خصوم الحلبوسي يصرون على إنهاء مستقبله السياسي بتهم الفساد

التهم الموجهة للحلبوسي تتجاوز التورط في قضايا فساد مالي إلى إجراء اتّصالات غير قانونية مع أطراف خارجية والتواطؤ معها ضد المصالح العليا للعراق.

بغداد – تستمر قضية إقالة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بالتطور ويواجه تهم فساد تهدد بحبسه، مع تصاعد الجدل بشأن محاولات لا تتوقف للقضاء على المستقبل السياسي لمشروع "الديكتاتور السني" رغم أن خصومه يؤكدون أن الاتهامات التي يوجهونها له تأتي في إطار "محاربة الفساد" وليس لتصفية الحسابات.

ورغم تورط غالبية الطبقة السياسية في العراق بقضايا فساد إلا أن الملفّات القليلة التي يتم فتحها تكون انتقائية وتستخدم لتصفية الحسابات وإزاحة الخصوم السياسيين.

وتوقع عضو مجلس النواب العراقي باسم خشان الجمعة، بأن يتم حبس الحلبوسي لمدة لا تقل عن سنة واحدة، وذلك بعد دفع حزب "تقدم" الذي يرأسه مبلغاً مالياً إلى شركة BGR الأميركية دون الحصول على موافقة قانونية.

وقال خشان في منشور له على موقع إكس أن الحلبوسي أقر بالعقد المتضمن دفع 600.000 دولار، بتحويلها الى شركة BGR دون موافقة دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية"، وأضاف أن "هذه جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس لمدة لا تقل عن سنة.

وتنص المادة 50 من قانون الاحزاب السياسية العراقية لسنة 2015 على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات كل مسؤول في حزب أو تنظيم سياسي أرسل أموالا عائدة للحزب إلى منظمات أو أشخاص أو أية جهة خارج العراق دون الموافقة دائرة الأحزاب".

وسبق أن أثيرت قضايا يواجه رئيس مجلس النواب العراقي محمّد الحلبوسي سيلا من الاتهامات تتراوح بين ضلوعه في قضايا فساد مالي والتواصل غير المشروع مع جهات أجنبية والتواطؤ مع الكويت في قضية خور عبدالله والعمل على إلغاء قانون المساءلة والعدالة والدفع بقانون العفو العام بهدف تبرئة مطلوبين للعدالة وإعادة إدماجهم في الحياة السياسية.

وبينما يقول مقربون من الحلبوسي إنّ جميع التهم الموجهة إليه كيدية وتمثّل ضريبة بروزه على الساحة السياسية، يؤكّد خصومه أن التهم الموجهة إليه مدعومة بالوثائق وستأخذ طريقها إلى القضاء.

وتتجاوز التهم الموجهة للحلبوسي مجرّد التورط في قضايا فساد مالي إلى إجراء اتّصالات غير قانونية مع أطراف خارجية والتواطؤ معها ضد المصالح العليا للعراق.

وقدّم هيمن تحسين حميد مدير عام دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، الخميس، شكوى لحل حزب "تقدم" الذي يتزعمه الحلبوسي.

ووفقا للطلب المذيل بتوقيع حميد بتاريخ 30 من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر والموجه إلى الهيئة القضائية للانتخابات، فإن الشكوى استندت إلى قيام الحلبوسي بالتعاقد مع شركة (BGR) الأميركية، وإرسال الأموال إلى الأخيرة دون علم وموافقة دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية".

وأوضح حميد أنه "قد تمّ تشكيل لجنة تحقيقية في دائرتنا (دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية) بموجب الأمر الإداري المرقم (33) المؤرخ في يوم 28 تشرين الثاني/نوفمبر للتحقيق في قيام الحزب المذكور بإرسال أموال الى جهة أجنبية بناء على طلبات الشكوى الواردة الى هذه الدائرة".

وأشار إلى أن توصيات اللجنة المشكلة من الدائرة خلصت إلى إحالة الموضوع إلى الهيئة القضائية للانتخابات بالمفوضية، وإصدار القرار المناسب، استناداً إلى مواد قانون الأحزاب السياسية رقم (36) لسنة 2015.

وردّ مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، طلب الحلبوسي بأن يشغل مقعده النيابي مرشح من قائمة حزب "تقدم" الذي يرأسه هو.

وقررت رئاسة مجلس النواب العراقي انهاء عضوية رئيس المجلس محمد الحلبوسي بشكل رسمي، استنادا الى قرار المحكمة الاتحادية العليا، اعتبارا من تاريخ الرابع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2023.

وأعلنت المحكمة الاتحادية العليا "أعلى سلطة قضائية في العراق" إنهاء عضوية الحلبوسي، على خلفية دعوى قضائية رفعها ضده النائب ليث الدليمي اتهمه فيها بتزوير استقالة له (الدليمي) من عضوية مجلس النواب، وعلى إثره قضت المحكمة الاتحادية بإنهاء عضويتهما. وكان الحلبوسي قد أكد، مساء الخميس، أنه مَثُلَ أمام السلطة القضاء للتحقيق معه في الشكاوى المرفوعة ضده، مشدداً على أنه لن يغادر العراق.

وقال الحلبوسي في مؤتمر صحفي عقده ببغداد "فيما يتعلق بالدعاوى والشكاوى المرفوعة ضدي أعلن أمامكم المثول أمام القضاء وأني ملزم كمواطن وشخصية سياسية بتطبيق القانون وليس أمامنا سوى المثول أمام القضاء".

وأضاف "وأتعهد بالمثول أمام القضاء في أي شكوى يقدمها أي طرف، فنحن نسعى ليكون بلدنا بلد مؤسسات ويكون القانون هو الفيصل"، مشيراً إلى أن "هناك دعاوى قدمت ضدنا بشكل شخصي". وتابع "لن أغادر العراق وسأمثل للقضاء بأي وقت، وأي شخص يتخطى القانون تتم ملاحقته".

ومحمد الحلبوسي هو أول رئيس للمجلس احتفظ بالمنصب لولايتين. ونجح في فرض شخصيته كزعيم سياسي عراقي، وكان يسعى إلى الاستفراد بعنوان "الزعيم السياسي السني الأوحد" بعد أن نجح نجاحا باهرا في انتخابات 2021، إذ احتل المرتبة الثانية، بعد صدارة الكتلة الصدرية، من حيث عدد المقاعد البرلمانية، بحصوله على 37 مقعدا. وهو عدد لم تتمكن من الوصول إليه أي قائمة سياسية سنية تحت لواء قائد سياسي.

ومنذ إقالة الحلبوسي بدأت الخلافات داخل القوى السياسية السنية تلوح في الآفق، مع توقعات بعودة الصراع بشأن منصب رئيس مجلس النواب.
ودار الحديث قبل أشهر عن خلافات حادّة بين رئيس مجلس النواب من جهة ورئيس الحكومة محمّد شياع السوداني والإطار التنسيقي الذي يقف وراء حكومته، من جهة مقابلة، سببها عدم التزام قيادات الإطار بتنفيذ تعهّدات تجاه الحلبوسي ومقرّبين منه كانت قد قطعتها أثناء مفاوضات تشكيل الحكومة.