خيارات محدودة للاتحاد الأوروبي في مواجهة ترامب

الأوروبيون جربوا كل الخيارات ووصلوا إلى طريق مسدود في محاولة إثناء ترامب عن المضي قدما في فرض رسوم على واردات الصلب والالمنيوم وعن الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران.

قمة السبع رسمت صورة قاتمة للعلاقات الأميركية الأوروبية
ترامب أخرج الأوروبيين من قمة السبع اذلاء ومربكين
الأوروبيون تاهوا بين محاولات استرضاء ترامب ومواجهته
ترامب شخص يصعب السيطرة عليه ولا يصغي لأحد
"واشنطن لن تكون بعد الآن الدرع التي ستحمي أوروبا في مواجهة موسكو"

باريس - عاد الأوروبيون من قمة الدول الصناعية السبع في كندا وهم يشعرون بالمذلة والارتباك بسبب الرئيس الأميركي دونالد ترامب المصمم على المضي قدما دون أن يعيرهم أي اكتراث، في تجاهل أثار غضب الشركاء التقليديين للولايات المتحدة ووضعهم بين محاولات الاسترضاء والمواجهة والالتفاف.

واستخدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورقة الصداقة مع الولايات المتحدة حتى النهاية، لكن دون جدوى، حيث لم ينفع ذلك بالنسبة لاتفاق باريس بشأن المناخ ولا الاتفاق الدولي حول برنامج إيران النووي ولا التجارة الحرة.

كما لم تنجح بطاقة الصداقة التي أظهرها الرئيس الفرنسي لنظيره الأميركي محاولا الدخول على خط ترامب من الحيز الشخصي.

وتفيد تقارير صحافية بأن حواراتهما الشخصية كانت أحيانا صاخبة، ففي بداية يونيو/حزيران وصفت محطة "سي إن إن" محادثة هاتفية بين الرجلين بأنها كانت "رهيبة"، والاثنين، قال موقع "اكسيوس" الأميركي إن ترامب قال لماكرون في نهاية ابريل/نيسان في واشنطن إن الاتحاد الأوروبي "أسوأ من الصين" في المجال التجاري.

وقال مصدر أوروبي رافق ترامب خلال زيارته لبروكسل في مايو/أيار 2017 إن ترامب "تتعذر السيطرة عليه ولا يصغي لأحد".

وقال الخبير السياسي الفرنسي دومينيك مويزي لصحيفة لو باريزيان "من الواضح أن ماكرون لم يأل جهدا تجاه ترامب، لكن دون جدوى".

وقال ماكرون في كندا ""مع الرئيس ترامب، حرصت دائما على بناء علاقة تتسم بأقصى درجات الود وسأواصل على هذا المنوال، هذه العلاقة ما زالت كما هي منذ البداية. لم تحل هذه العلاقة بتاتا دون الإعراب عن الاختلافات في وجهات النظر من هذا الجانب أو ذاك".

ويمكن أن ينجح الأمر من الناحية التجارية، لكنه أكثر صعوبة في قضايا مثل مكافحة التغير المناخي أو البرنامج النووي الإيراني.

وقالت ستيفاني فايس من معهد برتلسمان ستفتونغ الألماني إنه "بالنسبة إلى التجارة والحواجز الجمركية، يحظى الاتحاد الأوروبي بموقع جيد، وهناك فرصة" للفوز.

وقالت باسكال جوانين من مؤسسة روبرت شومان إنه "في مجال التجارة، لدى أوروبا القدرة على مواجهة الولايات المتحدة وكذلك في مجال المنافسة، لقد رأينا ذلك من خلال الغرامات المفروضة على غوغل على سبيل المثال".

وفي ما يتعلق ببدء إجراءات لدى منظمة التجارة العالمية واتخاذ تدابير انتقامية ضد بعض السلع الأميركية، لدى الاتحاد الأوروبي الذي تمثل دوله قوة اقتصادية كبيرة الوسائل لمحاربة الولايات المتحدة.

لكن عليهم أن يظلوا موحدين سياسيا وهذا يمثل تحديا بالنسبة للاتحاد الذي مزقت دوله بعضها البعض مرارا في الماضي دفاعا عن المصالح الوطنية.

وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل "سيكون علينا أن نفكر في ما يتعين علينا القيام به. آمل أن نعمل معا كما فعلنا حتى الآن".

ويضع ترامب صناعة السيارات الألمانية في مرماه لأنه يرى أن الولايات المتحدة تستورد السيارات الألمانية بأعداد تزيد عن المقبول.

وتقول فايس "إذا لم يتمكنوا من التوصل إلى تسوية داخل الاتحاد الأوروبي، لا يمكنهم أن يكونوا لاعبين عالميين".

وتهتبر مسألة تجاوز ترامب مسألة حساسة جدا فالولايات المتحدة هي القوة الاقتصادية والعسكرية والمالية الأولى في العالم.

وعندما تنسحب من الاتفاقية العالمية للمناخ، فإن وجود الاتفاقية في حد ذاته يصبح عرضة للخطر، لكن في الوقت الحالي لا تزال الدول الأخرى الموقعة عليها ملتزمة بها متكئة بشكل خاص على صمود الصين وحكام بعض الولايات الأميركية.

وفي ما يتعلق بإيران، يُخشى من عواقب وخيمة للانسحاب الأميركي، فنظرا لقوة بلاده المالية وهيمنة الدولار، يهدد ترامب بمعاقبة الشركات العالمية التي تجرؤ على الاستمرار في التعامل التجاري مع طهران.

ورغم محاولة الاتحاد الأوروبي الرد وحماية مصالحه، حققت العقوبات هدفها إذ أعلن العديد من الشركات بالفعل أنها ستنسحب من إيران.

وقالت جوانين "نحن أمام لحظة حاسمة". سياسيا، سيتعين على القادة الأوروبيين أن يحددوا خياراتهم واغتنام الفرصة من أجل المزيد من التكامل.

وفي مجال الدفاع، يقول ترامب بوضوح إن الولايات المتحدة لن تكون بعد الآن الدرع التي ستحمي أوروبا بمواجهة موسكو.

وأضافت جوانين إنه "يجب أن تتولى أوروبا زمام أمورها في عدد من القضايا بما في ذلك الدفاع".

لكن بدفع من الانسحاب الأميركي، يمكن للأوروبيين أن ينتهزوا الفرصة وأن يتحركوا نحو تحقيق المزيد من التكامل.

إلا أن العديد من الحكومات المشككة في البناء الأوروبي وصلت إلى السلطة بأصوات الأوروبيين الذين ضاقوا ذرعا بالسياسات المتبعة حتى الآن وخصوصا إدارة أزمة الهجرة.

وتابعت إنه "إلى جانب إيمانويل ماكرون وأنغيلا ميركل، لدينا دول أكثر ترددا مثل بولندا والمجر وإيطاليا والنمسا وهولندا".

وستجري الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة في العام 2020، فهل يمكن للأوروبيين أن يقاطعوا الرئيس الأميركي فيما يراهنون على تحول مفترض في البيت الأبيض؟.

 وتقول فايس إن هذا "سيكون نهجا غير مسؤول على الإطلاق. ستجدون أنفسكم مرتهنين بشكل كامل للآخرين. وهذا يعني وضع المصير الأوروبي في أيدي الناخبين الأميركيين".

ودافع الاتحاد الأوروبي عن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بعدما وصفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ"المنافق" و"الضعيف"، لانتقاده فرض الولايات المتحدة رسوما جمركية على وارداتها من الصلب والألومنيوم.

وجاء ذلك على لسان الناطق باسم المفوضية الأوروبية مارغريتس شيناس في تصريح أدلى به اليوم الإثنين في بروكسل، أكد فيه دعم الاتحاد الأوروبي لبيان قمة قادة مجموعة الدول السبع الكبرى الختامي.

وقال شيناس، إن "الاتحاد الأوروبي سيواصل دعم النظام الدولي القائم على القواعد والمتعدد الأطراف".

وأشار إلى تقديم رئيس المفوضية الأوروبية جان- كلود يونكر، تهانيه لرئيس الوزراء الكندي بمناسبة نجاحه في استضافة قمة مجموعة السبع الكبرى.

واختتمت أعمال قمة قادة مجموعة الدول السبع الكبرى الأحد في نسختها الـ44، في مقاطعة كيبك جنوب شرقي كندا، بعد أن بدأت الجمعة الماضية.

ورفض ترامب التوقيع على البيان الختامي للقمة عقب انتقادات وجهها ترودو لقرار واشنطن فرض رسوم جمركية على وارداتها من الصلب والألومنيوم.

ومطلع يونيو/حزيران دخلت حيز التنفيذ رسوم جمركية فرضتها الولايات المتحدة على وارداتها من الصلب (25 بالمائة) والألومنيوم (10 بالمائة) القادمة من الاتحاد الأوروبي والمكسيك وكندا.

وأغضب القرار الأميركي الأوروبيين بشكل كبير بسبب الضرر الذي سيلحقه بصناعة الصلب والألومنيوم الأوروبية.