'حمس' الجزائرية معارضة إسلامية عالقة في الولاء للنظام

التقلب بين الولاء والمعارضة لم يكن أمرا طارئا داخل حركة مجتمع السلم الإسلامية التي تكابد منذ سنوات لإظهار خروجها من جلباب جبهة الإنقاذ الوطني (الفيس) المحظورة والتي ينسب إليها المسؤولية عما يعرف بحقبة العشرية السوداء في تسعينات القرن الماضي.
انتخاب حساني رئيسا جديدا لـ'حمس' يبقيها في فلك النظام
لقاء مثير للجدل بين مقري وتبون قبل انتخاب قيادة جديدة لـ'حمس'
رئيس 'حمس' واجهة اتهامات بتوريث قيادة الحركة لمقرب منه ومن السلطة
تيار معارض داخل 'حمس' ينتقد خيارات القيادة وتوجهاتها السياسية

الجزائر - تتقلب حركة مجتمع السلم المعروفة اختصارا باسم 'حمس' وهي أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، بين ولاء خفي للنظام ومعارضة معلنة، بينما دخلت مرحلة أخرى من التقلبات مع تجديد القيادة بانتخاب عبدالعالي حساني نهاية الأسبوع الماضي رئيسا جديدا للحركة خلفا لرئيسها المنتهية ولايته عبدالرزاق مقري، فيما سبق هذا الانتخاب حدثين بارزين أشارا بوضوح إلى انقسامات داخلية من جهة وإلى دوران في فلك السلطة.

الحدث الأول الذي كان لافتا ذلك الذي سبق المؤتمر الثامن للحركة المحسوبة على تيار الإخوان المسلمين حيث تعرض مقري لحملة انتقادات واسعة اتهمته بالسعي لتوريث قيادة الحركة لأحد الموالين له وهو عبدالعالي حساني وهو ما تم بالفعل وكشف عدم مغادرة حمس لفلك النظام.

والحدث الثاني كان لقاء أمين عام الحركة المنتهية ولايته مع الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون قبل المؤتمر الثامن وثنائه على دور القيادة السياسية للبلاد وتجربة حمس في المعارضة، بينما يفترض أنها حزب معارض هو صاحب أكبر كتلة برلمانية مع ما يقتضي ذلك من حدود في العلاقة مع السلطة.

ولم يخف مقري أثناء التحضير للمؤتمر الثامن لـ'حمس' غضبه واستياءه من فريق داخل الحركة قال إنه وراء حملة فيسبوكية استهدفت شخصه وروجت لرواية السعي لتوريث قيادة الحركة.

وكشفت تصريحاته بالفعل عن وجود تيار من القيادات معارض لسياسة الارتماء في أحضان السلطة من جهة ولتوريث القيادة لشخصية مقربة من مقري وموالية للنظام.

والتقلب بين الولاء والمعارضة لم يكن أمرا طارئا داخل الحركة الإسلامية التي تكابد منذ سنوات لإظهار خروجها من جلباب جبهة الإنقاذ الوطني (الفيس) المحظورة والتي ينسب إليها المسؤولية عما يعرف بحقبة العشرية السوداء في تسعينات القرن الماضي والتي قتل فيها نحو 200 ألف جزائري في مواجهة دموية عقب انتخابات فاز فيها الإسلاميون وألغى نتائجها الجيش.

وتحاول 'حمس' مثقلة بتلك التركة النأي بنفسها عن نهج العنف، وإقناع الجزائريين بأنها حركة سياسية بمرجعية إسلامية وهو ما يفسر إلى حدّ ما تقلبها بين المعارضة والولاء.

وسبق لها أن حاولت تشكيل جبهة إسلامية موحدة في عهد الرئيس الأسبق الراحل عبدالعزيز بوتفليقة قبل أن تنضم لأحزاب الموالاة وسط خلافات مع شركائها من الأحزاب الإسلامية الأخرى.

عبدالعالي حساني المقرب من مقري رئيسا جديدا لحركة مجتمع السلم
عبدالعالي حساني المقرب من مقري رئيسا جديدا لحركة مجتمع السلم

وفي 2019 ومع تنامي الحراك الشعبي المناهض للولاية الرئاسية الخامسة لبوتفليقة سارعت للقفز من سفينة الموالاة بعد أن أدركت أن الجيش يدفع باتجاه الضغط على الرئيس (بوتفليقة) للاستقالة.

ويقول متابعون لشؤون إخوان الجزائر إن حركة 'حمس' كان ولا يزال هذا دأبها للبقاء في المشهد السياسي فهي باستمرار عالقة بين منزلتين وهذا من أسباب الانقسامات الداخلية.

ويثير تولي عبدالعالي حساني قيادة الحركة خلفا لعبدالرزاق مقري أسئلة حول علاقتها بالسلطة ووضعها الداخلي، بينما يشير التيار المعارض داخلها إلى أن توريث القيادة يؤكد أنها لن تغادر مربع الدوران في فلك السلطة.

وكانت المنافسة على قيادة الحركة قد بدأت مبكرا قبل المؤتمر الثامن الذي عقد في 16 مارس/اذار واحتدمت أساسا بين الوزير السابق عبدالمجيد المناصرة وأمين عام التنظيم الاخواني عبدالعالي حساني المقرب من مقري ويحظى بدعمه ومن دوائر السلطة.

وأعطى اللقاء بين تبون ومقري قبل المؤتمر الثامن، إشارات واضحة لمن سيتولى قيادة الحركة الإسلامية، فيما تحرص النواة الصلبة للنظام الجزائري على إبقاء الإخوان عموما تحت السيطرة وعدم الخروج من بيت الطاعة تفاديا لسيناريوهات تسعينات القرن الماضي حين فتحت السلطة الباب لمشاركة الإسلاميين في الحياة السياسية وكانت النتيجة حربا أهلية دموية.

وفي الظاهر تتبنى حركة مجتمع السلم منذ عام 2012 خيار المعارضة وانتقدت سياسات السلطة وخياراتها وقاطعت الانتخابات الرئاسية التي جاءت بعبدالمجيد تبون للرئاسة في ديسمبر/كانون الأول 2019 وعارضت الاستفتاء على الدستور في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، لكنها لاحقا شاركت في الانتخابات التشريعية وفازت بـ69 مقعدا لتحل في المرتبة الثانية بعد حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم منذ الاستقلال.