دبلوماسية بخطوات متثاقلة.. إيران والولايات المتحدة على حافة مواجهة عسكرية

حتى اللحظة، الدبلوماسية ما زالت تملك فرصة صغيرة للنجاح وضمن ذلك فإن السيناريوهات المستقبلية لإيران في ظل الصراع مع إسرائيل والولايات المتحدة معقدة ومتداخلة.

سياق التصعيد بين إيران والولايات المتحدة متقلب ومليء بالتكتيك. ووفقا لصحيفة "نيويورك تايمز" فإيران أبدت استعدادها لقبول عرض ترامب للقاء قريباً، وهذا يوحي بأن طهران تبحث عن مخرج دبلوماسي أو على الأقل تريد كسب وقت وسط التصعيد الحالي. في المقابل، "وول ستريت جورنال" ذكرت أن الرئيس دونالد ترامب وافق فعلاً على خطط للهجوم على إيران لكنه لم يصدر أمراً نهائياً بعد، ما يعني أن الخيار العسكري ما يزال مطروحاً بقوة ولكنه غير محسوم.

إيران تلوّح بالمرونة الدبلوماسية لتخفيف الضغوط أو كسب تنازلات، بينما ترامب يستخدم التهديد العسكري كورقة ضغط لانتزاع تنازلات أكبر من طهران. كل طرف يحاول دفع الآخر للخطوة الأولى، لكن لا أحد يريد الانزلاق بسرعة إلى مواجهة مباشرة. "لعبة أعصاب، وتكتيك عالي المستوى."

الواضح أن إيران فعلاً تدرس خيار اللقاء مع إدارة ترامب، لكن حتى الآن المسألة تبدو أقرب إلى المناورة من جانب الطرفين. إيران تريد استغلال أيّ فرصة لتهدئة التصعيد أو كسب تنازلات، وترامب يستخدم فكرة اللقاء كورقة ضغط، مع إبقاء الخيار العسكري جاهزاً إذا لم يحصل على ما يريد.

بين القبول والرفض، فإن كل طرف يختبر جديّة الآخر، لكن لا أحد مستعد للذهاب حتى النهاية. باختصار، إيران قد تذهب للقاء إذا شعرت أن هناك مكسباً حقيقياً، لكن حتى ذلك الحين، تبقى المناورة هي العنوان الرئيسي.

أسلوب المناورة بين إيران وترامب نجح حتى الآن في تأجيل مواجهة عسكرية مباشرة، لكن الوضع يبقى متوترا جداً وكل شيء وارد حسب التطورات الميدانية والسياسية. ترامب يضغط عسكرياً ويترك باب التفاوض مفتوحا، بينما إيران تلوح بالقبول لكنها تضع شروطاً وتراقب خطوات واشنطن عن كثب.

بهذا المعنى فإنه يبدو واضحاً بأن كل طرف يستخدم التهديد والمرونة في نفس الوقت، لكن أيّ خطأ أو تصعيد مفاجئ قد يؤدي إلى قلب الطاولة. اللعبة محفوفة بالمخاطر، والطرفان فعلاً على شفا مواجهة عسكرية، خصوصاً مع تصاعد التوترات وتحركات ترامب العسكرية التي تشمل تعزيزات ضخمة وإمكانية ضرب المنشآت النووية الإيرانية مثل فوردو.

وبالتالي، فإن احتمال أن يقوم أحد الطرفين بخطوة مفاجئة مرتفع جداً في الأيام القادمة، خاصة مع وجود ضغوط داخلية وخارجية على ترامب والنظام الإيراني، وكل طرف يحاول فرض واقعه. لكن في الوقت نفسه، لا يمكن استبعاد أن تبقى المناورة مستمرة لفترة قصيرة لتفادي تصعيد شامل، خصوصاً مع المخاوف من اتساع النزاع في المنطقة.

حتى اللحظة، الدبلوماسية ما زالت تملك فرصة صغيرة للنجاح، وضمن ذلك فإن السيناريوهات المستقبلية لإيران في ظل الصراع مع إسرائيل والولايات المتحدة معقدة ومتداخلة، وهناك عدة مسارات محتملة حسب التطورات الأخيرة:

السيناريو الأول: عودة إيران إلى المفاوضات النووية مع الغرب مقابل تخفيف الضغط العسكري الإسرائيلي، خصوصًا مع قرب انتهاء بعض العقوبات الدولية في أكتوبر 2025. هذا قد يمنح إيران فرصة لالتقاط الأنفاس اقتصاديًا وسياسيًا، لكنه يتطلب تنازلات في الملف النووي.

 السيناريو الثاني: استمرار أو تصاعد الهجمات المتبادلة مع إسرائيل دون اتفاق سياسي، ما قد يؤدي لاستنزاف قدرات إيران العسكرية وتراجع نفوذها الإقليمي، خاصة بعد خسارتها لبعض أذرعها مثل حماس وتراجع دور حزب الله وسوريا.

 السيناريو الثالث: توجه إيران نحو إستراتيجية دفاعية أكثر، مع التركيز على حماية الداخل وتقليل المغامرات الخارجية، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية والاحتجاجات الشعبية المتزايدة.

 السيناريو الرابع: تسريع إيران لبرنامجها النووي، مع ما يحمله ذلك من مخاطر ضربة استباقية إسرائيلية أو حتى أميركية، ما يضع النظام أمام تحد وجودي حقيقي.

ختاماً، كل هذه السيناريوهات تدور حول نقطة محورية، وهي قدرة النظام الإيراني على التكيف مع متطلبات الداخل وتغيرات الإقليم، دون ذلك قد تتفاقم التصدعات الداخلية وتضعف مكانته الإستراتيجية بشكل غير مسبوق، ورغم ذلك فإن الدبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة تسير بخطوات متثاقلة وعلى حافة مواجهة عسكرية، خاصة بعد تصاعد التهديدات المتبادلة والتلميحات الأميركية باحتمال التدخل العسكري إلى جانب إسرائيل ضد إيران، وتحذيرات طهران من “عواقب لا يمكن إصلاحها” إذا تدخلت أميركا عسكرياً. ورغم التصعيد، لا تزال هناك إشارات خجولة لإمكانية العودة إلى طاولة التفاوض، لكن الأجواء مشحونة جداً بين أطراف الصراع، وأيّ تصعيد مفاجئ قد يشعل مواجهة دون حدود.