حل أزمة النزوح السوري إلى لبنان رهن بتعاون دمشق

حزب الله متهم بالسيطرة على المعابر غير الشرعية وتقديم الغطاء للمهرّبين، لتهريب أفراد وسلع وبضائع وأسلحة وأدوية ومحروقات وغيرها من العمليات التي تعجز أجهزة السلطات اللبنانية عن ضبطها.

بيروت - يشهد لبنان موجة جديدة من النزوح السوري لا طاقة له على استيعابها ويحاول التعاون مع الحكومة السورية لمعالجة هذه الأزمة التي تحاول السلطات اللبنانية الحد منها باتخاذ حزمة من الإجراءات التي أعلنت عنها مؤخرا.

وتعتبر العديد من الجهات السياسية أن مسؤولية حل أزمة اللاجئين رهن بتعاون السلطات السورية التي تمارس سياسات لا تشجع اللاجئين على العودة ومنها عدم البدء بإعادة إعمار المناطق المدمرة، والاستمرار في التجنيد القسري، والامتناع عن الكشف عن عشرات الآلاف من المفقودين وفرض رسوم هي الأعلى في العالم للإعفاء من التجنيد أو تأجيله أو للحصول على جواز سفر أو حتى لدخول البلاد، وغيرها.

وبحث وزير الخارجية والمغتربين  في حكومة تصريف الأعمال اللبناني عبد الله بوحبيب الإثنين، مع نظيره السوري فيصل المقداد مسألة النازحين السوريين وسبل معالجتها، وناقشا في اتصال هاتفي "الزيارة المرتقبة للوزير بوحبيب إلى سوريا لمناقشة مسألة النازحين السوريين وسبل معالجتها".

وقررت الحكومة اللبنانية تشكيل وفد وزاري يزور سوريا لمتابعة ملف النازحين برئاسة وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، ويضم الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع والمدير العام للأمن العام، وذلك ضمن سلة من القرارات والإجراءات اتخذتها.

وشملت تلك القرارات ضبط الحدود البرية والبحرية وإجراء مسح فوري للنازحين السوريين القاطنين في النطاق البلدي، وتكوين قاعدة بيانات عنهم، وإزالة التعديات والمخالفات كافة على البنى التحتية الموجودة في أماكن إقامة النازحين.

كما تنفذ الوزارات المعنية إجراءات بحق السوريين والمؤسسات المخالفة، مثل ضبط عملهم في لبنان وتحديد الموجودين فيه بصورة قانونية، كما جرى تكليف وزارة الإعلام إطلاق حملات توعية من مخاطر اللجوء على المجتمعين السوري واللبناني في خطوة رفعت من خشية زيادة خطاب الكراهية والتحريض ضد اللاجئين.

ويشهد لبنان موجة مستجدة من النزوح السوري عبر المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا منذ حوالي شهرين، وغالبية النازحين الجدد هم من فئة الشباب، وتقوم القوى الأمنية بجهد كبير لمواجهة هذه الظاهرة، حيث أحبط الجيش في الأسابيع الماضية محاولات تسلل آلاف السوريين إلى الأراضي اللبنانية من المعابر غير الشرعية.

وتتهم أطراف سياسية حزب الله بالسيطرة على المعابر ولا سيما غير الشرعية، التي تشهد عمليات خطف وتهريب أفراد وسلع وبضائع وأسلحة وأدوية ومحروقات وغيرها من العمليات التي تعجز أجهزة السلطات اللبنانية عن ضبطها كما يتهم الحزب بتقديم الغطاء للمهرّبين، وهو ما ينفيه باستمرار.

ويبلغ عدد النازحين السوريين في لبنان حوالي مليوني نازح. ويطالب لبنان بعودة النازحين السوريين إلى بلادهم عودة آمنة وكريمة.

وأعلن الجيش اللبناني، أن عدد عناصره غير كاف لمنع النزوح السوري غير النظامي إلى البلاد، مشيرا إلى أنه بحاجة لمعدات وتجهيزات إضافية للقيام بالمهمات على أكمل وجه.

وقام مدير التخطيط والتواصل الاستراتيجي بالجيش اللبناني ‏العميد إلياس عاد، بجولة برفقة إعلاميين في منطقة "وادي خالد" بمحافظة عكار وبلدة شدرا على الحدود الشمالية مع سوريا.

وقال عاد "نعمل اليوم على ضبط الوضع على الحدود الشمالية بـ 1200 عنصر، ونعتبر هذا العدد غير كاف".

وأوضح أن "الحدود مع سوريا تبلغ 110 كلم من الجهة الشمالية (من بلدة العربضة شمال غرب) إلى جبل أكروم (شمال شرق) من أصل 378 كلم كامل الحدود معها".

وتابع "المعايير الدولية التكنيكية للحدود تنص على أن كل فوج يراقب من المسافة 8 إلى 10 كلم لضبطها بشكل طبيعي، وبالتالي نحن بحاجة إلى عشر أضعاف عدد العناصر المراقبة لدينا، إضافة إلى المعدات والتجهيزات".

ولفت مدير التخطيط بالجيش إلى أن "سبب موجة النزوح الأخيرة من سوريا تعود إلى سوء الأوضاع الاقتصادية هناك".

ويؤكد متابعون أن موضوع النزوح السوري يحل سياسيًا وهذا الحل معلّق بين سوريا والدول الأوروبية المعنية، إذ أن موجة النزوح الأولى مثل الموجة الثانية، ولكن الفارق بين الإثنين أن السوريين دخلوا خلال الموجة الأولى مع عائلاتهم إلى لبنان هربا من القصف، أما الموجة الثانية فهي دخول شباب إلى لبنان بسبب غلاء المعيشة وعدم تواجد فرص عمل في سوريا.

ويقول المسؤولون اللبنانيون أن المعابر معروفة ومحصورة، ومن المفترض أن يتم التنسيق مع الجهة السورية، لضبط المعابر أمنيًا بكل الوسائل المتاحة التي لديهم، ومن الجهة اللبنانية من المفروض مراقبتها.

ومقارنة بالسنة الماضية التي ضبط فيها الجيش حوالي 20 ألف و325 سوريا قال: "ضبطنا منذ بداية العام الجاري وحتى سبتمبر/ أيلول الماضي 22 ألف و820 شخصا قدموا بطريقة غير نظامية من سوريا".

وأردف "وضعنا خطة لتحسين القدرات على ضبط الحدود، منها تطويع المزيد من العناصر، ووضع خطة على صعيد الدولة ككل".

وأكمل "نريد زيادة أعداد الجنود وآليات وكاميرات وأبراج مراقبة إضافية، خاصة أن لدينا 10 أبراج مراقبة فقط بينما نحن نحتاج في مسافة 110 كلم إلى أكثر من عشرين برج تقريبا".

وكان وزير الداخلية والبلديات اللبناني بسام مولوي، قال الأربعاء، إن بلاده لن تسمح بـ "الوجود السوري العشوائي" على أراضيها.

ويواجه لبنان صعوبة في ضبط الحدود مع سوريا نظرا لطولها إذ تبلغ نحو 387 كيلومترا، إضافة إلى تداخلها في كثير من المواقع، لا سيما بمحافظة البقاع (وسط).

ويخشى بعض اللبنانيين من أن النازحين معظمهم من الشباب والمدربين عسكريا، ويمكن أن ينفلت الأمر على مخاطر أمنية، خاصة أن لبنان مستهدف أمنيا وفي ظل الحاجة الملحة لوسائل العيش يمكن أن يشكل هؤلاء مادة دسمة للتجنيد من قبل الجهات ذات المصلحة.

ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في لبنان 1.8 مليون شخص، نحو 880 ألفا منهم مسجّلون لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بحسب تقديرات لبنانية.