خلافات حول ادلب وليبيا تسمم العلاقات الروسية التركية
كييف/موسكو - أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاثنين أن بلاده ستستمر في دعم سيادة أوكرانيا ووحدة ترابها بما في ذلك على شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في العام 2014، في تصريح ينذر بتأجيج الخلافات بين البلدين الذين تربطهما علاقات اقتصادية وثيقة وتعاون في سوريا على الرغم من وقوفهما على طرفي نقيض من الأزمة السورية.
كما تأتي تصريحات أردوغان اثر مقتل عدد من الجنود الأتراك والسوريين في تبادل لإطلاق النار في محافظة ادلب المشمولة باتفاق لخفض التصعيد توصلت له كل من موسكو وأنقرة في سبتمبر/ايلول 2019 ضمن جهود التهدئة التي أقرتها جولات مفاوضات في العاصمة الكازاخية برعاية روسيا وتركيا وإيران وهي الدول الضامنة لاتفاق استانا.
كما تأتي التطورات الأخيرة بينما يسود بالفعل توتر بين البلدين على خلفية التدخل التركي في ليبيا والاتهامات التركية لموسكو بإرسال مرتزقة للقتال مع قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، إلا أن الأخيرة أوضحت مرارا أن الوجود الروسي يقتصر على بعض المستشارين العسكريين، نافية نفيا قاطعا صحة المزاعم التركية.
وفي مؤشر يؤكد وجود توتر بين الشريكين، لم يتحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي بعد الأحداث الأخيرة في ادلب حتى ولو هاتفيا على خلاف ما كان سائدا حين تحدث توترات على الأرض في المحافظة التي تعتبر آخر معقل بارز للمعارضة السورية المدعومة من تركيا.
ويتناغم موقف أردوغان من وضع شبه جزيرة القرم مع الموقف الغربي الرافض للتدخلات الروسية في أوكرانيا والذي يصف ضم شبه الجزيرة الأوكرانية للاتحاد الروسي بـ"الاحتلال".
ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قوله، إن المسؤولين العسكريين الروس والأتراك على اتصال مستمر بشأن المستجدات في محافظة إدلب السورية.
وأوضح أن الرئيسين الروسي والتركي لم يتحدثا عقب التطورات في ادلب، إلا أنه أضاف أن الاتصالات مستمرة بين العسكريين الروس ونظرائهم الأتراك.
وكانت موسكو قد حملت قبل أشهر الجانب التركي المسؤولية عن تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار في تلك المنطقة، في الوقت الذي فشلت فيه أنقرة في إقناع الجماعات المتشددة بالانسحاب بأسلحتهم الثقيلة من المنطقة العازلة.
وتشترط دمشق وموسكو انسحابا كاملا للفصائل السورية المتشددة من المنطقة المشمولة باتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدتان في الوقت ذاته أنهما ستستمران في ملاحقة الجماعات الإرهابية في ادلب.
وعبرت روسيا الاثنين عن قلقها من أنشطة المجموعات الإرهابية في إدلب وهي المجموعة التي يعتقد بقوة أن لها صلات بأنقرة وبعضها تلقى تمويلات تركية سخية في السنوات الأولى للحرب السورية بينها جبهة تحرير الشام (النصرة سابقا).
وفي وقت سابق أعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل 5 من جنودها وموظف مدني جراء قصف مدفعي مكثف لقوات النظام السوري في محافظة إدلب.
وقال مدير الاتصالات التركي اليوم الاثنين إن أنقرة لن تتردد في اتخاذ إجراء ضد القوات السورية إذا لم تتمكن روسيا من احتوائها بعد أن قالت تركيا إن خمسة من جنودها قتلوا في قصف سوري في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وقت سابق اليوم إن تركيا ستواصل الرد، مضيفا أن أنقرة أبلغت روسيا بأن "عليها التنحي جانبا" عن الصراع.
وتساند أنقرة معارضين يقاتلون الرئيس السوري بشار الأسد في حين تدعم روسيا قوات النظام ونجحت منذ تدخلها عسكريا في سبتمبر/ايلول 2015، في ترجيح الكفة لصالح الأسد بعد أن كان على وشك السقوط.
وكتب فخرالدين التون على تويتر "هجوم نظام الأسد على قواتنا هو أحدث مثال على أفعاله الخسيسة في شمال سوريا، مضيفا "إذا كانت روسيا غير قادرة على احتواء نظام الأسد ومنعه من استهدافنا فلن نتردد في اتخاذ إجراءات في مواجهة أي تهديد كما فعلنا اليوم في إدلب".
وكان مركز المصالحة الروسي قد أعلن في وقت سابق أن الجيش التركي لم يبلغ روسيا بتحركاته في منطقة إدلب عندما تعرض لنيران القوات الحكومية السورية.
وقال في بيان "قامت وحدات الجيش التركي في ليل الثاني من شهر شباط بالتحرك داخل منطقة خفض التصعيد في إدلب دون إبلاغ الجانب الروسي ووقعت تحت قصف القوات الحكومية لمواقع الإرهابيين غربي منطقة سراقب".
وأضاف "تتم مراقبة المجال الجوي فوق منطقة خفض التصعيد في إدلب باستمرار من قبل القوات الجوية الفضائية الروسية. لم ينتهك سلاح الجو التركي حدود الدولة السورية ولم يتم تسجيل هجمات على مواقع القوات السورية".