمزية "المرايا" عند الصوفية بأحوال الشهود التي يرى فيها العارف الحقائق التي تنزاح عنها الحُجب... كيف تنعكس هذه الرمزية في مجموعتك "مرايا الأنفاق"؟
مع كل قصة وفي كل كتابة أدبية، أجدني في ذاك العالم الصوفي المهيب، الذي يهيم فيه الوجدان الباحث عن النور، في ظلمات الأنفاق. نحن نحفر في عتمة الدواخل عميقا، حتى نكتشف نجوما تضيء المرايا، لينكتب النص الإبداعي، ليرى القارئ والباحث وجهه فيه بلا قناع، وليتعرى عالم الزيف أمامه، عله وقتها يجد طريق خلاصه.
هذا ما أسعى إليه في النص الذي أكتب: إنارة الأعماق الإنسانية المظلمة مع تحقيق متعة النص ولذته.
في "مرايا الانفاق" أيضا قسّمتِ مجموعتك الى 4 فصول وسمتها بعناوين نكرة "أساور، أشواق، نساء، خواتم..." وضمّنتِ كل مجموعة 6 اقصوصات. رقمان (4 و6) قابلان للتجزئة على عكس 3 و7 مثلا .. أية رمزية للرقمين هنا ؟
-. أمام نفاد مجموعاتي القصصية وأسئلة القراء والباحثين عنها، وجدتني مدعوة لإعادة النشر. وفكرت في كتاب جامع لمختارات منها. ولكن وجدتني في مأزق حقيقي. فأي قصص أختار؟ وهل يكون اتباع الترتيب الزمني أفضل؟ أم الاختيار حسب المضامين؟ أم أشكال الكتابة؟
لم أنته إلى القرار النهائي إلا بعد عديد الترتيبات الأولية. فكان تقسيم الكتاب إلى 4 فصول:- نساء- أشواق- أسوار- خواتم- عناوين دالة على المضامين. وقد قدمت الدكتورة هاجر المنصوري مداخلة حول "مرايا الأنفاق"، وفي تناول طريف اهتمت بدلالات العناوين، ورمزية أرقام القصص الواردة في كل جزء. أترك للقراء اكتشافها مع نشر المداخلة قريبا على صفحات "الشارع المغاربي".
بلورتِ تلك العناوين النكرة في شخصيات نراها مختلفة سردا وحكاية ولغة وأمكنة. ولكنها تتشابه كلها في طريقة بحثها عن الخلاص وإن كانت وجدته بطريقة رمزية، إلا اننا لاحظنا أنها شخصيات مضطهدة، تفشل دائما في ايجاد هذا الخلاص وفي الانعتاق... ما علاقة تلك الشخوص بتونس وبواقعنا الاجتماعي والسياسي اليوم؟
- وهل سنكتب عن الشخصيات السعيدة؟.. ماذا نضيف وقتها للأدب؟
المهم، كيف يصارع الإنسان واقعه؟ كيف يدفع صخرة سيزيف إلى النهاية؟.. ستعاد إليه. ستضطهده أقداره. ولكنه يحاول من جديد.. قد يسقط، قد ينتصر.. ولكن هذا ما يفعله الأدب، التعبير عن صراع الإنسان مع أقداره بجماليات الفن، الفن الذي يخلق عالما أجمل يرتفع على ظلمة الواقع المتردي.
في "مرايا الأنفاق"، شخصيات مختلفة. كل واحدة تبحث عن الخلاص بطريقتها، لا تشابه أراه في بحثها عن النجاة، كما ذكرت. فهناك من تختار الهروب، كما في قصة "حفل نسائي" وإذا المدعوة للحفل، تشاهد النساء يرقصن شبه عاريات مغنيات للكعبة على وقع الطبول، في حفل تحرم فيه المعازف، نفس طبول الحرب تدق في الذاكرة أمام تساقط الرؤوس في شام داعش. يقدم لها كأس الشراب، فإذا هو يفيض بدم الحبيب القتيل هناك في سوريا.. تنكسر الكأس في يدها إذ تطير هاربة من قاعة الحفل النسائي. أو في قصة الحريق، التي تنتهي بإشعال الكاتب النار في أوراقه ومكتبه ليلة احتفال البلاد بعيد الثقافة.
وهناك من تختار المقاومة والتحدي كما في قصة سرقوا إلهي، التي تنتهي بإعلان الممثل المسرحي، بعد اغتيال رفيقته الممثلة في الشارع، قرب تمثال ابن خلدون، بسكين تكفيري في وضح النهار يعلن المسرحي متحديا، في لقاء الشهادات بالمسرح البلدي أمام صورة الممثلة الشابة القتيلة، "سنواصل عرضنا على هذا المسرح، وفي كل البلاد.. سنواصل عرض "سرقوا إلهي".
يقول لوكاتش "البطل في الرواية هو بطل مهزوم في واقع مأزوم" الى اي مدى ينطبق هذا القول على ابطال حفيظة قارة بيبان وعلى واقعها؟
-هو ذاك، وكما ذكرت سابقا، الأدب يبحث دوما عن النتوءات والمهاوي، ليحفر في الدواخل ويتوغل في الظلمات، ليكشف الواقع الإنساني المأزوم، بجمالية الفن وقدرته على خلق واقع أجمل.
هل لديك حدود لغوية في الكتابة، يعني هل اضطررت يوما لكتابة السرد الإباحي؟
لا حدود للحرية وقت الكتابة. ولكن لأني أومن بأن الكتابة الأدبية هي كتابة جمالية بالأساس، ورغم كتابتي عن الجسد، فإني لا أسقط في التسجيلية المبتذلة، فأنا أكتب أدبا يغتني بالاستعارات والرموز ولا يحتاج إلى غير جماليات الكتابة مع صدق التجربة وتوهجها، ليصل إلى القارئ.
تلقبين بـ"ابنة البحر" وتشتغلين في رواياتك على المكان من بنزرت مسقط الرأس الى فلسطين مسقط القلب والروح. أي تأثير للمكان في صياغة قصصك ورواياتك؟
المدينة.. البحر.. الأرض .. فلسطين.. لا مهرب من المكان. هو تاريخ وذاكرة وبعض هوية.. يسكننا حتى لو لم نسكنه.. هكذا كانت وستظل فلسطين في نصي الإبداعي، فلسطين أرض الأنبياء، الوجع العميق والجرح النازف والحلم الدائم بالنصر والنجاة. فلسطين التي أردت الإطلال على سفوحها يوما، وأنا أمضي إلى الجولان السوري وأصعد الجبل لأرى المنارة الإسرائيلية في الأعلى، على الجولان المحتل، تراقب القادمين. حرمت يومها من الوصول إلى القمة. والإطلال من هناك على أرض فلسطين. فلسطين التي منعت من زيارتها ولا زلت ممنوعة، أنا صاحبة "العراء" التي أرّخت لتاريخ السرطان الفلسطيني، الملاحق أبناء الأرض المهجرين في تونس. في هذه الرواية، وجدتني مسكونة بوجع الأرض ينخرها السرطان، من خلال قصة حب جمعت غسان الشاعر الفلسطيني مع دجلة العامري التونسية، تتالت فيها ذكريات غسان عن التهجير الأول في 1948 والتهجير الثاني إلى تونس في 1982، يوم حل المهجرون الفلسطينيون بميناء بنزرت قادمين من بيروت المحاصرة المخربة من الجيش الصهيوني. لتتوالى بعدها الجرائم على الأرض التونسية من غارة حمام الشط إلى اغتيال أبو جهاد. بسيدي بو سعيد.
تأثير المكان الذي لاحظت، في نصوصي، كان محور أطروحة جامعية بإشراف الأستاذ مصطفى الصيد بجامعة تونس الأولى تحت عنوان "المكان ودلالاته في رواية "دروب الفرار". أهمية المكان في هذه الرواية لفتت أيضا انتباه الناقد د.فيصل دراج في تقديمه للطبعة السورية، إذ يقول: "ورغم خصوصية المكان، فهي تتحدث عن العالم العربي كله، محولة، بموهبة واضحة الخاص إلى عام، إذ في المكان أمكنة أخرى".
فضح سردك في بعض القصص خاصة "مرايا الانفاق" واقع المرأة في تونس كيف يعرّي الادب وانت صاحبة رواية "العراء" قبح الواقع وزيفه في طرحه القضايا السياسية والكونية والانسانية كالحرية وحقوق المرأة والقضية الفلسطينية؟
الصدق والعمق والمعرفة والموقف إضافة إلى جمالية اللغة والأسلوب، أساس كل كتابة إبداعية تسعى إلى تعرية الواقع المقيت، كتابة لا تكتفي بوصف العالم، بل تعيد خلقه كما يقول رامبو.
كمثال وقد ذكرت "العراء"، حين بدأت كتابة هذه الرواية، أمضيت سنوات معها. بحثت في الصحف القديمة والمراجع في المكتبة الوطنية، اتصلت ببعض الفلسطينيين الذين عايشوا بعض الأحداث كالغارة على حمام الشط وتحاورت معهم.. دخلت الرواية من خلال نهاية دجلة العامري التي غزا جسدها السرطان واستعادة قصة الحب المستحيل مع غسان، ولكني وجدتني أمضي مع غسان إلى سرطان آخر أكبر يغزو الأرض ويفتت الأوطان.، وانفتح المخيال يبني عالم الرواية غير آبه، بكل الموانع والقوانين التي تحد حرارة النص واندفاعه نحو الخلاص.
معروف عنك مناصرتك للقضية الفلسطينية في رواياتك ... أي معنى لأدب المقاومة في سياق مفعم بالدم؟
المقاومة لا تكتفي بسلاح واحد، بل تحتاج إلى كل الأسلحة. لتكون أقوى في عالم السقوط المريع للقيم الذي نحن فيه.
المقاومة تحتاج إلى العلم والفن والأدب الذي يكتب الشهادة الباقية ويفضح القتلة والمتواطئين ويخلد القضية.
يقول درويش مخاطبا الموت: هزمتك يا موت الفنون جميعها وأفلت من براثنك الخلود.
الفن أيضا يقاوم الموت. ولأن المستعمرين يدركون جيدا قيمة الثقافة وخطورة الفن والأدب، فإنهم يغزوننا من خلال الثقافة بمختلف ألوانها.. السينما، الموسيقى، الأدب..
يكفي أن نتذكر الفنانين والمبدعين الذين تم اغتيالهم ( كالرسام ناجي العلي و الكاتب غسان كنفاني..) لندرك أنهم، كما يخشون المقاومة بالسلاح، فإنهم يخشون مقاومة الفكر والفن والأدب. علينا ألا ننسى أن أحد زعماء الصهاينة قال يوم اغتيال غسان كنفاني: "اليوم تخلصت إسرائيل من كتيبة جيش بأكملها".
هل انت محظوظة في مجال النقد؟
تناولت عديد الأطروحات الجامعية أعمالي في تونس وخارجها، إضافة إلى دراسات نقاد أجلاء كالدكتورة جليلة طريطر ود.فاطمة الأخضر ود.محمد آيت ميهوب، والناقد العراقي الكبيرعذاب الركابي.. وغيرهم.
أكيد أن التناول النقدي يبهج الكاتب إذ يضيء العمل الإبداعي، ويبعثه من جديد بعيون أخرى. السنة الماضية، سعدت حقا وأنا أفاجأ بكتاب يهتم بتجربتي بأقلام نقاد مغاربة تحت عنوان" عيون مغربية على تجربة تونسية: مع عنوان ثان" مرايا الذات والهوية والمجتمع في أعمال حفيظة قاره بيبان الإبداعية"، بتنسيق الدكتور إبراهيم أزوغ. كان هذا بعد صدور الدراسة الهامة عن يوميات النجمة والكوكوت'" في كتاب د جليلة طريطر الفائز بجائزة الشيخ زايد. مع دراسات وردت في كتب، في مصر والمغرب مثلا. ولكن عديد الدراسات تظل بعيدة عن القارئ، خاصة في مجال الأطروحات الجامعية التي تحتاج إلى الخروج من أسوار الجامعة.
رغم هذا، أنا أومن أن الكتابة الجيدة تفرض نفسها وتلفت إليها الأنظار، حتى إن تأخر الاهتمام النقدي بها.
خضت تجارب عديدة في الكتابة للطفل.. ما هي نظرتك له؟ ولمَ لا نسمع يوما وزارة الثقافة تهتم بهذا المجال (ادب الطفل)؟ حسب رأيك لماذا لا يحظى ادب الطفل بالنقد؟
لم أكتب للطفل إلا بعد عديد الإصدارات القصصية للكبار. كنت أهاب دوما الكتابة للأطفال. هي مسؤولية تتطلب وعي المربي وقدرة الأديب لتقديم قصة مشوقة هادفة تغني لغة الطفل وتشحذ المخيلة وتنتج القيم دون مباشرتية، إضافة إلى أهمية الصورة المصاحبة. ومن هنا تأتي أهمية قصة الأطفال. حين كتبت أول قصة في سلسلة حكايات بنت البحر، كانت المحبة والشغف دافعي، كحالي دوما مع الكتابة. سألتني يومها حبيبتي رؤى ابنة الخمس سنوات أن أكتب لها قصة-لا أن أحكي فقط- تكون فيها صور وألوان- هكذا استجابت المحبة ووجدتني أكتب لحفيدتي الصغيرة، بشغف، وأعود طفلة بأحلام الطفولة وأشواقها ورؤاها. أبحر في عوالم الخيال وأحاور كائنات الطبيعة. وتوالت القصص لتكون كما جاء على الغلاف "قصص خيالية، يحاور فيها الطفل كائنات الطبيعة، يتعلم منها الحكمة ويستقي متعة القراءة الشيقة".
ولكن التجربة المهمة كانت في تحويل القصة الورقية إلى عمل فني، وهذا ما تم مع قصة "رؤى والنجمة"، لتصبح قصة مغناة، لحن موسيقاها وقدمها الفنان المبدع عادل بوعلاق ومجموعة أجراس .هذه القصة موجودة على اليوتيوب تحت عنوان "قصة مغناة رؤى والنجمة". كان الأمل في أن يكتمل مشروع القصة المغناة والمصورة، مع بقية القصص لتصدر، مستثمرة الفنون، إضافة إلى النص المكتوب تحت الصور،
لمزيد الترغيب في المطالعة وتطوير طرق القراءة. مع أن هذه التجربة كانت محور تكوين بيداغوجي قام به د.عادل بوعلاق مع متفقدي المدارس تحت إشراف وزارة التربية لتدريس اللغة العربية انطلاقا من الموسيقى.
ولكن للأسف، لم نلق أي جواب من الوزارة منذ 2014، لدعم هذا المشروع.
وتسألينني لماذا لا تهتم الوزارة بأدب الطفل؟.. للأسف، ليس عندي الجواب. ولكن الاهتمام بأدب الطفل ونقده نجده ونباركه لدى منتدى أدب الطفل باعث الجائزة العربية لأدب الطفل، والذي ينظم ملتقى سنويا، كانت السنة الماضية دورته 14 برئاسة د. محمد آيت ميهوب. وكنت عضوا في لجنة التحكيم .في هذا الملتقى تقدم بحوث ودراسات حول أدب الطفل تصدر في كتاب يظل مرجعا مهما لهذا الأدب .
كيف تنظرين لنسق تطوّر الأدب ولرموزه من الكتاب التونسيين (مع ذكر بعض الأسماء التي لفتت انتباهك)؟
الأدب التونسي فرض وجوده واحترامه على الساحة العربية. ولنا -خير مثال على ذلك، ما أصبح يحظى به الكتاب التونسي من اهتمام وجوائز عربية كبرى في مجال الشعر والرواية والنقد الأدبي. (د. جليلة طريطر في مجال النقد، د.المنصف الوهايبي، النقد والشعر، نبيهة العيسى وجائزة كاتارا للرواية.. منيرة الدرعاوي وجائزة الرواية لليافعين، الحبيب السالمي و..و.. وعديد الأسماء الأخرى المعروفة .ولكن للأسف، عقدة النقص واستصغار الذات لازالت تسكن العديد من الكتاب والمثقفين التونسيين الذين ما زالوا ينكرون قيمة الأدب التونسي.
من يمثل تونس اليوم بالمحافل الدولية الثقافية؟ مثقفون حقيقيون ام لوبي محسوب على وزارة الثقافة أهي شللية ومحاباة؟
هو كل ذلك معا، أمام غياب الشفافية والمعايير الواضحة التي يكون حسبها اختيار ممثلي الأدب التونسي في وزارة تنعدم فيها سير المنتسبين إليها.
أذكر نكتة دالة سوداء. صادف أن سألت مرة مستغربة: لماذا يتردد اسم هذا الكاتب(ة) - عديد المرات لتمثيل تونس؟ وإذا الجواب يأتيني من الموظف الرفيع بالوزارة: إنه (ها) مطلوب من الخارج... هكذا، بكل استخفاف بالعقول، جاءني الجواب.
من خلال تجربتي الممتدة على عقود، كانت كل مشاركاتي، سواء في المغرب أو مصر أو لبنان، تتم من خلال دعوات تأتيني، لا من بلدي، وإنما من الخارج. أو من خلال قرار فردي خاص، بالرحيل إلى آفاق أتوق إليها، كما كان عند سفري إلى سوريا وذهابي إلى الجولان في 2006. بعد استضافتي وتكريمي في فرع اتحاد الكتاب الفلسطينين بدمشق..