دعوات عاجلة لمحاصرة 'وباء' السجائر الإلكترونية

العديد من الحكومات والسلطات الصحية تسعى لوضع سياسات لمنع وتنظيم التدخين الإلكتروني، لاسيما بين المراهقين.

إسطنبول - أصبحت السجائر الإلكترونية المعروفة باللغة الإنجليزية باسم "Vape" مصدر ذعر للعديد من الحكومات والسلطات الصحية، لدرجة تصنيفها من قبل الخبراء بأنها "وباء" يهدد صحة المراهقين على وجه الخصوص.

ولوحظ أن الولايات المتحدة من أكثر البلدان التي تعاني من وباء "السجائر الإلكترونية"، على خلفية الارتفاع الملحوظ في عدد مستخدميها من المراهقين.

كما دفع الترويج المبالغ فيه بأن السجائر الإلكترونية أفضل على الصحة من نظيرتها التقليدية العديد من الدول إلى حظر استخدامها وفرض قيود صارمة عليها، وكانت آخر هذه الدول أستراليا.

وتعهد وزير الصحة الأسترالي مارك باتلر، الثلاثاء، بفرض قيود صارمة على بيع السجائر الإلكترونية، داعيا إلى المزيد من التشديد في عمليات البيع وألا يتم التعامل بطريقة "فضفاضة" مع القوانين المنظمة لهذه العادة.

وقال باتلر خلال كلمة ألقاها في نادي الصحافة الوطني في أستراليا إن عمليات بيع السجائر الإلكترونية في بلاده شهدت "أكبر ثغرة في تاريخ الرعاية الصحية الأسترالية"، مشيرا إلى تحول السجائر الإلكتروني إلى "منتج ترفيهي" في البلاد.

وأضاف أن هناك قصورا في حكومته تجاه القوانين المنظمة لبيع السجائر الإلكترونية، موضحا "كان هناك حظر لكن دون تطبيق حقيقي، ومنتج يسبب الإدمان ولا يرافقه أي دعم من أجل الإقلاع عنه وعن عادة التدخين"، منتقدا تبني شركات التبغ لمنتجات جديدة تسبب الإدمان، لكن هذه المرة يتم بيعها في عبوات "جذابة ونكهات لذيذة".

وانتشرت السجائر الإلكترونية على نطاق واسع في أستراليا كمنتج ترفيهي، لاسيما بين الشباب في المدن.

وتطبق أستراليا بالفعل شرطا يلزم الشخص بتقديم شهادة طبية لاستخدام السجائر الإلكترونية، بيد أن هذا القطاع يخضع لسوء تنظيم في ظل انتعاش السوق السوداء.

ولفت الوزير الأسترالي إلى أن القلق المتزايد من السجائر الإلكترونية هو استخدام المراهقين لها "بشكل مكثف"، لاسيما في الولايات المتحدة.

وأشارت الأبحاث إلى أن واحدا من كل 6 أستراليين تراوح أعمارهم بين 14 و17 عاما استخدم سجائر إلكترونية، مقارنة بواحد من كل 4 أشخاص ممن تراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما.

وفي هذا الشأن، نوه باتلر إلى أن السجائر الإلكترونية "تستهدف المراهقين عمدا"، مشددا على خطورة توفرها في متاجر البيع بالتجزئة.

وفي حين خلصت دراسات لعدد من الخبراء عام 2015 إلى أن السجائر الإلكترونية بالفعل "أكثر أمانا وأفضل على الصحة" من السجائر القابلة للاحتراق، فإن معارضي هذه العادة يشيرون إلى حقيقة أن "الكثير من غير المدخنين باتوا يتبنون هذه العادة، وعليه الحصول على نسب عالية من النيكوتين المسببة لإدمانه".

السجائر الإلكترونية
تفشي أمراض الرئة

وفي محاولة السيطرة على هذا الوباء الجديد، لفت الوزير الأسترالي إلى أن حكومته ستعمل على أن يلزم شراء السجائر الإلكترونية وجود "وصفات طبية ضرورية بالنسبة إلى منتجات التدخين الإلكتروني التي ستبقى قانونية".

وأوضح أن القرارات الجديدة ستلزم أن تصبح السجائر الإلكترونية شبيهة بـ"عبوات المستحضرات الصيدلانية"، فضلا عن فرض قيود على النكهات والألوان وتركيزات النيكوتين والمكونات الأخرى.

وتابع "لن يتوافر بعد الآن نكهات العلكة أو الأنواع الوردية أو السجائر الإلكترونية المتخفية في هيئة أقلام تمييز نصوص للأطفال التي يسهل إخفاؤها في حافظة أقلام الرصاص الخاصة بهم".

وتسبب تفشي أمراض الرئة في الفترة خلال عامي 2019 و2020 في الولايات المتحدة في 68 حالة وفاة مرتبطة بمنتجات التدخين الإلكتروني في 27 ولاية أميركية وفي مقاطعة كولومبيا.

وأرجع الخبراء الوفيات إلى عمليات التصنيع غير القانوني وغير المنظم لمنتجات التدخين الإلكتروني.

وأدى فعليا الارتفاع الأخير في استخدام المراهقين الأميركيين للسجائر الإلكترونية وسبل الدعاية التي تستهدفهم بخلق حالة ذعر وصفها البعض بأنها بمثابة "وباء"، مما أجبر الحكومات في جميع أنحاء العالم على فرض قيود صارمة وحظر صريح.

وتعد تايلاند الدولة الأكثر صرامة فيما يتعلق بالسياسات المقيدة للتدخين الإلكتروني، حيث حظرت السلطات – على الورق على الأقل – السجائر الإلكترونية منذ عام 2014.

ويواجه السائحون الذين يزورون تايلاند احتمال بالسجن 10 سنوات، في حالة القبض عليهم وهم يستخدمون السجائر الإلكترونية، أو قد يجبرون على دفع غرامات باهظة تقترب من نحو 1000 دولار أميركي.

وبشكل عام، لدى بعض الدول الآسيوية الأخرى لوائح صارمة بهذا الشأن، بينها سنغافورة التي تحظر إدخال السجائر الإلكترونية إلى البلاد، بينما تفرض بوتان وتركمانستان غرامات.

وكانت اليابان واحدة من الدول الرائدة في حظر التدخين الإلكتروني، بعد أن منعتها عام 2010، علما بأن ليس هناك أي قواعد تحظر استخدام السجائر الإلكترونية التي لا تحتوي على النيكوتين.

وفرضت الهند حظرا على بيع وإنتاج السجائر الإلكترونية في عام 2019.

السجائر الإلكترونية
شعبية متزيدة

وجعلت تايوان بيع أو استيراد السجائر الإلكترونية أمرا غير قانوني، ولا يُسمح للسائحين بإدخال السجائر الإلكترونية إلى البلاد.

وحظرت قطر على غرار تايلاند السجائر الإلكترونية منذ عام 2014، ويواجه مدخنوها عقوبة السجن لمدة ثلاثة أشهر أو غرامة قدرها 2500 دولار.

وفي تركيا، لا يعد استخدام السجائر الإلكترونية سلوكا غير قانوني ولكن شراءها لا يزال غير قانوني.

وبالمثل، يعتبر بيع أو توزيع السجائر الإلكترونية غير قانوني في إيران، في حين أن كوريا الجنوبية تفرض ضرائب كبيرة على منتجات السجائر الإلكتروني، إلا أنها تسمح بالبيع والإنتاج.

من ناحية أخرى، فإن الدول الأوروبية لا تفرض سياسات صارمة في هذا الشأن، وتعتبر منتجات التدخين الإلكتروني قانونية ويتم بيعها علنا في العديد من الدول الأوروبية.

وتسمح بلجيكا والمملكة المتحدة وإستونيا بأخذ النيكوتين تحت مستويات معينة، في حين أن أربع دول اسكندنافية وهي الدنمارك والسويد والنرويج وفنلندا، رغم السماح بالمبيعات، تنظم بشكل صارم استخدام السجائر الإلكترونية، بما في ذلك حظر الإعلان عن السجائر الإلكترونية.

حظرت أكبر دولتين في أميركا الجنوبية وهما البرازيل والأرجنتين، التدخين الإلكتروني، بما في ذلك بيع السجائر الإلكترونية وإنتاجها واستيرادها والإعلان عنها، لكن ظل الوضع في كندا والولايات المتحدة، أكثر ضبابية بعض الشيء.

في حين أن وضع استهلاك السجائر الإلكترونية لا زال غير منظما إلى حد كبير في كندا، هناك جهود لفرض القيود، إلا أن السياسات المحلية تختلف من ولاية لأخرى.

وفي الولايات المتحدة وبعد تفشي حالة الذعر من السجائر الإلكترونية، أمرت إدارة الغذاء والدواء الأميركية بوقف مبيعات منتجات السجائر الإلكترونية ذات النكهات الحلوة والفاكهة، في محاولة واضحة للحد من الإقبال عليها من قبل المراهقين.

ومع ذلك، لا تزال السجائر الإلكترونية المنكهة التي تستهدف الشباب تباع في الولايات المتحدة بسبب بعض الثغرات في القانون.

بيد أنه مع ازدياد شعبية التدخين الإلكتروني يوما بعد يوم، أصبح سن لوائح عالمية للسيطرة على هذه العادة وتنظيمها أمرا لا مفر منه من أجل الحفاظ على المراهقين.