حكومة عبدالمهدي تنتظر مصيرها في احتجاجات الجمعة
بغداد - يستعد العراقيون في العاصمة بغداد وعدد من المحافظات وسط وجنوبي البلاد لاستئناف الاحتجاجات ضد حكومة عادل عبدالمهدي، الجمعة، بعد أن أوقفت حملة قمع أمنية غير مسبوقة أدت إلى مقتل 149 متظاهر وجرح الآلاف، المظاهرات السلمية لأكثر من أسبوع.
وقالت تنسيقيات التظاهرات التي منحت الحكومة مدة التوقف عن التظاهر كمهلة لتحقيق مطالبها، إن المطالب ستكون موحدة في جميع المحافظات العراقية، فيما بدأت السلطات منذ بداية الأسبوع باتخاذ تدابير أمنية عدة تحسبا لأي طارئ.
ورفض المحتجون تبني أي حزب أو شخصية دينية أو سياسية المظاهرات ورفع شعاراتهم فيها، مشددين على ضرورة التحرك تحت راية العراق فقط.
ولم تلب حزمة الإصلاحات التي أعلنتها حكومة عبد المهدي على مدى الأيام الماضية طموح المحتجين، بل أثارت نتائج لجنة التحقيق الحكومية في موجة القمع التي رافقت المظاهرات والتي راح ضحيتها 149 مدنيا، غضب الشارع، حيث لم تقم بتسمية المسؤولين عن قتل المتظاهرين ومحاسبتهم.
وقال أحمد الخضر مسؤول إحدى تنسيقيات الاحتجاجات في بغداد إنه "لم يحدث أي تغيير ملموس بشأن مطالب المتظاهرين، ما تم إعلانه سواء من جانب الحكومة أو البرلمان، مجرد إقرار حزم إصلاحات من حيث المبدأ، وهذا يعني أن تطبيقها لن يحصل في المدى القريب".
وأوضح أن "المتظاهرين طالبوا بإجراء تعديلات دستورية ونظام انتخابي عادل، وملاحقة الفاسدين في الداخل والخارج، وكشف الجهات المسؤولة عن قتل وجرح مئات المتظاهرين، وكل هذا لم يتحقق، الحكومة عاجزة عن تحقيق مطالب المحتجين".
وجاء في تقرير اللجنة أن أكثر من 70 في المئة من القتلى سقطوا نتيجة الإصابة بطلقات في الرأس أو الصدر وأن هناك أدلة على أن قناصة استهدفوا المحتجين.
واعتبر ناشطون عراقيون إعلان السلطات إعفاء قادة عسكريين وأمنيين من مختلف أجهزة القوات العراقية في سبع من أصل 18 محافظة، هي محاولة لتبرئة عناصر الميليشيات وكبار المسؤولين في الدولة، والتضحية بالضباط لتستر على تجاوزاتهم.
وتجنب التقرير الحكومي أي إشارة إلى الميليشيات المدعومة من إيران، التي وثق محتجون عمليات القنص التي ارتكبتها خلال مظاهرات انطلقت مطلع أكتوبر/تشرين أول الجاري، ما أثار صدمة الشارع العراقي.
ووفق أحمد الشريفي، وهو محلل سياسي، فإن الاحتجاجات المرتقبة ستكون مختلفة عن احتجاجات مطلع الشهر الجاري من حيث أهدافها.
وأوضح الشريفي أن "الإصلاحات التي تم الحديث عنها لم ترق إلى إقناع الشارع، حتى أن بعض الإصلاحات اعتبرت استفزازية من الحكومة للشعب عامة وللمتظاهرين خاصة، ومنها ملف الوظائف الشاغرة التي أعلنت الحكومة عن توفرها بالآلاف للعاطلين عن العمل".
وأضاف "هذا يدل على أنه إما أن الموارد المالية والدرجات الوظيفية كانت فعلًا متوفرة والحكومة حبستها عن العاطلين عن العمل لاستخدامها في الدعايات الانتخابية للأحزاب، أو كانت مخصصة لتوزع على الأحزاب السياسية".

ويرى الشريفي أن "الشعب العراقي فقد الثقة بالحكومة، والحل الوحيد هو استقالتها، وغيره ستدفع الحكومة ثمنًا كبيرًا، فالاحتجاجات هذه المرة ستكون أكثر تأثيرًا، وربما تحصل فوضى، والفرصة الأخيرة هي استقالة الحكومة".
وتحسبا لأي خطر على المحتجين دعت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق اليوم الخميس، الحكومة إلى "توفير الحماية اللازمة للمتظاهرين، معلنه أنها ستعقد سلسلة اجتماعات مع أعضاء من المجتمع المدني لبحث كيفية التعامل مع الاحتجاجات.
وقالت المفوضية في بيان إن "على الحكومة ممثلة بأجهزتها وقواتها الأمنية كافة أن تتعامل مع التظاهرات السلمية والمتظاهرين وفقا" لمبادئ حقوق الإنسان التي نصت عليها القوانين والتشريعات الدولية والدستور العراقي وبما يضمن المحافظة على حياة المتظاهرين وتجنب استخدام القوة بكافة أشكالها والابتعاد عن الأساليب التي تحط من كرامة المتظاهر وتعرض حياته وأمنه للخطر".
كما طالبت الحكومة والأجهزة الأمنية بـ"تأمين حرية التنقل والاتصال للمتظاهرين وتوفر الحماية اللازمة لأماكن التظاهر والأبنية والشوارع المحيطة بها".
وأوصت المفوضية المواطنين المتظاهرين بممارسة هذا الحق بشكل سلمي وعدم السماح للأشخاص غير المنضبطين في حال وجودهم من التعرض للقوات الأمنية وحرف التظاهرات عن سلميتها وأهدافها المشروعة.
من جهتها قالت وزارة الداخلية إن أجهزتها ستدخل في حالة التأهب القصوى استعدادا لحماية تظاهرات الجمعة في خطوة لتخفيف التصعيد واحتواء المحتجين.
وقال العميد المحنا الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية إن "رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة عادل عبدالمهدي ووزير الداخلية وجها القوات الأمنية كافة بالتعامل المسؤول مع المتظاهرين وفق مبادئ حقوق الإنسان والالتزام بالتوجيهات لحماية التظاهر السلمي".
وأوضح المحنا أنه "لا داعي للقلق من انطلاق المظاهرات بعد الدروس المستفادة من المظاهرات السابقة ".
وأضاف أن "قوات حفظ النظام ستقوم بأداء هذه المسؤولية بالتعاون مع المواطنين حفاظا على الصالح العام، وأن الجميع يبدي حرصا على السلم والاستقرار وتجاوز الأخطاء السابقة".
ومع اقترب انتهاء العد العكسي لانطلاق المظاهرات التي من المنتظر أن يكون الدخول إلى المنطقة الخضراء في بغداد هدفها الأول، تتوجس حكومة عبد المهدي من أي صدام ممكن مع المحتجين الذين لن يرضوا بأقل من استقالتها.
وقد وضعت تنسيقيات المتظاهرات خطة لسيناريو مماثل، فمن المنتظر أن يلجأ المتظاهرون لإجراءات تصعيدية من بينها "العصيان المدني والاعتصام في الطرق العامة وأمام الوزارات والمباني الحكومية وغيرها من الخطوات غير المتوقعة".