حكومة البرهان تحقق في استخدام أسلحة كيماوية للتملص من المسؤولية

الخطوة تأتي ضمن جهود الحكومة السودانية لامتصاص غضب المجتمع الدولي، وتحديداً لتجنب أي صدام محتمل مع القوى الغربية وعلى رأسها واشنطن، لما قد يترتب على ذلك من تداعيات سياسية ودبلوماسية واقتصادية.
جهود لحماية القيادات العسكرية العليا من المساءلة خاصة قائد الجيش البرهان

الخرطوم - رغم إعلان الحكومة السودانية تشكيل لجنة وطنية للتحقيق في اتهامات أميركية باستخدام الجيش أسلحة كيميائية خلال النزاع مع قوات الدعم السريع، فإن هذا الإعلان لا يبدو سوى محاولة لذر الرماد في العيون. فبدلاً من التعامل الجدي مع الاتهامات، التي تستند إلى ما وُصف بأنه دلائل قوية على استخدام هذه الأسلحة في مناطق مأهولة بالسكان، تسعى السلطات السودانية إلى تبرئة الجيش وتخفيف الضغط الداخلي والدولي، دون تقديم التزامات واضحة بمحاسبة المسؤولين الحقيقيين.
ويُفهم من هذه الخطوة أنها تأتي ضمن جهود الحكومة السودانية لامتصاص غضب المجتمع الدولي، وتحديداً لتجنب أي صدام محتمل مع القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، لما قد يترتب على ذلك من تداعيات سياسية ودبلوماسية واقتصادية. وفي هذا السياق، قد تلجأ الحكومة إلى تقديم عناصر محددة كأكباش فداء، في محاولة للتنصل من المسؤولية المؤسسية الأوسع عن استخدام الأسلحة الكيميائية، وبالتالي حماية القيادات العسكرية العليا من المساءلة بمن فيهم قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان.
ولجنة التحقيق مؤلفة من وزارتي الخارجية والدفاع وجهاز الاستخبارات العامة "على أن ترفع تقريرها فورا"، وفق بيان حكومي أوردته وكالة الأنباء السودانية "سونا".
وجاء في البيان أن رئيس مجلس السيادة البرهان أصدر "قرارا بتشكيل لجنة وطنية تضم وزارة الخارجية، وزارة الدفاع وجهاز المخابرات العامة، للتحقيق في المزاعم الأميركية، على أن ترفع تقريرها فورا".
 

وشدّدت الخرطوم على التزامها "بتعهدات السودان الدولية ومنها اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية" المصادق عليها في العام 1999.
وفي 22 مايو/أيار اتّهمت وزارة الخارجية الأميركية الخرطوم باستخدام أسلحة كيميائية في العام 2024، من دون كشف أي تفاصيل على صلة بالمكان أو الزمان الذي استخدمت فيه هذه الأسلحة.
وأعلنت الإدارة الأميركية فرض عقوبات اقتصادية على السودان اعتبارا من السادس من يونيو/حزيران، تشمل حظر الصادرات الأميركية والتمويل لحكومة السودان وهو ما سيمثل مزيدا من الضغوط على الحكومة السودانية.
وكان المتحدث باسم الحكومة السودانية رفض الاتهامات الأميركية ووصفها بأنها "ابتزاز سياسي". وهذه ليست المرة الأولى التي توجّه فيها اتهامات كهذه للسودان.
وأوردت صحيفة نيويورك تايمز في يناير/كانون الثاني أن الجيش السوداني استخدم أسلحة كيميائية في مناسبتين على الأقل في مناطق نائية خلال حربه مع قوات الدعم السريع.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين لم تسمّهم قولهم إن السلاح يبدو أنه غاز الكلور الذي يمكن أن يسبب ألما شديدا في الجهاز التنفسي والموت.
وفي العام 2016 ندّدت منظمة العفو الدولية باستخدام الجيش أسلحة كيميائية في دارفور (غرب).
في العام 1998 أكدت الولايات المتحدة أن مصنع الشفاء للأدوية ينتج مكوّنات كيميائية لحساب تنظيم القاعدة، قبل أن تقصف المنشأة. ولم تقدّم واشنطن أدلة تدعم اتهاماتها التي لم يجر أي تحقيق فيها.
يشهد السودان منذ أبريل/نيسان 2023 حربا دامية بين الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي".
وأسفر النزاع عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص ونزوح 13 مليونا، وتسبب بما تصفه الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في التاريخ الحديث.